رحماك ربي.. أهكذا الموت يفجعنا في عزيز على حين غرة.. هذا هو حالنا حين رحل الفاضل الأمير النبيل فهد بن سلمان بن عبدالعزيز.. وهكذا أجمع كل من عرفه أو لقيه على كريم سجاياه. كان الهدوء يلف المدينة ولهيب الصيف يمزق هذا الهدوء حين رن جرس الهاتف بعد صلاة ظهر يوم الأربعاء.. هل علمت؟.. وقبل أن أجيب.. سمو الأمير فهد بن سلمان انتقل الى رحمة الله..نعم؟،، كيف؟ ألو.. هكذا رددت، أجاب المهاتف نعم انتقل الى رحمة الله.. رددت: الأمير فهد بن سلمان بن عبدالعزيز؟! أجاب: نعم للأسف هو.. لقد انتقل الى رحمة الله.. سألت كيف؟! ولماذا؟!.. استغفر الله.. كيف؟.. كيف توفي؟!.. توفي فجأة اثر سكتة قلبية.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. إنا لله.. اتصلت على قصر سمو الأمير سلطان بن سلمان.. هل الخبر صحيح؟! وقبل أن أحدد ما هذا الخبر.. أجاب موظف السنترال قائلا: نعم انتقل سمو الأمير فهد بن سلمان الى رحمة الله تعالى والصلاة عليه عصر يوم الخميس.. تحشرت العبرات واختنقت بالكلمات.. لما كنت أعرفه وأسمعه عنه من بساطة وطيبة. كنت قبل عدة أسابيع أتابع لقاءه التلفزيوني وكان يفيض بتلقائية شديدة قل أن يوجد مثلها؛ فقد كان يجيب على الأسئلة بدون تكلف ويحاول أن يزيل عن المذيع رهبة الأسئلة وأتصفح لقاءه في مجلة الرياض الصادرة عن أمانة مدينة الرياض في عددها الأخير فأجد أن نوعية مثل هذا الأمير الانسان قليلة جدا. فرغم أنه ابن ذلك الرجل «الدولة» إلا ان ذلك لم يزده إلا تواضعا وتلقائية وهذه معادلة صعبة لا يحسنها إلا العظماء. أثناء أزمة الخليج يسألني صحافي أجنبي وهو يرى في التلفزيون السعودي لقطات لجولة الأمير فهد بن سلمان رحمه الله في الشوارع في المنطقة الشرقية والتقاءه بالناس بأريحية نادرة وابتسامة لا تغادر وجهه الطاهر ما هذا؟! نائب الأمير يدور هكذا في الشوارع ويلتقي بالمواطنين بهذه البساطة؟! أجبته ولم أكن أعرف سمو الأمير فهد بن سلمان أثناءها جيداً يا سيدي إنه يزرع الحب ومعه الطمأنينة، رد قائلاً: اتفق معك ولكن هذا خطر على حياته ومثل هذا مقبول في الأيام العادية ولكنه يبدو أكثر خطورة في مثل هذه الأجواء حيث يكثر الفوضويون والانتهازيون ومثيرو القلق ومن هنا تكمن الخطورة. كأن هذا الصحفي الغربي أراد أن ينبهني على عظمة هذا الأمير الشهم، وعلى ميزة يتمتع بها سموه رحمه الله. أعرف ان هذا المقال سيكون له أكثر من مثيل؛ فعارفو الأمير فهد بل إن محبيه سيحاولون أن يعبروا عن مشاعرهم قدر امكانهم ونحن مسلمون مؤمنون بقضاء الله وقدره لا نقول إلا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يواري وحيده ابراهيم الثرى: العين تدمع والقلب يخشع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.. كان الله في عون الشهم سلمان بن عبدالعزيز وهو يودع قطعة من كبده وقلبه وداعاً أبدياً وأعان والدته وكان معها رحيماً ويلطف بها في هذا الموقف.. وليس لنا إلا أن ندعو لأنجاله أن يتكفل بهم ويرعاهم في رحلة اليتم.. والعزاء لأشقائه الأمراء عبدالعزيز وسلطان وأحمد وفيصل وبقية الأمراء. * ممثل وكالة أنباء رويترز العالمية للأنباء في السعودية