فاصلة: (التاريخ كتب ليروى لا ليبرهن) - حكمة لاتينية - رحم الله المخرج «مصطفى العقاد» ما زال عمله التلفزيوني «الرسالة» راسخاً في أذهاننا رغم مرور سنوات طويلة على تقديمه كعمل فني، وكنت أذكر له مقابلة اشتكى فيها عدم وجود القوة الإنتاجية الداعمة للأعمال الدرامية التاريخية. اليوم صارت المسلسلات التاريخية تدر الأرباح المالية بعد أن نجحت الدراما الإيرانية في إبراز الشخوص التاريخية في قالب مميز وفتحت الباب أمام الدراما السورية وغيرها ليجدوا في كتب التاريخ ما يمكن استثماره في سوق الدراما التلفزيونية. ولأن سوق هذه المسلسلات أصبح يدر ربحاً فقد ازدادت أرقام الأعمال الدرامية التاريخية، بل أصبحت تحاول الدخول إلى أكثر المناطق جدلاً في التاريخ الإسلامي. وهذا ما يحدث الآن في ردود الأفعال حول عرض مسلسل «الحسن والحسين» وعلى رغم أن مشايخ مثل الدكتور سلمان العودة والدكتور يوسف القرضاوي أجازا عرض العمل، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر اعترض على إنتاج العمل وعرضه. القنوات الفضائية لن تهتم بأي من ردود الأفعال المعارضة لأنه في المقابل هي تهتم بالدرجة الأولى بما يحقق الربح المادي واهتمام المشاهدين سواء كانوا موافقين على العمل المعروض أم مخالفين له ففي الحالتين يحظى العمل بالمتابعة. الأعمال الدرامية التي تتناول حياة حقبات من تاريخنا هي أعمال جيدة لإعادة تنشيط الذاكرة حول تاريخنا ولسد الثغرات التي أحدثتها مناهجنا المدرسية التقليدية التي تناولت تاريخنا الإسلامي بشكل عابر. أساس القضية في رأيي ليس التركيز في إصدار اعتراضات من قبل جهات دينية على هذه الأعمال أو منع عرضها فسوف تتلقفها قنوات أخرى، الأهم من ذلك أن يكون هناك اهتمام بالنص قبل أن ينتج لأن التاريخ ليس معرضاً لاجتهاد مخيلة كاتب النص أو لمسات المخرج الفنية. التاريخ أمانة فإذا لم يكن كادر العمل في الدراما مؤمناً بهذه المسؤولية بدءاً من الخطوة الأولى للعمل كفكرة، فإن عرض دراما تاريخية مليئة بالأخطاء والمغالطات هي جريمة في حق التاريخ وفي حق ذاكرتنا كمسلمين، وفي حق الناشئة الذين يتلقفون المواد الإعلامية المعروضة عليهم دون تفنيد.