أشرفت قبل أسبوع على ورشة رسم للأطفال في أحد المجمعات التجارية بالرياض، وكان الأطفال المشاركون من مختلف الجنسيات ومن مختلف الأعمار ذكوراً وإناثاً، وكان أكثر ماشد انتباهي هو موضوع رسم الكوخ ذي النافذة الدائرية على يمينه شجرة وعلى يساره شجرة أخرى، وربع دائرة باللون الأصفر في إحدى الزوايا العليا للورقة تمثل الشمس، وبعض طيور على شكل حرف M، لاأبالغ إن لم يكن 75% من الأطفال المشاركين قاموا برسم هذا التكوين والذي لازلت أتذكر أني وغيري نرسمه حين كنا صغاراً قبل عقدين وأكثر من الزمن، هذا التكوين لا ينتمي لبيئتنا؛ وإن كان في السابق يُعزى اختيار الطفل لرسمه لأنه يظهر عبر أفلام الكارتون؛ فإن الجيل الحالي يتابعون أفلام كارتون مختلفة تماماً؛ كشخصية سبونج بوب المشهورة بشكل كبير، التي لم يرسمها سوى طفل واحد، هذا يدل على أن تدريس التربية الفنية هو المسؤول عن مثل هذا الضمور في الخيال الإبداعي لدى الأطفال لأن هذا الموضوع لن يرسمه الطفل إلا عندما يطلب منه رسم موضوع حر، وهو ما يتكرر حدوثه في أغلب الحصص، ونعلم أن خيال الطفولة الخصب إذا ما أعطي الاهتمام الكافي فإنه يساهم في بلورة شخصية ناجحة في المستقبل بإذن الله، وللأسف لايزال الإيمان بأهمية التربية الفنية لدينا ضعيفاً بل ويتقلص سلبياً، في حين يتنامى الاهتمام والتنافس لرعاية الطفولة من خلال الفن في المجتمعات الأخرى، كبرامج التربية المتحفية المرتبطة بالإنتاج الفني، وإدراج تاريخ الفن والنقد الفني في إستراتيجية تدريس الفنون للأطفال وربطها بالأسس الفكرية والتقنية التي يمكن للطفل أن يستغلها في ابتكار تعبيرات فنية؛ التي وإن كانت فطرية إلا أنها نابعة من أسس مدروسة تعكس الرعاية والاهتمام بالتربية عن طريق الفن.