هل أنت جالس الآن؟ نصيحتي لك: قف! قف الآن على قدميك واعزم ألا تكثر الجلوس من الآن فصاعداً! منذ أن ظهر التلفاز والكمبيوتر والوظيفة فإن البشر صاروا يجلسون بالساعات وراء الساعات، فنحن نجلس اليوم بمعدل 9 ساعات يومياً، وهذا أكثر حتى من الوقت الذي نقضيه نائمين (معدل 7-8 ساعات)، غير مدركين الأخطار الكثيرة والكبيرة التي يسببها هذا. هذه ليست مبالغة، فالجلسة الطويلة يومياً لا تضر الجسد فحسب بل تدمره تدميراً، خاصة على المدى البعيد.الجسم البشري لم يُصمم للجلوس لفترات طويلة، بل الحركة المستمرة هي ما يريده الجسم ويحتاجه، وهذا ما كان يفعله البشر لآلاف السنين - أي الحركة المستمرة. والآن بدأت الجلسة الطويلة تؤتي ثمارها السامة، فمن يجلس أكثر من 6 ساعات في اليوم فإنه أكثر عرضة لأن يموت خلال 15 سنة وذلك بنسبة 40%، عكس الشخص الذي يجلس لأقل من 3 ساعات في اليوم، حتى لو كنتَ تتمرن! العلاج الوحيد هو التقليل من ساعات الجلوس. يبدأ الجلوس الطويل عمله بأن يزيد الوزن، فقد وجدت الدراسات أن السمينين يجلسون عادة ساعتين ونصف في اليوم أكثر من النحيفين، ومع زيادة الوزن تأتي مشاكل كثيرة معروفة بعضها تهدد الحياة. وأضرار الجلوس لا تقتصر على المدى البعيد بل تبدأ فوراً، فعندما تجلس على الكرسي فإن الحركة الكهربائية في عضلات الساقين تتوقف، وبعد ساعتين فإن الكوليسترول الحميد يهبط بنسبة 20%، وبعد 24 ساعة تقل فائدة الإنسولين بنسبة 24% مما يزيد احتمال الإصابة بمرض السكر، والإنسولين هرمون يفرزه البنكرياس لتنظيم الدهون والسكر في الدم. المشكلة أن الجلوس الطويل صار لا مفر منه مع الوظائف المعاصرة، ولكن هناك حلا، وهو الوقوف والحركة قدر الاستطاعة، فيمكن الشخص أن يمشي قليلاً حول المكتب أو يمط عضلات الجسم ويمددها، أما إذا لم يقصر الشخص جلوسه على المكتب وزاده إلى الجلوس في البيت أيضاً لمشاهدة التلفاز فإن هذا يضاعف المشكلة ويحولها من جدية إلى خطيرة، ذلك أن الدراسات نفسها وجدت أن من يجلس 3 ساعات أمام التلفاز يومياً أكثر عرضة من غيره لأن يموت، وذلك بنسبة 64%، حتى لو تمرن نصف ساعة يومياً. كل ساعة إضافية من مشاهدة التلفاز تزيد احتمالية الوفاة بنسبة 11%. في عام 2008 نشرَت عدة مواقع علمية اكتشافاً جديداً يفيد أن الجلوس لساعات طويلة على الكرسي يزيد الوزن، لكن بشكلٍ غريب لم يعرفه العلم من قبل. في الجسم البشري انزيمات. الانزيمات هي جزيئات بروتينية لها وظائف هامة ومتنوعة في الجسم. أحد الانزيمات اسمه «لابيس» ومن وظائفه أنيحرق الدهون. وجدت هذه الدراسة أنه عندما يجلس الشخص فإن هذا الانزيم يتوقف فوراً.هذا يعني أنه بدلاً من أن تحترق الدهون والكوليسترول على يد هذا الانزيم فإنها تبدأ في الانتشار في الجسم والتحول إلى دهون دائمة (شحم) أو تسد الشرايين وتسبب أمراض القلب، وأمراض القلب وجد العلماء أنها تضاعفت إلى 3 مرات في العصور الحديثة، ومن أهم أسباب ذلك الجلسة الطويلة وهو شئ موجود في معظم الدول أو كلها، سواءً كانت الدولة صناعية أم نامية. نفس الدراسة وجدت شيئاً غريباً آحر، إلا أنه إيجابي هذه المرة، وهو أنه لا يحتاج الشخص أن يتحرك ليكافح أضرار الجلوس، بل وجدوا أن مجرد الوقوف فقط يكفي! نعم، الوقوف فقط يبدأ في تشغيل آليات حرق الدهون ويجعل انزيم لابيس ينتشر في الجسم ويواصل عمله، والوقوف أيضاً يحرق 60 سعرة حرارية في الساعة.إذاً، وأنت على مكتبك أو أمام حاسبك في البيت، قف. سواءً كنت تعمل في وظيفتك أو تشاهد برنامجاً على الكمبيوتر، قف، واجعل عملية تدمير جسمك تتوقف.