لست ضد تحديد المهر الذي أقرَّه ديننا الإسلامي والذي حين أقرَّه كان يقصد به قيمة مادية رمزية بسيطة يتم بها عقد القران.. ولم يكن يقصد به أبداً أن المرأة سلعة تُباع وتُشترى.. ولم يكن يقصد به أبداً إهانة المرأة أو التقليل من شأنها! لست ضد المهر لكنني ضد أن تهان هذه المرأة أو تعامل باعتبارها كائناً هامشياً لا صلة له بشؤون الحياة الكبرى أو الصغرى فلا يقام له وزن ولا يوضع له أدنى اعتبار أو تقدير! إلى فترة قريبة كان هناك موقف وعبارة تتكرر دائماً في المسلسلات البدوية التي تستقي مادتها من واقع الحياة هناك.. فالرجل حين يأتي قاصداً واحداً من كبار القبيلة يقول له: «لن أشرب هذا الفنجان حتى تهبني ما أريد!». فيجيبه بكل ما يستدعيه الموقف من مهابة ونشامة: «أبشر تبي اللي تاكل بيدها والا بفمها» وهو يقصد: تريد امرأة من نسائنا أم نعجة أو بهيمة من بهائمنا! وكأنه بشكل غير مباشر قد وضع نساء العائلة والبهائم على قدم المساواة فلا فرق بينهما.. كلاهما يتم الحديث عنه وتقرير مصيره بالنيابة! وهذا المنطق وللأسف لا يزال لدى بعض الرجال متأصلاً ولا يزال هذا المفهوم المتدني لوضع المرأة موجوداً لدى البعض وإن لم يستخدم العبارة ذاتها.. والأدهى والأمر أنك تجد هذا الاعتقاد لدى بعض المتعلمين الذين بلغوا مراحل عليا من التعليم، وربما المثقفين! فالمرأة لديهم مهما بلغت مراحل من التعليم والثقافة والوعي فهي ليست في النهاية سوى كائن يتم تقييمه وتقدير قيمته بناء على ملامحه الخارجية والشكلية، يتساوى في ذلك تلك المتعلمة الواعية مع سواها من تلك النوعية من النساء التي تعيش على هذه الأرض في عالم معتم ضيق جداً ولا تعلم أن في هذا العالم نهاراً مضيئاً لا بد أن يلامس عقلها شيء منه لتفهم ما حولها وتدرك مجريات هذا العالم.. ما لها وما عليها! وكلما قلت إننا نصعد درجة درجة نحو مستقبل أكثر إشراقاً، فوجئت بأن الكثير منا يحملون في أذهانهم تلك الأفكار ويمجدونها ويرفضون مجرد الجدال حولها! ولكن إلى من تشكو وإلى من تتحدث؟! يخيل إليك أحياناً أنك تتحدث إلى مجموعة هائلة من المقاعد الخالية.. ورغم ذلك لن يدفعك هذا إلى صمت بارد حزين، ولكن إلى حديث طويل يمتد بلا انتهاء. email:[email protected]