تتشابه الأشياء في شكلها وهيئتها، لكننا عندما نعمد إلى البحث في عناصرها وخصوصياتها، بتطبيق التجارب والاختبارات المحسوسة والملموسة، ندرك ما هي عليه من تفاوت بعيد فيما بينها من حيث الطعم الذي يقيم لنا الفرق بين ثمار الأشجار المتشابهة في الأغصان والأوراق ومع الطعم يقيم اللون فيما بينها فارق يجعلنا ننسب كل طعم لأصله وكل لون لعنصره وفصيلته وإذا تجاوزنا سياق المثل على أشجار الفواكه المتشابهة في الشكل والمختلفة في اللون والطعم في ثمارها فليس أصدق من الله العظيم قيلا: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (4) سورة الرعد. وفي التشابه في الآدميين ما فيه من عجب في التفاوت في الأخلاق والسجايا والكرم وغير ذلك مما يمدحون أو يذمون به، بمعنى أنك ربما تعرف رجلاً كريماً ذا خلق حميدة ثم ترى شبيهاً له في الصفات الظاهرة كالطول واللون وتقاسيم الوجه والسمنة لكنه يكون في أفعاله على عكس ذلك الذي كنت تعرفه وحتى الابن قد يشبه في خلقه أباه لكنه يقصر عن فعله ولقد رؤى فيما يقرب من هذا الموضوع أن الشاعر عقيل بن حجاج الهجمي قال في أحد أبيات له ما يدل على تقصير الابن عن فعل والده فيما كان يحمد به: بنى له في بيوت المجد والَدُهُ وليس من ليس يبنيها كبانيها* وسوف لا يعدم المتتبع لذلك بقصد التحقق وجود شيء من ذلك فيما نعايشه مما سبقت الإشارة إليه. * المنثور البهائي لعلي بن محمد بن خلف الهمداني ت 414 تحقيق الدكتور عبد الرحمن بن عثمان بن عبد العزيز الهليل