أشعر - وأنا مشرف تربوي - بأن أهم مطلب لدى المعلمين يتمركز في تقديم مادة تدريبية عند الزيارة، يلمسون فيها الفائدة التي تعود على تطوير قدراتهم ورفع كفاياتهم، مع قناعتي بأن هناك معلمين مميزين في مدارسنا. من هذه الرغبة ولدت هذه السطور التي أحاول أن أختصر فيها حصة درس بشكل تطبيقي، يكون التفكير فيها حاضراً، والتلميذ محوراً أساسياً. دعوني بداية أطلب أن يتصور القارئ أنه مُعلِّم.. (1) فأول ما على (المعلم) حينما يدخل إلى صفه الدراسي أن يبدأ بالتهيئة الصفية للدرس الجديد؛ فيبدأ بالتحية؛ ليستميل قلوب وعقول طلابه، وقبل أن يبدأ في تقديم درسه الجديد لا بد من أن يقوم على استثارة الخبرات والمعارف السابقة لدى تلاميذه، على سبيل المثال: قبل أن يعلم معلم الصف الأول طلابه حرفاً جديداً يقوم بتقسيم تلاميذ صفه إلى مجموعات متجانسة، ثم يضع أمام كل مجموعة جميع الحروف الهجائية، إما على شكل بطاقات، أو حروف مجسمة من «الفلين»، ثم يطلب من كل مجموعة أن يفرز أعضاؤها الحروف التي دُرِست على حدة، والحروف الجديدة التي لم تُدرس بعد يتم وضعها على حدة. المعلم بهذا التدريب المدخل، أو التهيئة، قد استثار خبرات سابقة لدى تلاميذه، ستساعدهم على كسب مهارات وخبرات جديدة، هذا مثال، وهناك أساليب تهيئة أخرى كالقصة، أو افتعال مشكلة، ومشاركة التلاميذ في البحث عن حل، أو إلقاء قصة، وترك التلاميذ ليضعوا نهايتها، بحسب «تفسيراتهم الخاصة». (2) بعد التهيئة «الجذبية» يبدأ المعلِّم في تقديم الدرس الجديد، ويكون عندئذ التلاميذ على استعداد للتفاعل مع المعلم؛ لأنه هيأهم للخبرات الجديدة، وسيحدث اندماج بين الخبرات السابقة والخبرات الجديدة، (يحاورهم، يسألهم، يضعهم أما اختبار للتفكير، يترك لهم أن يتولوا صنع المعلومة وبناء معارفهم بأنفسهم، ويتحول دوره إلى مدير للأسئلة، متابع للإجابات، موجِّه، محفِّز، مشجِّع لأسئلتهم، مرجع لما يَشْكُل عليهم، مجيب عن تساؤلاتهم، مصحح لمعلومتهم..)، وبهذا يكون المعلِّم قد خرج من ربقة التقليدية بأن يتولى الشرح والتصحيح والتوضيح وفرض الأوامر، والتلاميذ فقط يسمعون ما يُلقى عليهم بدون تفاعل؛ فمن الطرق الخاطئة على سبيل المثال: عندما يقرأ التلميذ ويخطئ نلحظ أن المعلّم يصحح له مباشرة، وكلما تكرر تعثر التلميذ أو أخطأ صحح المعلم له، بهذا الأسلوب يكون المعلم هو من قرأ، وليس التلميذ، الذي لن يتعلم القراءة بهذا الأسلوب؛ لأنه كلما أخطأ وجد من يصحح له دون أن يعطيه فرصة التعلم بنفسه. (3) بعد تقديم الدرس يأتي دور التقويم الختامي، من خلال إلقاء المعلّم أسئلة، أو إجراء اختبار تحريري على المهارة، إذا كان الدرس مهارة إملائية، أو مسألة حسابية، أو موضوعاً في العلوم، أو يجري اختباراً شفهياً إذا كان الدرس آيات قرآنية، أو قراءة درس (مقطع قرائي). بعد الانتهاء من الدرس سنجد أن المعلم قد أخذ ما مقداره 20 % من جهد الدرس، وزمن الحصة، وأعطى تلاميذه 80 % من اكتساب المعارف وتعلم المهارات، وقدّم درساً ماتعاً أتاح خلاله للتلاميذ استخدام العمليات العقلية، وتفكيرهم، وطاقاتهم، وقدراتهم، في إنتاج المعرفة. [email protected]