عرفتُ الكويت الديموقراطية وعملتُ بها قبل سبعة عقود، فقبل الاستقلال شهدت الدولة حراكاً سياسياً واجتماعياً غلب عليه الطابع القومي العروبي الذي يؤكد الانتماء العربي لأهل الكويت، ووجودها بين ثلاثة من كبار الدول الإقليمية أضاف إليها قوة استثنائية، وجعلها مطلباً للتحالف معها، وإن لم يحصل التحالف فلا بد من إظهار الصداقة، وإن غدر بعض تلك الدول، ولا تزال دولة أخرى لها أطماع لا يمكن إخفاؤها. وجود الكويت بين العراق وإيران والمملكة العربية السعودية قوة إضافية في الحسابات الجوسياسية إن أحسن قادة البلاد التعامل مع هذه القوى الإقليمية الثلاث، طبعاً حسب فهمهم لنوايا وأجندات تلك الدول. الجغرافية لا يمكن تغييرها، كما أن التاريخ يعلمنا كيف نتفهم وكيف نعامل من يجاورنا، ومن الذي صان الجيرة ومن عبث بها، ولهذا فإن أهل الكويت لا يجدون حرجاً في التعبير عن قربهم الأكبر وثقتهم بالجارة الشقيقة المملكة العربية السعودية، فالتاريخ خير منبع لتأكيد صدق الأخوة ومعنى الأشقاء، ومثلما كانت أرض الكويت ملجأً آمناً لآل سعود، ومنطلقاً لاستعادة شرعية الحكم في الجزيرة العربية وبناء الدولة السعودية الثالثة حينما انطلق الملك عبدالعزيز وصحبه -يرحمهم الله- من دولة الكويت نحو الرياض، فإن آل الصباح وأهل الكويت انطلقوا من الأرض السعودية لتحرير بلادهم من الاحتلال العراقي. السعودية وكل دول الخليج العربي وقفت مع أهل الكويت إبان محنة الاحتلال وكل ساهم في تحرير الكويت، وحسب الإمكانيات والقدرات كانت الإسهامات، فالسعودية شكلت القاعدة الرئيسية لعمليات التحرير، فمن أرضها التي احتوت نصف مليون جندي وظفت اقتصادها لإنجاز مهمة التحرير حيث كانت القوات السعودية متلاحمة مع القوات الكويتية بمساعدة القوات الدولية وكانت أولى من دخل أرض الكويت. إستراتيجياً يعد قرار الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز أهم قرار إستراتيجي في نهاية القرن العشرين وكان القرار الأول الذي مهد لتحرير دولة الكويت. هذه هي معاني الجيرة الحسنة ومعنى الأخوة والرابطة التي يجب أن يتحلى بها الأشقاء، والسعودية إن كانت الأقرب للكويت فإن العراق ليست بعيدة... ولكن للأسف الأفعال لا تتناسب مع هذا القرب... أما إيران فهناك فجوة كبيرة بين ما يجمع الأشقاء والأطماع...!!