من يقرأ ويسمع لتحليل المحللين السياسيين والاقتصاديين الغربيين عن أسباب الصراعات والاضطرابات والثورات والحروب فسيجد أنهم يختصرون سببها في إرادة طرف فرض «المعادلة الصفرية المحصلة» على غيره، وقولهم هذا هو من «نظرية اللعبة-Game theory» وهي إحدى أبرز نظريات الاقتصاد والمنطق الرياضي إذ نال عنها ثمانية علماء جوائز نوبل، وتطبيقاتها تشمل كل مجالات العلوم من الأحياء وعلم النفس والاجتماع إلى السياسة والتخطيط الاستراتيجي والاقتصادي، وهي تبحث في آليات واستراتيجيات التفاعل بين الأطراف المختلفة في مجال معين ونتائجه، وسميت باللعبة بسبب الطبيعة التفاعلية للعلاقات. وهناك نمطان أساسيان فيها؛ نمط «اللعبة الصفرية المحصلة- «zero-sum game وهي التعاملات التي يكون فيها ربح طرف هو على حساب خسارة الطرف الآخر، بحيث يكون الباقي من طرح حساب خسارة أحدهما من حساب ربح الآخر هو صفر، والنمط الآخر هو «اللعبة غير صفرية المحصلة- non-zero-sum game» وهي التعاملات التي لا تكون فيها بالضرورة مكاسب طرف معتمدة على خسارة الطرف الآخر، أي يمكن أن تكون كل الأطراف رابحة. أما أشهر استراتيجية من استراتيجيات نظرية اللعبة فهي «Tit for tat-واحدة بواحدة» حيث يقابل كل فعل من أحد الأطراف رد فعل من جنسه متجاوب معه من الطرف الآخر، فيتوصل الطرفان ل«توازن ناش»، «نسبة للعالم ناش الحائز على جائزة نوبل عنه» أما الخسارة فتحصل للطرف الذي لا يتخذ خيارات فعالة تتجاوب مع أفعال الطرف الآخر وتوازنها. وحسب «نظرية اللعبة» ليتجاوب الطرف الآخر يجب أن يكون هناك محفز له للتجاوب متمثل إما في خسارة يريد تجنبها أو مكسب يطمح إليه، وفي «اللعبة الصفرية المحصلة» ما تسمى «معضلة السجين-The Prisoner Dilemma» وتقول إنه عندما تتخذ الأطراف المعنية قرارات تراعي فقط مصالحها الأنانية فسيكون الكل خاسرا. وكل هذه القوانين والمعادلات المثبتة رياضيا تمثل سننا وحكما معروفة بالمنطق الفطري لكن غرور الأنا يهيئ لصاحبه أنه فوق القوانين والسنن ومعايير الخطأ والصواب وأنه يمكنه نقضها وبلا تبعات سلبية عليه لأنه يعتقد أنه يمكنه قمع ردات الأفعال السلبية، وهذا هو نمط التفكير اللا عقلاني السائد في الثقافات اللا عقلانية والتي تكون توجهاتها متولدة عن غرور الأنا الغرائزية اللا واعية المشتركة مع الحيوانات ولهذا يمكن رؤية كل أنماط سلوكيات «المعادلة الصفرية المحصلة» الساعية لفرض الهيمنة والأخضاع والاستغلال بالإكراه في سلوكيات الذكر المهيمن في جماعات الشمبانزي، وهناك دراسات علمية رصدت هذا التطابق في السلوك بين مجتمعات الحيوان والإنسان في المجتمعات غير المتطورة ثقافيا.