تتبارى كل من إيران وتركيا على بناء نفوذ سياسي واقتصادي وتجاري ومع ذلك فإن كلتا الدولتين تتخذان مواقف أقل ما يقال عنها إنها غير ودية، وإذا نحينا إيران خارج المعادلة؛ لأن لإيران أطماعاً ظاهرة في العراق تبدأ في فرض النفوذ السياسي وتنتهي بالضم لإمبراطورية الصفويين، فإن تركيا التي يقدم قادتها أنفسهم وبلادهم على أنهم مساندون للعرب ويدعمون قضاياهم، تتخذ موقفاً سلبياً جداً تجاه العراق وسوريا معاً في قضية مهمة جداً وهي قضية المياه، فمنذ أكثر من عقد من الزمن المياه النابعة من تركيا يمنع وصولها إلى نهري دجلة والفرات بعد إقامة سلسلة من السدود على منابع النهرين حتى يكاد الفرات أن تجف مياهه وشقيقه الآخر دجلة يعاني من نقصان كبير يهدد بوقف جريان مياهه. أما إيران، فحدث ولا حرج، فبالإضافة إلى تلويث نهر شط العرب ورمي النفايات السامة التي تهدد المدن العراقية الواقعة على النهر فإنها عمدت إلى تجفيف نهر الوند الذي ينبع من الأراضي الإيرانية ويتجه للأراضي العراقية مما تسبب في تدمير المزارع العراقية في محافظة ديالى وبالذات في خانقين. والأسلوب الإيراني في تجفيف الأنهار التي تنبع من الأراضي الإيرانية وتصب في الأراضي العراقية أسلوب ليس بالجديد، فقد سبق أن حولت مسارات أنهار وجففت أنهاراً أخرى. أما الإجراء الأخير والمتعلق بتجفيف نهر الوند، فقد أثار غضب العراقيين وقاموا بقطع الطريق أمام الزوار الإيرانيين القادمين للعراق لزيارة المراقد في النجف وكربلاء والكاظمية حيث عطلوا منفذ المنذرية العراقي الذي يربط بين الأراضي العراقية والإيرانية، كما قاموا بمظاهرات أمام القنصليتين الإيرانية في السليمانية وأربيل، وكل هذا يظهر أن العراقيين أصبحوا غاضبين جداً، إن لم نقل ناقمين على من يتعمد تجويعهم بتديمر مزارعهم والقضاء على بساتين بعقوبة التي تعد سلة فواكه العراق والمعروفة بإنتاجها الغزير من العنب والرمان والتفاح، كما أن تجفيف ونصب السدود على الأنهر المتجهة للعراق يؤدي عاجلاً أو آجلاً إلى تهديد العراقيين بالعطش وقلة المياه وتصحر أراضيه، وللأسف هذه الأعمال تقوم بها دولتان جارتان إيران وتركيا.