هذا السؤال لي معه حكاية طويلة ومثيرة ومؤلمة في الوقت ذاته.. وربما كان لكثيرين قبلي حكاية معه.. وسوف يكون لآخرين أيضاً يأتون بعدي حكايات أخرى تطوف حوله... من أنت؟! سؤال قد يكون تقليدياً عادياً.. تسأله لمن خلف الباب ولمن خلف الهاتف.. وفي عصرنا الحاضر لمن يتسلل إلى )ماسنجرك( عبر الإنترنت باسم مستعار!! كل ذلك أمر عادي تتقبله.. بل حدث عادي يتكرر دائماً.. ولكن هذا السؤال يأتي كطعنة في الخاصرة حين يصدمك اكتشافك لأحدهم.. حين ترى في وجهه وفي سلوكياته وتعامله براءة ونقاء الأطفال وصفاء الينابيع.. ورقة ودفء الأحلام.. والأدهى والأصعب من ذلك أن ترى فيه روعة وشموخاً لايدانيه فيهما أحد، ثم تكتشف أن لا شموخ ولا عظمة سوى في نقائك أنت! تتوقف أمام العبارة الأخيرة خائفاً من أن تكون قد امتدحت نفسك أو أثنيت عليها وهذا أمر تتحاشاه ثم تتوصل إلى تفسير آخر ربما لايكون ذلك سوى حالة غفلة وغباء منك! وأيضاً تتوقف عند الكلمات الأخيرة لائماً نفسك: هل يعقل بأن تكون مخدوعاً وقد خبرت الدنيا وخبرتك؟! أمضيت في هذا العالم مسيرة لا بأس بها وعرفت الكثير من الوجوه، ولمست عن كثب الكثير من الأرواح والكثير من القلوب التي تتفاوت حجماً.. فمنها ما هو بحجم ثقب الإبرة ومنها ما هو باتساع الكون. من أنت؟! كم يبدو الأمر مؤلماً حين تكون قد منحت الآخر الثقة والاهتمام والإخلاص بكل ذرة من كيانك على أمل أنك تمنح ذلك لوجه وقلب واحد ثم تكتشف أن من أمامك بألف قناع وقناع؟!! تتساقط واحداً تلو الآخر.. عندها تسأل بحرقة ولا تهمك الإجابة بقدر خوفك الشديد وتساؤلك فيما إذا كان ما تستمع إليه هو الوجه الأبعد والأعمق للحقيقة أم أنه وسيلة أخرى للإطاحة بك بعيداً وإرشادك إلى باب آخر للأسئلة التي لا تنتهي والذي يأتي في مقدمتها: من أنت؟! email:[email protected] ص.ب 61905 الرياض/ الرمز البريدي 11575