اكتشف اختصاصيو الفيزيولوجيا الذين يحلّلون مشاكل البدانة وأمراض القلب ومرض السكري، أن الجلوس يوقف عمل مادة مساعِدَة (أنزيم) تعمل على امتصاص الدهون وإحراقها. وتحمل المادة اسم «ليباز» Lipase. كما اكتشفوا أن الوقوف يحرّك العضلات ويحفّز توزيع مادة ال«ليباز»، ما يدفع الجسم إلى معالجة الدهون والكولسترول بغضّ النظر عن كمية الوقت الذي يمضيه الفرد في ممارسة الرياضة. واكتشفوا كذلك أن الوقوف يزيد من استخلاص السكر المتوافر في الدم، ما قد يقلّص احتمال نشوء مرض السكري، الذي يتميّز بارتفاع مستوى السكر وتراكمه في الدم. ربما كنت جالساً الآن. ولكنك عندما تنتهي من قراءة هذا المقال، ستنظر إلى عملية الجلوس بطريقة مختلفة كلياً! فأخيراً، صرّح الدكتور مارك هاملتون وهو أستاذ في علوم الأحياء الدقيقة في جامعة ميزوري في ولاية «كولومبيا» إلى قناة «إيفانهو» عن اعتقاده بأن كثيرين يجهلون أن الجلوس على كرسي يشكّل مخاطرة صحياً، لأن أحداً لم يقل لهم ذلك. لا تجلس طويلاً بحسب هاملتون، يمنع الجلوس على الكرسي الجسم من حرق الدهون. ويعاني أكثر من 47 مليون بالغ في الولاياتالمتحدة من اضطراب في عملية التمثيل الغذائي في أجسادهم، ما يتسبب بالبدانة وبداء السكري وأمراض القلب. ويعتبر الباحثون في الأحياء الدقيقة أن البعض يعاني هذه الأمراض لأنه يجلس وقتاً طويلاً. ولفت الدكتور هاملتون إلى أن المعطيات المتأتية من عدد من الدراسات تُظهر أن معدلات الإصابة بالبدانة واضطرابات القلب ومرض السكري من النوع الثاني، ارتفعت إلى حدّ أنها ازدادت ثلاثة أضعاف لدى الأشخاص الذين يجلسون وقتاً طويلاً. ويُعزى سبب ذلك إلى أنزيم «ليباز». فعندما يعمل هذا الأنزيم بصورة نشطة، يساعد العضلات على امتصاص الدهون، وعندما نجلس يتوقف عن العمل، فيميل الجسم الى مراكمة الدهون. والمعلوم أن السكري من النوع الثاني، ويُسمى سكري البالغين، يترافق مع البدانة المفرطة. ويجدر تمييزه عن السكري من النوع الأول، الذي ينظر العلماء إليه باعتباره مرضاً في المناعة الذاتية لأن الجسم يدمّر الخلايا التي تنتج مادة الأنسولين أي الهرمون الذي يحرق السكر في الجسم. وعندما تُدمّر كمية كبيرة من هذه الخلايا، يتراكم السكر في الدم، وتظهر أعراض السكري نوع 1. وتشمل الأعراض انخفاضاً غير مبرر في الوزن ومشاكل في النظر وكثرة في التبوّل واحساساً بالجوع أو بالعطش أو بالتعب. ومن بين المضاعفات الطويلة الأمد الأخرى، يؤدي السكري نوع 1 إلى الإصابة بالفشل الكلوي واضطرابات في الجهاز العصبي وأمراض في القلب ومشاكل في النظر وغيرها. وقال هاملتون: «عوضاً عن ذلك، تسري الدهون في مجرى الدم وتُخزّن كدهون في الجسد. وكذلك من الممكن أن تتخثّر في الشرايين، فتتكسر الصفائح الدموية وتتكوّن جلطة قد تسدّ وريداً أو شرياناً، بالترافق مع حدوث مجموعة من الأمراض. والجدير بالذكر أن الأمر لا يتعلق بكمية ضئيلة من الدهون». وأخذت عيّنات دم من الشخص نفسه بعد أن أكل الطبق نفسه، وعندما أكل وهو جالس، بدت العيّنة غير صافية وعندما أكل وهو واقف، بدت أشد صفاءً. والمعلوم أن الجلطات الدموية تتكوّن داخل الشرايين وأوعية الدم التي تنقل الأوكسجين والدم إلى القلب والدماغ وأجزاء أخرى من الجسد. وتملك الشرايين طبقة داخلية من العضل. وعندما تعاني خللاً، من الممكن أن تتراكم الجلطات على جدرانها، ما يؤدي إلى انتفاخ في الشريان. ومن الممكن أن يزداد هذا الانتفاخ حتى يؤدي إلى تمزق البطانة الداخلية. ويؤول الأمر إلى تكوّن «شبكة» من الأنسجة. وقد تعلق بعض المعادن، خصوصاً الكالسيوم في تلك الشبكة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الدهون مثل الكولسترول. ومع مرور الزمن، تتحول الشبكة الى جلطة، ما يتسبّب بضيق في الشرايين. ولا يمكن للدم أن يجري بسهولة عبر الشرايين المتصلبة التي تصبح متخثّرة فتمنع الدم من المرور. وتابع هاملتون: «إذا كنت قادراً على القيام بالأمر نفسه عندما تكون جالساً وعندما تكون واقفاً فيجب أن تختار الوقوف». ولهذا السبب، استبدل هاملتون كرسي مكتبه بآلة المشي. وقال: «بإمكانك أن تتسلى برؤية أولادك يلعبون، إذا كنت تقف بجانب السور بمحاذاة صديق لك يجلس على كرسي في الحديقة. كما بإمكانك أن تخفّف من وقت الجلوس على الكرسي من خلال أخذ فترة راحة في العمل، كي تقف وتسير. حتى باستطاعتك أن تقف عندما تتكلم على الهاتف أو عندما تشاهد التلفاز».