يهوى بعض الناس الوقوف عند بعض الأرقام ويحاولون تفسيرها من قبيل التفاؤل أو التشاؤم. ويجد بعضهم في ذلك متعة علمية يستنبطون من بعضها الأحاجي والألغاز. ويتطرف الكثير من الناس في التعامل مع الرقم 13 ويتطيرون منه.. وأحياناً كثيرة يهربون منه. وفي كثير من المباني لا يذكر الدور الثالث عشر بل ينقلك المصعد إلى الدور الرابع عشر مباشرة بعد الثاني عشر. ولله في خلقه شؤون. ولا أدري ما هي العلة في الرقم 13؟ وإن كنت لا أعتقد أن هناك علة أصلاً. ذكر لي ذات مرة رئيس مجلس الشورى فضيلة الشيخ الجليل محمد بن إبراهيم بن جبير، يرحمه الله، أن بعض الناس يتشاءمون من بعض الأرقام إذا كان مجموعها 13 واستنكر ذلك. وعدّد لي بعض الأرقام التي يكون مجموعها 13 ومدلولها شيء جيد. ومنها أن مولد سيدنا محمد? كان عام 571م، وفي عام 1129م انتصر المسلمون على الصليبيين في القدس، وفي عام 1453م فتح المسلمون القسطنطينية، وفي عام 1462م هزم العثمانيون المسيحيين. العيب فينا وليس في الأرقام. ولذلك علينا إعمال الفكر والاستفادة من نعمة العقل. وفي علم الاقتصاد أمثلة كثيرة لعلماء أثروا الفكر الاقتصادي بفضل فكرهم الخلاق وحسن تفسيرهم للواقع وتعاملهم معه. وأذكر في هذا السياق، على سبيل المثال، أنه بعد أكثر من أربعين عاماً من البحث والدراسة، حصل البروفيسور راينهارد زلتن على جائزة نوبل للاقتصاد عام 1994م، وهو أول ألماني يحصل على هذه الجائزة. تركزت أبحاث زلتن في نظرية اللعب «Game Theory» المعروفة في علم الاقتصاد والتي وضع أسسها العالمان الأمريكيان چون نويمان وأوسكار مورغنشتيرن في عام 1944م في كتابهما «نظرية اللعب والسلوك الاقتصادي». نظرية اللعب تستخدم الرياضيات لتطبيق سلوك الإنسان عند اللعب، لعب الشطرنج مثلاً، على الاقتصاد باعتماد فكرة ما يعرف بتوازن نيش، التي تقول إن اللاعبين الذين يتصرفون بطريقة عقلانية ولديهم معلومات كافية عن اللعبة وعن اللاعبين الآخرين يختارون الإستراتيجية المثلى ويحققون بالتالي حالة من التوازن المستقر. ويقول زلتن إن نظرية اللعب ينبغي تعديلها من الحالة المعيارية المثالية إلى نظرية تنطلق من الحالة الوضعية القائمة، لأن الفكر الاقتصادي الحديث أخذ يتحول عن فكرة الإنسان الذي يتصرف بمنطق اقتصادي بحت، أي عن الإنسان العقلاني مائة بالمائة، ويتجه إلى فكرة العقلانية المشروطة. هذه المساهمة الفكرية هي تأكيد على تجاوز النظريةالاقتصادية دائرة الفلسفة الفكرية إلى ساحة الواقع المعاش.