ما أجمل الشعرعندما يضرب إعصاره دواخلنا على غير انتظار، ودون أي ظواهر توحي بذلك ويغلق بكل جرأة وتعسف جميع الأبواب والنوافذ ومسامات الجسم أمام النوم، ويصرخ في وجه كل غفوة عابرة، ويضع لافتة على مدخل الهدوء تشير إلى أن المكان مغلق حتى إشعار آخر، ونمتثل له ونصدقه. نبتهج به حين يجتاحنا كطوفان هائج، ونغرد حين يجرف سكوننا، نحتفل برجفة زلزاله، وثورة بركانه ونستبشر بانهيار مقاومتنا أمام سنابك خيوله، عيدنا بعودة قلقه، وقلقنا بفقدان أقلاقه. أوليس من العجب أن تتقاذفنا أمواجه لتعيد لنا التوازن، وتمنحنا الطمأنينة؟.. ما معنى أن نحترق به ومنه ومعه ولأجله فتفوح أرواحنا بعطره، يبحر بنا بعيدا عنا فنحس بالأمان، كيف تصبح مكاسبنا الكبرى أكثر خسائرنا في سبيله؟. الخوف عليه (منا) أولا جزء مهم من مسؤولية الحفاظ عليه، بعض الشعراء يبتعد عن الشعر فنظن أن وجدانه قد مات، أو استقال من الهيئة العليا للدهشة وربما شاركنا ذات الشاعر ذات الظنون ليفاجأ هو ونحن أن الشعر في قلب (الشاعر الحقيقي) لا يموت إلا بموت مبدعه. والأعجب من ذلك كله ألا يدرك إلا القليل من محبي وممارسي (الشعر) أن له شيما، فمتى ذهبت أنت إليه دون دعوة منه ربما أقفل الباب في وجهك.