حائل مدينة كبرى، تقع في سفح جبل طي المسمى أجا من جهة الشرق عنه، واسمها نسبة لوادٍ يمر قريباً منها، وكانت على جانبه الغربي، ومنها قسم ليس بكبير على الجانب الشرقي أسفل الوادي، والشاهد على أن حائل اسم للوادي الذي يمر بها قول الشاعر: ولما أتينا السفح من بطن حايل بحيث تلاقى طَلْحُها وسَيالُها أما الآن، ومع التطور العمراني والحضاري، فقد قفزت هذه المدينة قفزة الفرس في ميدان السباق شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً كغيرها من المدن الكبرى في المملكة التي تنال اهتمام الدولة - وفقها الله -، وكان فارس هذه القفزة رجالاتها الأوفياء بدعم أميرها صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ونائبه - وفقهما الله -. لقد شاءت إرادة الله تعالى أن أوفَّق بزيارة خاصة لمدينة حائل يوم الخميس الموافق 5-4 بعد ثلاثين عاماً من زيارتي الأولى لها، وكنت في هذه الزيارة مع نخبة طيبة من أبناء وطني عنيزة، وكانت هذه الزيارة بدعوة من بعض إخواننا الأفاضل في مدينة حائل، فعنيزة وحائل بلد واحد، وإن بعدت المسافة بينهما فهما بلد واحد في هضبة نجد تحت ظل حكومة رشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ألبسه الله ثوب الصحة والعافية ورزقه بطانة صالحة مصلحة نافعة تعينه على فعل الخير وتدله عليه وتذكره إذا نسي وتعينه إذا ذكر. حقاً إنها زيارة طيبة لأهل الطيب في معدن الطيب والكرم الحاتمي. لقد كانت زيارتي الأولى أياماً تجولت خلالها في ربوع حائل، وكانت تلك المدينة كغيرها من مدن المملكة من حيث العمران وطرازه القديم وطرقاتها الضيقة. أما هذه الزيارة فرغم قِصَرها؛ حيث تُعَدُّ بسويعات قليلة جداً، إلا أنها أعطتني نموذجاً رائعاً قوياً وانطباعاً عالياً من حيث التقدم العمراني وشق الطرقات والتفنن في البناء والشكل الهندسي لطرقاتها وحدائقها وعمرانها.. فهي درة مضيئة في أرض الدرة، تسبح مع جبيلاتها المتناثرة في وسط طست أجا وسلمى اللذين أكسباها تبهجاً وجمالاً، فهي مذهبة ومبهجة من حيث التقدم والعمران. ومما لا شك فيه أن هذا قام بتضافر رجالاتها الأوفياء، وبدعم قوي وفعلي من صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ونائبه المحبَّيْن لوطنهما ومواطنيهما الساعيَيْن إلى تقدم هذه المدينة وارتقائها إلى مصاف المدن الكبرى في المملكة. أبارك فيهم جميعاً روح التفاني والوفاء في خدمة هذه المنطقة الغالية. ومما لفت نظري أن هذا التقدم الحضاري لم يُغيِّر ولم يُبدِّل طباع أهلها وقراها ومدنها عما كانوا عليه من الكرم والوفاء والعادات الحميدة الطيبة الحاتمية التي جُبلوا عليها مع المحبة والوفاء، وقد قيل «من شَبّ علي شيء شاب عليه». ونظراً إلى قِصَر الزيارة فإنه لم يتسنَّ لنا زيارة المعالم الجمة في هذه المدينة الغالية ما عدا زيارة مدينة فيد؛ لأنها أول مدينة تلي القادم من منطقة القصيم - حسب فهمي -. هذه المدينة تاريخية ذات آثار قديمة وعريقة، وقد حدَّثنا الدكتور فهد بن صالح الحواس أثناء وقوفنا على بعض المعالم، منها الحصن، وذكر أنها تقع على طريق الحجاج من العراق وفارس إلى مكةالمكرمة، وذكر كثيراً من الشواهد على آثارها المطمورة. ولا غرو؛ فقد كانت رسالته في الدكتوراه عن هذه المدينة وآثارها؛ فقد أجاد وأفاد. بعد ذلك توجهنا إلى مدينة حائل والشمس قريبة الخفقان في مغيبها، وكان يرافقنا أثناء تنقلاتنا المرشد الأديب الراوية الذي لم يترك مَعْلماً نمرُّ عليه إلا أشار إليه، وأعطى معلومات وافية عنه، إنه اللواء المتقاعد أبو بندر سعود بن مشعان الأسلمي. طاف بنا في مدينة حائل وظلام الليل يرخي سدوله. قمنا بزيارة قرية عقدة المنعقدة في طرقاتها داخل جبل أجا بنخيلها ذي المنظر الجميل في وادٍ جميل، ثم زرنا زيارة أبوية لمنزل الشيخ فهد العبدالوهاب الفايز ولمنزل الشيخ نايف بن سعود آل علي بارك الله في عمرَيْهما وألبسهما ثوب الصحة والعافية. ثم توجهنا إلى قاعة الاحتفالات، وهناك التقينا أبناء الجبلين الأوفياء، بحضور صاحب السمو الملكي أمير المنطقة سعود بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز ذي الأخلاق الفاضلة والتواضع الخلقي، وبحضور صاحب السمو الملكي نائب أمير المنطقة الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز، الذي يحمل صفات الأُوَل. بارك الله فيهما، وليهنأ أبناء منطقة حائل بهما. هذا، وقد بُدئ الحفل بقصائد بهذه المناسبة ومداخلات شعرية من أبناء حائل، ثم كلمة لمحافظ مدينة عنيزة المهندس مساعد بن يحيى السليم، الذي شكر الجميع وأثنى على صاحبَيْ السمو، ثم خُتم الحفل بكلمة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن أمير المنطقة، التي أثنى فيها على أهل عنيزة وحبهم التآلف والتقارب وتبادل الآراء والمعلومات فيما يفيد أبناء المناطق بعضها من بعض. حقاً إنه شاب مثقف بسيط في بروتوكولاته وحضوره. وبعد هذا دُعي الحضور لتناول طعام العشاء على شرف صاحب السمو الملكي أمير المنطقة ونائبه بضيافة أبناء حائل الأوفياء، وعلى رأسهم شيخنا الفاضل سليمان بن عبدالله اليحيى وأبناؤه الأفاضل. فحقاً إن حائل لعروس الشمال كما عنونتُ ذلك. لتهنأ بأميرها ونائبه ورجالاتها الأوفياء. تحية وألف تحية لأميرها الغالي ونائبه ولقبائلها وأُسَرها العريقة الطيبة. عبدالرحمن بن عبدالعزيز المذن إمام وخطيب جامع الضليعة في محافظة عنيزة