حظي موضوع التقاعد المبكر للمرأة العاملة بنصيب وافر من الاهتمام إذ تمت مناقشته بأبحاث ودراسات مستفيضة إضافة إلى عشرات المقالات تباينت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض، وفي هذا المقال أحاول تقديم عرض سريع ومختصر لبعض مانشر عن هذا الموضوع وبداية الحديث ستكون عن الخبر الذي نشرته صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الأربعاء 27 صفر 1421ه نقلا عن وكالة الأنباء السعودية (واس) وجاء في ذلكم الخبر ما نصه «شرع مجلس الشورى برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير في دراسة مقترح الرئاسة العامة لتعليم البنات بشأن التقاعد المبكر للمرأة العاملة، وصرح معالي الأمين العام للمجلس الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر لوكالة الأنباء السعودية اثر انتهاء الجلسة ان المجلس قد شرع في دراسة تقرير لجنة الشؤون التعليمية الذي قدمه رئيس اللجنة الدكتور عبدالرحمن الشبيلي حول مقترح الرئاسة العامة لتعليم البنات بشأن التقاعد المبكر للمرأة العاملة وأشار معاليه إلى ان هذا التقرير الذي أعدته اللجنة قد ركز على أهمية التقاعد للمرأة العاملة وبدائله المعروضة في ضوء خصوصية المجتمع العربي السعودي المحافظ وبما يهيئ من فرص العمل ولا يؤثر على الأسرة والمنزل وحسن الأداء كما ركز التقرير على العمل على إصدار نظام شامل لعمل المرأة في المجتمع السعودي يراعي خصوصية المجتمع ويناسب طبيعة المرأة ويحدد المجالات المتاحة للعمل فيها مع التأكيد على حقها في الوظيفة والعيش الكريم، وأفاد بأن التقرير أبرز أهمية دراسة مجالات عمل المرأة دراسة شاملة تأخذ في حسبانها الأعداد المتزايدة للخريجات والضوابط الشرعية لعمل المرأة وكذلك فرص العمل المتاحة للمرأة في الحاضر والمستقبل مع أساليب التأهيل والتدريب المتاحة للمرأة والأجور الملائمة، وبين ان التقرير أشار كذلك إلى توجيه مسارات تعليم المرأة في الجامعات وكليات الرئاسة العامة لتعليم البنات نحو التخصصات التطبيقية التي تحتاج إلى المرأة وتستفيد منها وذلك بهدف خفض الفائض من المعلمات وتحقيق التوازن في سوق العمل النسوي، وأكمل معالي الأمين العام للمجلس تصريحه مفيدا بأن المجلس بدأ في مداولاته بعد ان طرح معالي رئيس مجلس الشورى الموضوع للمناقشة حيث دارت حوارات ومناقشات ومداخلات قيمة حول الموضوع مشيرا إلى أن المجلس رأى بعد المداولات ان يتاح لأعضاء المجلس المزيد من الوقت للدراسة» وبعد عرض الموضوع للبحث والمناقشة نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الأربعاء 19 ربيع الأول 1421ه نقلا عن وكالة الأنباء السعودية (واس) وكان مما فيه «وافق مجلس الشورى في جلسته الاعتيادية التي عقدها أمس برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير على توصيات اللجنة التعليمية بالمجلس بشأن سن تقاعد المرأة العاملة بما يتناسب مع وظيفة المرأة ومسؤولياتها الأسرية وذلك في ختام مداولاته لتقرير لجنة الشؤون التعليمية بشأن التقاعد المبكر للمرأة العاملة، وأوضح معالي أمين عام مجلس الشورى الدكتور حمود بن عبدالعزيز البدر في تصريح ل «واس» عقب انتهاء الجلسة ان المجلس استهل أعماله أمس بالاستماع إلى تقرير لجنة الشؤون التعليمية بالمجلس حول مقترح الرئاسة العامة لتعليم البنات بشأن التقاعد المبكر للمرأة العاملة وأفاد معاليه ان المجلس أوصى بعد المداولات بتوجيه مسارات تعليم المرأة نحو التخصصات التطبيقية التي تحتاج إلى المرأة وتستفيد منها بما يضمن تخطيطا شاملا لمدخلات التعليم ومخرجاته ومناهجه ومساراته وأوصى المجلس كذلك بالإسراع بوضع قواعد للتحويل من نظام التقاعد الحكومي إلى نظام التأمينات الاجتماعية وبالعكس والإسراع في تأنيث كل الوظائف التي تقوم بشكل كلي على خدمة المرأة وذلك لإحداث المزيد من الفرص لتوظيف المرأة. وقد تلا ذلك طلب الرئاسة العامة لتعليم البنات معلومات عن العاملات اللواتي أكملن 15 عاما و20 عاما في الخدمة وقد نشرت ذلك جريدة الاقتصادية في عددها الصادر يوم الاحد 11 رجب 1421ه» وجهت الرئاسة العامة لتعليم البنات بحصر جميع المعلمات اللاتي تجاوزت مدة خدمتهن في الرئاسة 15 و20 عاما الأمر الذي يعتبر ترتيبا لتطبيق التقاعد المبكر للمرأة العاملة والذي أجازه مجلس الشورى في وقت سابق وحسب الاحصاءات بلغ عدد المعلمات في نهاية العام 1417ه الآتي: المرحلة عددالمعلمات رياض الأطفال 2585 المرحلة الابتدائية 72331 المتوسطة 25709 الثانوية 16251 كما ورد في التقرير السنوي لوزارة الخدمة المدنية للعام 1419/1420ه إحصائية شاملة عن شاغلي الوظائف التعليمية (النسوية) المعلمات فقط دون الإداريات حتى نهاية 1419/1420ه وذلك حسب الفئات العمرية كالتالي: الفئة العمرية العدد من 21 إلى 30 سنة 86085 من 31 إلى 40 سنة 63894 من 41 إلى 50 سنة 19573 51 60 سنة فأكثر 1401 الإجمالي 170953 وبعد إعلان مداولات مجلس الشورى الموقر وما تلا ذلك من طلب الرئاسة العامة لتعليم البنات بيانات عن مدة خدمة العاملات في الرئاسة قدمت العديد من المقالات وتباينت فيها الآراء بين مؤيد ومعارض فالمعارضون لذلك (جلهم من النساء) قدمن حججاً غريبة وتبريرات غير مقنعة فالبعض منهن رأى ان في التقاعد المبكر للمرأة العاملة تقليصاً لدور المرأة في المجتمع ومن يتأمل في مناقشة مجلس الشورى الموقر يجد ان المقترح قد جاء من الرئاسة العامة لتعليم البنات وهذا يؤكد ان الحديث عن الوظائف التعليمية دون غيرها، إحداهن رفضت التقاعد المبكر للمرأة العاملة وكان مما قالت (زوجت بناتي وأولادي ولم يعد عندي أحد في البيت!!) بينما طالبت أخرى بإحداث وظائف أخرى للخريجات الجدد ومن ذلك جعل خريجات رياض الأطفال بديلا عن الخادمات وذلك بإنشاء روضة للأطفال داخل كل مدرسة! بينما طالبت أخرى بتوظيف خريجات الاقتصاد المنزلي في المخابز. بينما نادى أخريات بإنشاء معاهد مهنية لإصلاح الأجهزة الكهربائية المنزلية والتجارة والسباكة بدلاً من العمالة الوافدة. وبعيداً عن العاطفة لابد من مناقشة موضوع التقاعد المبكر للمرأة العاملة بالنظر إلى عدد المستفيدات وهن أضعاف أضعاف القلة المعرضة على إقرار ذلكم المشروع، ووفقا لما بين يدي من أرقام ودراسات أعرض هذا الموضوع الحيوي والهام: أولاً لغة الأرقام تشير إلى وجود آلاف المتخرجات المؤهلات في قائمة الانتظار بلا وظائف ففي مقال ل د. فوزية البكر نشرته صحيفة الوطن يوم الاثنين 8 رمضان 1421ه «حسب إحصاءات مكتب الخدمة المدنية بالرياض عام 1999م بلغ عدد المتقدمات المواطنات ممن يحملن الدرجة الجامعية بمختلف المناطق (44778) متقدمة مقابل (9044) وظيفة حكومية معلن عنها ورشح من المتقدمات (4515) فقط في المرحلة الأولى فيما أعلن عن بقية الوظائف وعددها (4520) في المرحلة الثانية، أي ان من التحقن بقطار العمل لذلك العام لم يتعد نسبة 20% من المتقدمات في حين بقيت 80% من الخريجات أسرى للا شيء! وتحمل هذه الأرقام عدداً من المؤشرات المادية والمعنوية غير المحدودة» وفي تصريح لمعالي وزير الخدمة المدنية نشرته مجلة الخدمة المدنية في عددها لشهر شوال 1421ه أوضح معاليه عدد الوظائف التعليمية النسوية لهذا العام 1421ه «بلغ عدد الوظائف المطروحة 8700 وظيفة تقدم لها أكثر من 50 ألف خريجة علماً بأن معاليه قد أوضح ان عدد المتقدمات لايمثل جميع الخريجات حيث ان البعض منهن لم تتقدم لطلب التوظيف» ووفقا لهذا العدد الكبير فإنه وبحسبة بسيطة وعلى افتراض ثبات عدد الوظائف المطروحة فإننا سنحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتم توظيف تلكم الأعداد الكبيرة من الخريجات اللواتي بدون وظيفة. ثانياً من خلال الأعداد الكبيرة للخريجات يتضح لنا الأهمية الكبيرة لإقرار مشروع التقاعد المبكر حيث ان في ذلك توفير وظائف جديدة للخريجات تصل إلى الآلاف وفقا لما توصل إليه الأستاذ/ عبدالمجيد الفايز في دراسة له نشرتها صحيفة الرياض السبت 24 رجب 1421ه حيث ذكر الأستاذ عبدالمجيد «تطبيقه سيوفر اكثر من (000.24) وظيفة خلال العام الأول فقط بسبب تقاعد جميع العاملات اللاتي أمضين في الخدمة عشرين سنة فأكثر ولكن هذا العدد سينخفض في العام الذي يليه بشكل كبير حيث يتوقع ان يبلغ عدد الوظائف التي ستتوفر بسبب هذا الإجراء في الأعوام الخمسة القادمة بحدود (5000 8000) سنويا حيث ان نسبة 45% من الموظفات في الوقت الحالي تقل أعمارهن عن ثلاثين عاما يضاف إلى ذلك ما أشار إليه الأستاذ/ محمد النوفل صحيفة الرياض السبت 29 شعبان 1421ه بأن التقاعد المبكر هو السبيل الأمثل لحل مشكلة الخريجات اللواتي بدون عمل إذ يقول لابد من حل عاجل يمكن من خلاله ردم فوهة هذا البركان النسوي المطالب بالتوظيف في مجال لا خيار سواه التعليم ومع كثرة الحلول وملاءمتها للظروف كان التقاعد المبكر هو الحل والعلاج الملائم لمثل هذه المرحلة الاستثنائية بما تحمله من شح في توفر الوظائف المستحدثة وبما تمر به من شد الحزام في الانفاق والتدبير المالي نتيجة لتراكمات المرحلة الماضية وما مرت به المنطقة من أزمات اثرت بشكل مباشر على الاقتصاد. ثالثاً كثير من اللواتي أبدين عدم الرغبة في التقاعد المبكر ارتأين ان في ذلك هدرا للموارد ولكن ماذا عن تكلفة بقاء الخريجات بدون عمل بعد ماصرف عليهن من مبالغ أثناء الدراسة؟ إذ تقول د. فوزية البكر صحيفة الوطن 8 رمضان 1421ه في حديثها عن التكلفة الفردية لكل طالب وطالبة «الرئاسة العامة لتعليم البنات كل طالبة في التعليم العام: من الابتدائي وحتى الثانوي تكلف 6383 ريالاً سنوياً، وقد أوضحت الدكتورة في نفس المقال ما المتوقع من خريجة الثانوية أو الجامعة وهي في أوج شبابها وتجد الأبواب مغلقة في وجهها فلا وظيفة وقد لا تتزوج سريعا وقد لا ترزق مباشرة بأطفال وهكذا من ظروف الحياة التي تنالنا جميعا فهل نتصور مقدار الهدر الإنساني لامرأة مليئة بالحياة والحيوية نهارها مثل ليلها». وقد تحدث الأستاذ/ محمد النوفل عن سبب رفض المعلمات لموضوع التقاعد المبكر إذ يقول «هؤلاء المسنات هن من رفعن صوت الرفض والشجب، الرفض للقرار والشجب لمن كان وراءه حاجتهن في (سعة الصدر) على متطلبات الوطن وفسحة الأمل لبناتهن المقبلات على الحياة بجهد السنين التعليمية وأمل العيش بشيء من الستر الوظيفي والكفاف المعيشي، هذا القرار لم يكن القبول به من قبل معظم أفراد المجتمع مفاجئا، وإنما متوقع لأنه جاء استجابة لمطالبة متواصلة من قبل الكثير دون القليل، من القواعد من النساء ممن بلغن من العمر عتيا ولم يبق لهن شيء من الاهتمام سوى (سعة الصدر في المدرسة). رابعاً كثير من الدراسات التي أجريت على النساء أنفسهن أثبتت رغبة في التقاعد المبكر إذ نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر الثلاثاء 13 رجب 1421ه نتائج دراسة أجريت على عينة عشوائية على مجموعة من الموظفات وكذلك على مجموعة من اللواتي ينتظرن الوظيفة، وقد جاءت الإجابة في سؤال عن أسباب قلة الفرص الوظيفية كالآتي: * كثرة اعداد المتقدمات وقلة اعداد الوظائف. * عدم اتباع نظام التقاعد المبكر للموظفات. وقد اقترح 40% من العينة العمل بنظام التقاعد المبكر للمرأة العاملة وفي نفس السياق نشرت صحيفة الجزيرة الثلاثاء 13 محرم 1421ه عرضا موجزاً للتقرير السنوي لمؤسسة النقد العربي السعودي لعام 1999م بقلم د. عبدالله اللحيدان وكان من بين المقترحات التي قدمها د. عبدالله لحل مشكلة التوظيف اقتراح هو تعديل انظمة التقاعد الحكومي بحيث تصبح المدة القصوى للعمل الحكومي 35 عاما مع إتاحة الفرصة لمن يريد التقاعد المبكر بعد 15 عاما فهؤلاء الذين عملوا في الحكومة قد أسسوا أنفسهم كما أصبح لديهم خبرة عملية فإذا كان يريد التقاعد المبكر فلماذا لا تتاح له الفرصة ليتفرغ لأعماله الخاصة وليحل محله متخرج أو متخرجة من الشباب، وفي رسالة ماجستير أعدتها الطالبة/ مريم الشهراني عام 1417ه بعنوان مدى إسهام المرأة السعودية المؤهلة في الوظائف المتاحة وإمكانية زيادة الفرص الوظيفية المناسبة لها في القطاعين العام والخاص كان من ضمن التوصيات» ثالثاً توصيات خاصة بنظام توظيف المرأة السعودية وكان من ضمن تلكم التوصيات: * توفير المرونة في مواعيد العمل والمناوبات والتوسع بنظام العمل بالساعات على أن يحسب للمعينة ما يتعلق بالتقاعد ونظام الإجازات. * المرونة في قوانين عمل المرأة من خلال تمديد إجازة الأمومة إلى عام واثنين بحيث تضمن المرأة مكانتها في العمل وبالتالي رعاية طفلها ويمكن اثناء ذلك إحلال الكفاءات الجديدة. * دراسة موضوع التقاعد المبكر للمرأة العاملة وإعطاء المرأة العاملة فرصة لرعاية أسرتها أو التوجه نحو الأعمال الخيرية أو إنشاء مشاريع خاصة واستثمارها مما يتيح فرصا وظيفية جديدة للخريجات. كما أظهرت دراسة أخرى عن التقاعد المبكر وقد توصلت إلى النتائج التالية: (1) ان التقاعد المبكر يحافظ على الأسرة ويدعم العلاقات الإيجابية بين الزوجة والزوج والأبناء ويضمن مشاركتهم في التنمية الشاملة المتواصلة بإيجابية إذ الأطفال اليوم هم رجال الغد. (2) ان التقاعد المبكر يسمح للمرأة بأداء الالتزامات الاجتماعية تجاه أسرتها الكبيرة وأسرة زوجها وهذا يضمن سلامة شبكة العلاقات الاجتماعية البنائية ويعيد للمرأة مكانتها الواجبة في حياتها الاجتماعية. (3) يساهم التقاعد المبكر في حل مشكلة البطالة بين النساء المتعلمات ويوفر فرصا للخريجات الجديدات للعمل وهن لم يتحملن مسؤوليات أسرية بعد. (4) أخيراً يحقق التقاعد المبكر الفرص للقضاء على القلق والتوتر والاضطراب وعدم التوفيق بين أعباء العمل والأعباء الأسرية. (5) يخفف نظام التقاعد المبكر من مشاكل الخادمات والمربيات التي تعاني منها المرأة العاملة وفي هذا دعم للتكامل والتضامن الأسري. خامساً اللواتي أكثرن من الشكوى والتذمر من كون التقاعد المبكر يمثل كل الضرر عليهن هل نظرن إلى ما سيحصلن عليه بعد التقاعد المبكر وهو نصف الراتب ويقول الأستاذ/ عبدالله الصالح الرشيد صحيفة الجزيرة السبت 22 شعبان 1421ه «بمقارنة منصفة بين الواجبات الملقاة على عاتق الرجل تجاه نفسه ومن يعول ومحدودية ماهو مطلوب من المرأة بصفة عامة يجب ان لا نعتب على الرئاسة وهذا ليس دفاعا عنها إذا درست الأمر حسب الامكانات المتاحة والواقع الذي تعيش فيه ورأت ان الحل في الوقت الحاضر يكمن في تقليص مدة سنين خدمة المرأة والتبكير في تقاعدها بعد سنين معقولة تمكن المعلمة بعدها من الحصول على تقاعد مجز ومناسب آخذة بالاعتبار والأهمية وجود آلاف المتخرجات المؤهلات في قائمة الانتظار وأضعاف عددهن في طريق التخرج بجميع التخصصات، وليس أمامهن جميعا أمام ظروف المجتمع سوى العمل في مدارس البنات كما أن الأستاذ/ محمد النوفل أشار أيضاً إلى أهمية التقاعد المبكر إذ يقول «الاستغراب من سيدة طاعنة في السن يتجاوز دخلها 14 ألف ريال في وقت تشفق أقسى القلوب على فتاة تكابد مرارة وضنك العيش رغم تأهيلها الجامعي» وأضاف الأستاذ محمد النوفل حديثه «التقاعد حل متوازن يمليه الواقع والظروف القائمة ليس لنا من الخيار سوى قبوله والترحيب به كحل يفرج أزمة امتدت لسنوات وربما تزيد خاصة وان توازنه سيكفل لكلا الطرفين الموظفة المسنة والمستجدة حق المعاش فالأولى بمخصصها التقاعدي والثانية براتبها الشهري خاصة وان عدداً كبيرا من المتقاعدات سيحصلن على تقاعد يفوق راتب موظف عاد لتوه بشهادة الدكتوراه.. إذن ماذا يضير القواعد من النساء لو رحبن بهذا القرار وبحثن عن نشاط آخر؟.. إذا كان فيهن نفس يقبل الحركة والعمل؟». سادساً تتحجج المدارس الأهلية بشرط الخبرة عندما يتم مطالبتها بسعودة الوظائف وفي حال تحقق التقاعد المبكر لن يكون للمدارس الأهلية عذر في عدم توظيف السعوديات فبعد التقاعد سيكون هناك سعوديات يحملن خبرات وتجارب متراكمة عبر السنين وبالتالي نستطيع في ذلك تحقيق أمرين في غاية الأهمية الأول تحقيق السعودة الكاملة في المدارس الأهلية والتي تعاني من ارتفاع نسبة غير السعوديات وكونهن الأغلبية في ذلك وفقا لما ذكره الأستاذ/ عبدالمجيد بن عبدالرحمن الفايز جريدة الرياض السبت 24 رجب 1421 ه بأنه يتوفر حاليا في المدارس الأهلية أكثر من (000.10) وظيفةمشغولة بغير السعوديات كما نشرت صحيفة المدينة يوم الاثنين 13/6/1421ه أيضاً من أن 90% من معلمي المدارس الأهلية غير سعوديين أما الجانب الآخر فهو الحل الأمثل لمشكلة الخريجات اللواتي بدون وظيفة. (6) لعلي استشهد بما قاله معالي الرئيس العام لتعليم البنات الدكتور علي بن مرشد المرشد في إحدى المحاضرات (لعل أول أسباب اتجاه المرأة العاملة للتقاعد المبكر وأهمها المعاناة التي تواجهها المرأة العاملة بسبب الخروج للوظيفة خارج المنزل لأنه نتيجة لتعدد مسؤوليات المرأة العاملة والصراع الذي تعيشه ونظرا لتكوينها البيولوجي والنفسي كان من الأجدر أن تتفرغ ولو لجزء من حياتها لنفسها ولحياتها الزوجية وذلك عن طريق أنظمة العمل الخاصة بها فالقاعدة الشرعية الأساسية ان المجال الأساسي لعمل المرأة هو دورها الأسرى وما تبقى من وقتها فهو للمجتمع وان الرجل هو الذي يخرج ويسعى في تحصيل الرزق وإعمار الأرض وبناء المجتمع والدفاع عنه ويصبح من الضروري ان تكون الأنظمة التعليمية للمرأة وأنظمة العمل الخاصة بها متلائمة مع طبيعتها ومختلفة عن أنظمة الرجل). ختاماً ولكل ما تقدم فإن التقاعد المبكر للمرأة العاملة هو السبيل الأمثل وربما يكون الوحيد لحل مشكلة الخريجات اللواتي بدون وظائف وبالتالي العمل على ضخ دماء شابة وجديدة فضلا عن إمكانية الاستفادة من المتقاعدات في المدارس الأهلية وذلك لما يحملنه من خبرات وتجارب اكتسبنها عبر سنوات من الجد والجهد والعمل علما بأنه وفي حال توجيههن للعمل لدى المدارس الأهلية سيتحقق لنا من ذلك النفع العظيم بتحقيق السعودة الكاملة لدى تلكم المدارس كما ان هؤلاء النساء من حقهن ان ينعمن بالراحة بعد سنين من العمل المتواصل المرهق إضافة إلى مساعدته إياهن في التفرغ لحياتهن الأسرية والاجتماعية بعد كل تلكم السنين الطوال لذلك فان التعجيل باقرار التقاعد المبكر للمرأة العاملة كفيل بتحقيق تلكم الأهداف. أحمد المانع