وسط تباين ردود الأفعال ووجهات النظر بين النساء العاملات السعوديات في القطاع الحكومي حول التقاعد المبكر للمرأة العاملة. بعد مضي 15 سنة من الخدمة الرسمية، الذي تمت مناقشته في مجلس الشورى، ومن ثم عُرض على مجلس الوزراء. جاء حديث نائب خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود مؤخرا مطمئناً المرأة السعودية العاملة، إذ ترك سموه الكريم لهن حرية اتخاذ قرار التقاعد المبكر من عدمه.. هذه الحرية كفيلة بأن تجعل المرأة السعودية العاملة تبدأ بالتفكير جديا في اختيار الوقت الملائم لها الذي تقرر فيه اتخاذ قرار التقاعد المبكر، اختياريا وليس إجباريا، كما أشار إلى ذلك سمو الأمير عبد الله، تقديرا منه للظروف الخاصة بكل موظفة.تقاعد المرأة مبكراً لقي عددا من المؤيدات وأيضاً المعارضات، ومن خلال استطلاعنا لأصوات شريحة واسعة من النساء العاملات، اللاتي ينتظرن قرار مجلس الوزراء للبت في هذه القضية، ظهرت أصوات ترغب في معرفة مقدار الراتب الذي سوف يمنح لهن بعد مرور 15 أو20 أو30 أو 35 عاماً من الخدمة للتقاعد المبكر، وأخريات رأين أحقيتهن في التقاعد المبكر، ولكن على أن يحصلن على الراتب كاملاً، نظير خدماتهن الطويلة في العمل. وفئات أخرى ترفض فكرة التقاعد المبكر، ويرين أنهن ما زلن قادرات على العطاء بسخاء للوطن، كما أن بإمكانهن التطور وتطوير أدواتهن مع تطور ونمو مسيرة التعليم في الوطن، وآراء أخرى رأت أهمية البدء بتنفيذ قرار التقاعد المبكر مع صاحبات الشهادات المتوسطة ومعاهد المعلمات القديمة، اللاتي أمضين سنوات طويلة في الخدمة وما زلن على رأس العمل من الإداريات والمعلمات في المدارس وفي مكاتب الإشراف، وبعضهن يعتقدن أن في تنفيذ هذا القرار إعطاء فرصة للدماء الجديدة الشابة، وتخفيف عن كاهل الدولة هم بطالة البنات القابعات منذ سنوات طويلة في منازلهن ينتظرن دورهن في خدمة الوطن. استطلعت (اليوم) آراء عدد من المسؤولات في قطاع التعليم بالمنطقة الشرقية، على اعتبار أن النسبة الكبيرة من العاملات في القطاع الحكومي يعملن في التعليم، إضافة إلى استبيان تم توزيعه على 300 متدربة في مختلف مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي وتعليم الكبيرات، و20 مشرفة تربوية بالثانوية الثالثة بالخبر، تابعات لقسم التدريب بمكتب الإشراف التربوي بالخبر وغيرهن. وفيما يلي نتائج هذا الاستطلاع والاستفتاء بشأن التقاعد المبكر للمرأة السعودية، والذي ارتكز أساسا على حديث نائب خادم الحرمين الشريفين حول الفقرة التي تتعلق بتقاعد المرأة المبكر. ظروف خاصة في البداية أشارت خولة بنت عبد العزيز الربيعة مديرة إدارة الإشراف التربوي بالمنطقة الشرقية إلى أنها من المؤيدات لتقاعد المرأة السعودية العاملة المبكر.. ولكنها تستدرك قائلة: أخذ قرار التقاعد المبكر يعتمد على الظروف الخاصة بكل موظفة ،وترى أن رأي صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز، في ترك قرار اتخاذ خيار التقاعد المبكر للمرأة السعودية نفسها، هو قرار صائب وينم عن قيادة حكيمة تعمل ما بوسعها لما فيه صالح المرأة السعودية. ضريبة العمل وتضيف الربيعة قائلة: يجدر بنا أن نواجه أنفسنا بحقيقة أضحت جلية للعيان، وهي أن لعمل المرأة - وإن كنت من المؤيدات له ولأهميته - ضريبة، نعم ضريبة يتحملها كل من: الزوج، الأبناء، الحاجات الأسرية، بالإضافة لإمكاناتها الجسدية والنفسية.. ومع اعترافنا بمزايا العمل وإيجابياته على صعيد الفرد والمجتمع، لابد أن نقر ومن واقع مشاهداتنا اليومية أن المرأة العاملة تعاني ضغوطا نفسية ومتاعب أسرية، لما تتحمله من التزامات تربوية ومادية، تلك الضغوط التي تحولت لدى البعض إلى أعراض صحية تحتاج للمعالجة. التقاعد يخدم أهدافا كثيرة لذا أكدت خولة أن الأعمال التي تمارسها المرأة في مجتمعنا هي من أنسب الأعمال، كونها تتوافق مع أحكام الشريعة الغراء، إذا أصبح عمل المرأة أمرا واقعا ومطلوبا ولكن إلى متى؟ والإجابة عن هذا السؤال يقودني إلى الحديث عن (التقاعد)! نعم التقاعد من العمل الثاني- وهو الوظيفة - والتفرغ للعمل الأول- وهو الأسرة- فالعمل أراه كتكليف إضافي لعملها داخل الأسرة، ولابد لذلك التكليف من أن يرفع، فلا يعقل أن تظل المرأة مكلفة طوال حياتها، وأرى أن 25 عاماً من العطاء للمجتمع ككل والأسرة المسئولة عن رعايتها كافية، لذا يأتي التقاعد كقرار عادل يخدم أهدافاً عدة منها المساهمة في توظيف الخريجات اللاتي ينتظرن دورهن في خدمة مجتمعهن، وأيضاً تفرغ المتقاعدة لنفسها من الناحية الصحية والأسرية والعائلية، والقدرة على رعاية الزوج، الذي أوشك على التقاعد- أو تقاعد بالفعل - والاهتمام به، بعد أن كان سندا وعونا للزوجة أثناء انخراطها في العمل لخدمة الوطن، فجاء الوقت الذي ينبغي أن توجه فيه ضوء الشمعة نحو أسرتها، وإن كان البعض يردد بأن الأبناء قد كبروا، ويمكن أن يكونوا قد استقلوا ماديا واجتماعياً أرد عليهم بأن الأبناء يكبرون وتكبر معهم همومهم واحتياجاتهم ومشكلاتهم، وهنا لابد أن يجدوا القلب الحاني والعقل الراجح واللسان الناصح، وما كل ذلك إلا بتواجد أم المتفرغة لمشاركتهم اهتماماتهم وإرشادهم وهم يسيرون نحو بناء أسري جديد. هذا مع التسليم بحقيقة أو للمرأة المتقاعدة طاقات كامنة لم تستنفد، بل تتجدد لرصيدها من الخبرات والتجارب التي تؤهلها للعطاء من أوجه متعددة، منها ما يتعلق بالزواج والأبناء وتوطيد الصلات العائلية وتعزيز العلاقات، إضافة إلى حقوق تتعلق بها شخصياً "ولنفسك عليك حق"، كما أن هناك أوجها لعطاء تتعلق بخدمة المجتمع لمن ترغب في مواصلة العمل ومنها إمكانية الانخراط في الأعمال الخيرية على مستوى المجتمع، وإمكانية التفرغ للالتحاق بحلقات حفظ القرآن الكريم ومدارسته، في ظروف نفسية مناسبة تخلو من متطلبات الوظيفة المرهقة. وأيضاً الحاجة إلى خبراتها في توجيه المؤسسات التعليمية الأهلية، وكثيراً ما تأتينا استفسارات حول ترشيحات لوظائف هامة فيها للاستفادة من كفاءة المتقاعدات، مما يجعل تلك المؤسسات على درجة من التميز والجدارة بفضل إمكانيات المتقاعدات المهنية. كما ان العمل الحر متاح أيضا للمتقاعدة، فالكثير منهن اتجهن لممارسة وإدارة أعمال حرة خاصة بهن، يمارسنها برضا ممتزج بالإبداع، وبتميز بمردوده الإيجابي عليها وعلى المجتمع. الراتب دافع للبقاء وتسجل خولة بعضا مما سمعته ورأته حول التقاعد المبكر وتقول: يجدر بي أن استشهد ببعض ما رأيت وسمعت حول موضوع التقاعد المبكر والرغبة فيه، ومنها اعتراف بعض الموظفات علانية بأن الحاجة الماسة للراتب هو العامل الأساسي الذي يجعلهن يتمسكن بالوظيفة، وأكدت نسبة منهن على استعدادهن للتقاعد متى كان من حقها استلام راتب التقاعد كاملاً بعد 25 عاماً من الخدمة. كما ان معظم إن لم يكن جميع من تقاعدن مبكراً صرحن عن شعورهن بالرضا والسعادة بعد التقاعد، والبعض يتساءلن بدهشة (كيف كنت أوفق بين العمل والمنزل ؟ لقد كنت أحترق!). وتضيف الربيعة: إن كان لي وجهة نظر تتعلق بتحسين بعض من جوانب عمل المرأة فأرى أن يراعى التالي: إضافة إجازة الأمومة الحالية، بحيث تمنح الموظفة إجازة 4 أشهر (اختيارية)، وبدون راتب، للتفرغ لرعاية الوليد ورضاعته، على أن تضاف هذه الإجازة إلى مدة الخدمة. وأن تحصل الموظفة المتقاعدة - بعد 25 سنة خدمة أو بلوغها سن الخمسين- على راتب تقاعدي كامل، وفي ذلك أبلغ تأكيد على تقدير وتكريم مجتمعنا المسلم للمرأة في وقت نراها فيه في المجتمعات الأخرى تعاني من الاضطهاد والظلم بإعطائها أجرا أقل من أجر الرجل وان تساويا بالعمل. وتؤكد مديرة إدارة الإشراف التربوي بالمنطقة الشرقية في ختام حديثها قائلة: مع تأييدي الشديد للتقاعد المبكر والذي على الصعيد الشخصي أتمناه لنفسي وأسعى إليه- أشد على يد كل فتاة تخطط للفرصة التي تؤهلها للسير قدما في خدمة وطنها المعطاء، وأحيي كل موظفة على رأس العمل، ما زالت تعمل في سبيل إنجاح خطط التنمية، ووضع لبنة قوية في بناء وطننا الغالي، الذي شيدته سواعد الأبناء المخلصين من أهل الجزيرة العربية. التقاعد على حساب مصلحة العمل وترى منى الملحم رئيسة لجنة تطوير المناهج بمكتب إشراف محافظة الجبيل أن من حق المرأة السعودية العاملة الحصول على فرصة التقاعد المبكر، ولكنها تستدرك قائلة: لابد ألا يكون حصولها على التقاعد المبكر على حساب العمل نفسه، إذ يجب أن تأخذ المعلمات والتربويات الجدد الخبرة من المعلمات والتربويات القديمات، من خلال الاحتكاك اليومي بهن في مجال العمل، إذ أننا سوف نخسر الكثير من الخبرات التي يمكن الاستعانة بها في تقديم الخبرات للموظفات الجدد في قطاع التعليم، وهذا الأمر ليس سهلاً، لذلك أرى أنه لابد أن تكون هناك عملية موازنة عند تنفيذ أو تطبيق قرار التقاعد المبكر على المرأة الموظفة، خصوصا وأن هناك موظفات يرفضن فكرة التقاعد المبكر، ويرين أن لديهن القدرة والرغبة في الاستمرار في العطاء لمدة تزيد على 30 عاما أو أكثر، وهذا يعد جانبا إيجابيا، لأن المرأة أولا وأخيرا تسعى لخدمة الوطن، بإمكانيات وطاقات كبيرة ومتطورة مع تطور الزمن وتطور مسيرة التعليم في الوطن. رأي حكيم صباح الصالح مديرة مكتب الاشراف التربوي بمحافظة القطيف ترى أن ترك الحرية للمرأة لتأخذ هي بنفسها قرار التقاعد، وعلى حسب ما تمليه عليها ظروفها الخاصة، أنه قرار ورأي حكيم وسديد.. تقول: التقاعد المبكر من وجهة نظري لا تلجأ إليه إلا تلك المرأة التي تعاني من ظروف أسرية خاصة، تمنعها من الاستمرار في العمل لمدة أطول. كما لا اعتقد أيضا من وجهة نظري أن ثمة امرأة ستطالب أو ستقدم على اتخاذ هذا القرار وهي لم تخدم إلا سنوات عمل بسيطة، إلا إذا كان لديها ظروف قاهرة تجبرها على اتخاذ قرار التقاعد مبكرا، فقد يكون لديها ظروف متعلقة بتربية الأولاد في البيت، أو ظروف زوجها، فهذا الأمر يرجع لظروف المرأة ذاتها. التقاعد المبكر مرفوض وترفض صباح تأييد اتخاذ المرأة قرار التقاعد مبكرا.. وتضيف قائلة: لا أؤيد تقاعد المرأة السعودية عن العمل مبكرا، بل أن المفروض تشجيعها على العمل، ولكن هناك نساء عاملات لديهن ظروف لا يستطعن معها مواصلة الخدمة في التعليم، فمثل هؤلاء لابد أن نحترم رغبتهن في التقاعد المبكر، ولكن بشكل عام فأنا لا أؤيد تقاعد المرأة مبكرا، خصوصا عندما تكون في بداية ممارستها للمهنة وسنها صغيرة، لأنها يمكن أن تكون معطاءة أكثر ولديها قدرة على العمل بصورة أكبر، بخلاف المستجدة وذات الخبرة الطويلة جدا.. ومع هذا فإن هذا القرار يجب ألا يفرض على المرأة إجبارياً، إذ يجب هنا أن تترك الحرية للمرأة، لأن هناك موظفات يُعتمد عليهن في الصرف على المنزل، ويُعتمد على دخلهن في معيشة أسرهن، أو يكون زوجها متوفى، أو مطلقة، أو زوجها لا يعمل، أو مريض، إلى آخره، فهؤلاء بحاجة ماسة للوظيفة وللدخل الشهري الكامل العائد منها، ولا يمكن أن نفرض عليهن التقاعد مبكراً.. وأرى أن ترك القرار للمرأة هو الأصح، لأن هناك شخصيات نسائية عاملة تحب وتتمنى التقاعد المبكر، ولكن بالنسبة لي ولأخريات من أمثالي مازلنا نملك الرغبة والقدرة على مواصلة العطاء للوطن، ونريد مواصلة العمل، فلماذا نسعى لأخذ التقاعد مبكرا؟ غير مقصرة وترفض صباح الرأي القائل بأن المرأة السعودية العاملة تسعى للحصول على التقاعد المبكر، لكونها تريد العودة للمنزل والتفرغ لتربية الأولاد ورعاية الزوج والأسرة، لأنها ترى أن المرأة العاملة المدبرة غير مقصرة في أداء رسالتها الأسرية، ومن قال بأن المرأة التي لا تزال على رأس العمل لا تستطيع التوفيق بين عملها وبين واجبات الأسرة والزوج ورعاية الأبناء، بل على العكس من ذلك تماماً.. تقول: المرأة قادرة بالفعل على التوفيق والموازنة بين الكفتين، وهذا الأمر باعتقادي راجع لطبيعة المرأة، وإلى قوة الإرادة التي تمتلكها, والرغبة الموجودة في داخلها للعمل. ولا أستطيع أن اعتبرها قاعدة عامة معممة على كل السيدات العاملات. دمج الخبرات يمنع الخلل ومن واقع خبرتها ترى صباح أن وجود ضوابط للتقاعد المبكر يتم فيها الدمج بين الخبرات القديمة، وذوات الخبرة القليلة من شأنه منع حدوث الخلل في العملية التعليمية والإدارية.. وترى أنه لا يجب أن تطبق كقاعدة عامة على الجميع، بل ينبغي أن ينظر إلى الخبرات السابقة، ولا بد أن يكون هناك دمج وموازنة في كل إدارة وفي كل مؤسسة تعليمية، وفي كل مدرسة، فلا يجب أن نستغني عن جميع القديمات في وقت واحد لكي لا تصبح هنالك فجوة في عملية التعليم، من شأنها أن تؤثر سلبا على العملية التعليمية، لكوننا سنفتقر لتلك الكوادر الممتازة والكوادر المدربة، واعتقد انه لو أجريت عملية خلط وتأهيل للمعلمة قبل التعيين على الوظيفة، ويكون هناك دراسة للوضع تسبق تنفيذ أو تطبيق اتخاذ أو إقرار قرار التقاعد المبكر للمرأة السعودية العاملة فأعتقد بأن أمورا أخرى سوف تتضح أكثر، مثل أن يعرف مسبقا العدد المطلوب تقاعده مبكرا، ويوضع في الاعتبار قبل اتخاذ قرار تقاعدهن المبكر، هل يمكن بالفعل الاستغناء عنهن وعن خدماتهن أم لا؟ فنكون بذلك حققنا عملية الموازنة، بحيث نكون حققنا الرغبة للراغبات في التقاعد المبكر، وفي الوقت نفسه منعنا حدوث الخلل، الذي من شأنه الاضرار بمصلحة العمل، فالعملية لابد أن تضبط ولا تتم بعشوائية لحل أزمة الخريجات بأزمة أخرى. فلك أن تتصوري مقدار الفجوة التي سوف تحدث لو أني تسلمت قرارا إداريا بالاستغناء عن جميع الموظفات القديمات وإحلال الجدد محلهن، عندها من أين أسد العجز أو الثغرة الحاصلة، ومن سيتولى تدريب العناصر الجديدة. الخضوع للرغبات والظروف الخاصة وأفضل سن للتقاعد المبكر في رأي صباح الصالح هو بعد 20 سنة من مزاولة المرأة للعمل، على أن يكون تقاعداً مبكراً واختيارياً وخاضعاً للرغبات الشخصية والظروف الخاصة بكل امرأة عاملة. أما بالنسبة لأفضل سن للتقاعد الإجباري القانوني فهو في سن الخمسين.. تقول: أجد أن الغالبية من النساء يفضلن أن يكون التقاعد المبكر بعد مضي 15 سنة من الخدمة، لكونه يخدمهن ويخدم الأخريات القابعات في المنازل بلا عمل. ولكن تترك الحرية للمرأة في اتخاذ القرار. 3 قضايا مهمة وترى شمسة علي البلوشي مساعدة مديرة إدارة الإشراف التربوي ورئيسة شعبة التطوير التربوي بالمنطقة الشرقية أن قضية "التقاعد المبكر للمرأة العاملة في وطننا الحبيب حديث لا ينتهي، عرفنا متى بدأ ولكننا حتى الآن لا نعرف إلى متى ينتهي الخوض فيه، وعند أي مرسى تقف فيه السفينة.. وتضيف البلوشي قائلة: وجاء رد نائب خادم الحرمين الشريفين مقنعاً للكثير ممن يرى أن التقاعد المبكر يظل مرهوناً برغبة الموظفة متى رغبت في ترك ميدان العمل. وركزت البلوشي في الأطروحة القصيرة التي ردت فيها على استفساراتنا وباختصار شديد على 3 قضايا مهمة هي من وجهة نظرها من أهم هموم الموظفة في الساحة التعليمية.. تقول: أتمنى أن يُعاد النظر في سنوات الخدمة التي يسمح بعدها بالتقاعد المبكر، وهو 15 عاماً فقط بدلاً من 20 عاماً، وفي هذا مكسب للميدان التعليمي في استقطاب الدماء الشابة، وفتح مجالات للعمل للخريجات اللاتي طال انتظارهن في طوابير وزارة الخدمة المدنية، وفيه مساعدة للموظفة على العودة لأطفالها وأسرتها وهي مازالت في ريعان الشباب وبكل حيويتها وطاقاتها. أما القضية الثانية فهي أشد حماساً من الأولى، وهي إعادة النظر في سن التقاعد النظامي للموظفة، فنحن نعلم أن المرأة لا تتساوى مع الرجل في استمرار قوتها الجسمانية، فهي تضعف أسرع من الرجل، ومساواة المرأة بالرجل في تحديد سن التقاعد (60 عاماً) قد يكون فيها إجحاف بتلك القوارير، التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم الذكور من أمته بأن "استوصوا بالنساء خيراً". وأعتقد أن تقاعد المرأة عند سن الخمسين عاماً براتب كامل هو خير مكافأة تقدم لها من الدولة، تقديرا لخدماتها الطويلة وصمودها طوال هذه السنوات وهي في عطاء مستمر، بل وتضحيات يشهد لها تاريخها الوظيفي المشرف لدى الدولة. الراتب التقاعدي وتطرح البلوشي قضية هي الأهم بالنسبة للمرأة السعودية العاملة في مختلف القطاعات المسموح فيها بعملها، حول قضية من أهم قضايا المرأة السعودية العاملة التي تتعلق بمصير الراتب التقاعدي للمرأة، تقول: القضية الثالثة، وهي الأهم في نظري من الأولى والثانية، وهي التي لم يلق لها بالاً - للأسف- من قبل المسئولين، وهي ما مصير الراتب التقاعدي الذي يستقطع شهرياً من راتب الموظفة، وعلى مدى 20 أو 30 بل و60 عاماً، حتى إذا توفيت الموظفة تبخر هذا الراتب، سواء وهي على رأس العمل أو بعد التقاعد، فما مصير هذا الراتب المستقطع شهرياً؟! رأي المتدربات والمشرفات وفي إطار بحثنا عن أكبر شريحة من الموظفات في قطاع التعليم علمنا بوجود 300 متدربة من الموظفات في مختلف مراحل التعليم الابتدائية والمتوسطة والثانوية وتعليم الكبيرات و20 مشرفة تربوية بالثانوية الثالثة بمحافظة الخبر، لذلك قمنا باختيارها كعينة عشوائية تم استفتاؤها من خلال استبيان تضمن أسئلتنا حول أهمية التقاعد المبكر للمرأة السعودية العاملة، وهل يؤيدنه، وما عدد سنوات الخدمة التي من الممكن بعدها أن تحصل الموظفة على تقاعد اختياري مبكر بعد 15 أو20 أو25 سنة من الخدمة؟ وما تعليقهن على ترك الحرية للمرأة في اتخاذ قرار التقاعد المبكر من عدمه؟ تم توزيع الاستبيان وكتابته من خلال الهاتف بمساعدة بدرية الزاهد رئيسة قسم التدريب بمكتب الإشراف التربوي بمحافظة الخبر، التي استخلصت نتائج الاستبيان، كما أعدته، ووزعته على المتدربات والمشرفات التربويات، وفيما يلي خلاصة النتائج التي أعدتها الزاهد: @ إن أنسب وقت لتطبيق التقاعد المبكر هو بعد 15 عاماً من مزاولة المهنة الرسمية. @ إن الغالبية العظمى منهن أكدن أن إتاحة الفرصة للمرأة في التقاعد المبكر تنتج مزيدا من فرص العمل أمام الأعداد المتزايدة من الخريجات. @ إنه يسهم في تجدد دماء العاملات في هذا القطاع الحيوي وتطويره، بما يتلاءم مع ما يشهده هذا القطاع من تطور في مختلف دول العالم من خلال ما تحمله الخريجات من طاقات وقدرات متجددة. @ إنه يفتح المجال أمام الموظفة المتقاعدة لتكريس مزيد من الاهتمام والرعاية لأسرتها، خاصة المراهقين منهم لما لهذه الفئة من مشاكل تحتاج إلى مزيد من الجهد والتفرغ. @ قد يسمح التقاعد المبكر للبعض من الراغبات في ذلك في إنشاء مشاريع خاصة تعود بالنفع عليهن وعلى المجتمع ككل. @ كما رأين في التقاعد المبكر للمرأة العاملة فرصة للجيل الجديد المليء بالنشاط والحيوية والإنتاج ليأخذ دوره في خدمة المجتمع، وفيه فرصة للمرأة العاملة لإعطاء مزيد من الرعاية والاهتمام بأبنائها. @ وجود المرأة في بيتها يساهم أيضا في تقليل العمالة المنزلية، وبالتالي تقليل المشاكل المترتبة على وجودهم. @ توفير نصف راتب المتقاعدات لتوظيف عناصر جديدة يساعد على رفع مستوى دخل الفرد، حيث تتعدد مصادر الدخل في الأسرة، ولا تبقى مقتصرة على عدد معين. @ يرين أن عمل المرأة فترة طويلة يؤدي إلى مللها مما يؤثر سلبا على جودة عطائها وعلاقاتها بالطالبات. الكسولات يلجأن للمبكر وعلى النقيض من مختلف الآراء السابقة يأتي رأي منيرة عبدالله القحطاني مديرة مدرسة الجش الأولى، التي أمضت 40 عاما في الخدمة ولا تزال على رأس العمل، حيث أنها ترى أن المرأة العاملة التي تطالب أو تعمد إلى التقاعد المبكر هي امرأة كسولة ولا تستطيع قهر الروتين اليومي في العمل، كما تصفها بأنها امرأة لا تسعى لتطوير أدواتها في المهنة. وتضيف: أنا من اللاتي يصررن على العطاء، وأرفض فكرة التقاعد المبكر للمرأة السعودية، وأرى أن الموظفة التي تفتقر للطموح الكبير في خدمة الوطن هي التي تلجأ إليه مبكرا، ويتم ذلك بعد مرور 10 أو 15 أو حتى بعد 22 سنة من الخدمة يشعرن بالملل من ممارسة المهنة، لأنهن غير نشيطات، وغير مجدات ومجددات ومتطورات مع تطور العمل والزمن، أما الموظفات النشيطات والمبدعات في مجال العمل التعليمي وغير التعليمي فلا اعتقد أنهن يفكرن في التقاعد المبكر على الإطلاق. وبالنسبة لي فأنا لا أفكر في التقاعد إلا في السن القانونية للتقاعد الإجباري. ما زلت أرغب في العطاء وتؤيدها في ما ذهبت إليه الموظفة زين المرزوقي المراقبة في الثانوية الأولى بالدمام، حيث ترى في التقاعد المبكر ظلما للمرأة، خصوصا بعد مشوار طويل من الخدمة، وهي ترفض أن تعود للمنزل حتى لا تفقد دورها في خدمة المجتمع، لتصبح بعد ذلك كماً مهملاً لا يعتمد عليه في شيء.. تقول: لقد مضى على خدمتي 24 سنة وما زالت لدي الرغبة في العطاء بسخاء للمجتمع، كما أني أعمد لتطوير نفسي باستمرار، وأعطي الطالبات من خلال توجيهاتي لهن وقيامي بإرشادهن للوصول بهن إلى بر الأمان، حيث أنهن يثقن بنا أكثر من أسرهن، كل ذلك نفعله من واقع الخبرة والتجربة في الحياة العملية، وأرى أن المعلمات والإداريات القديمات أقدر على العطاء والمواصلة، ولديهن القدرة على تحمل متاعب التعليم أكثر من المعلمات والإداريات الجدد. ولكني لا أؤيد التقاعد المبكر للمرأة السعودية العاملة، إلا وفق حدود ظروف المرأة الشخصية. صاحبات الشهادات القديمة ولحنان عزوني وكيلة المدرسة المتوسطة الثالثة للبنات بالدمام رأي آخر حول الموضوع، يناقض رأي مديرة مدرسة الجش ورأي زين المرزوقي، حيث أنها ترى أن هناك من تلجأ للتقاعد المبكر نتيجة لظروف صحية واجتماعية وغيرها، كما ترى أن سن 50 عاماً هو الأنسب لسن التقاعد القانوني الإجباري للمرأة بدلا من 60 عاماً. كما تشير إلى أن التقاعد المبكر أمر مطلوب، لو طبق على الموظفات اللاتي تعدت سنوات خدمتهن في الوظيفة الرسمية 40 عاماً، واللاتي تم تعيينهن بشهادة الكفاءة المتوسطة ومعاهد المعلمات القديمة، واللاتي لهن سنوات طويلة في الخدمة، إضافة إلى أن هناك تغيرات حدثت في المناهج الدراسية، وطرق التدريس الحديث، وهؤلاء ما زلن مصرات على العهد القديم، والأسلوب المستهلك التقليدي في التدريس، نتيجة لرفضهن التطوير، وعجزهن عن استخدام الحاسب كنظام جديد في التدريس، وإذا أرغمن على تطوير ذواتهن فأنهن يفعلن ذلك مكرهات ومرغمات بأمر إداري، كما أنهن لا يستطعن العطاء ومواكبة التطورات التي حدثت بالنسبة لمناهج الرياضيات الحديثة والمواضيع العلمية الجديدة، كما أنهن إلى جانب ذلك غير قادرات على مواكبة فكر وتطلعات الجيل الجديد من الطالبات ومتطلباتهن الخاصة. لذلك أرى أنه يجب البدء بهذه الفئة التي أمضت 35 سنة فما فوق من الخدمة عند إقرار التقاعد المبكر للمرأة العاملة من قبل مجلس الوزراء. ولكن على أن يتم ذلك بالتدريج، حتى لا يحدث خلل عند تعيين الدفعات الجديدة التي لا تملك الخبرة في العمل الوظيفي، لأن العمل التعليمي بصفة خاصة يحتاج إلى ممارسة فعلية وخبرة سابقة في العمل. كما أن الفرق سيكون مؤثرا على الطالبات أنفسهن، فهناك فرق بين من أعطت سنوات، وبين المعلمة والإدارية المستجدة، ولذلك أرى أن عملية التبديل لابد أن تتم بالتدريج، كما أن التقاعد المبكر سيقلل من حجم البطالة بين الفتيات، وستنتعش المدارس وسيتطور الطموح بضخ دماء جديدة شابة في الوظائف التعليمية والإدارية. وتتابع عزوني: لقد أمضيت بين 19 إلى 20 عاماً من الخدمة، وأشعر الآن بأن بإمكاني أن أتخذ قرار التقاعد المبكر، وأن تحل محلي موظفة جديدة على أن تبقى مدة سنة تدريبية، لكي تستفيد وتتعلم من خبراتي وتجاربي في المهنة، لأتفرغ لأولادي، وأقوم بممارسة عمل آخر. ولكن بالنسبة لغيري فأرى أن هناك أخريات تقع على عاتقهن مسؤوليات الصرف على أنفسهن، وأسرهن لذلك هم في حاجة ماسة للبقاء على الوظيفة، فيجب مراعاة ذلك. سنوات نهاية الخدمة وتختتم وكيلة المدرسة المتوسطة الثالثة للبنات بالدمام حديثها قائلة: السؤال الملح الذي اطرحه كما تطرحه الكثيرات، هو إذا كانت سنوات نهاية الخدمة حسب نظام وزارة الخدمة المدنية 40 عاماً للموظف. وبعد تعديل سن التقاعد للمرأة من 60 سنة إلى 50 سنة فكم ستكون سنوات نهاية الخدمة؟ هل ستكون 30 عاما أم 35 عاما أم غيره؟ لأن الكثيرات ينظرن لنسبة التقاعد النهائي إلى سنوات الخدمة. فإذا كان التقاعد المبكر بعد 20 عاماً من الخدمة فكم المبلغ الذي ستخرج به الموظفة عند التقاعد المبكر؟ وإذا كانت نهاية الخدمة 30 أو 35 سنة فكم يكون المبلغ الذي ستخرج به الموظفة، لأن هذا هو محور ما يدور في حديث الكثيرات من الموظفات في المجالس اليوم. حسب الاختيار وتقول سارة الشهيل مديرة مكتب الإشراف التربوي في محافظة الجبيل: من خلال خبرتي أرى أن ثمة اختلافات بين الحالات التي ستقدم على التقاعد المبكر، فهناك من أمضت في الخدمة 15سنة، وهناك من أمضت في الخدمة فوق ذلك.. ولقد حضرت مناقشة حصلت بين وزارة الخدمة المدنية في الرياض وبين الرئاسة العامة لتعليم البنات، تختص بتقاعد المرأة المبكر وخفض سن التقاعد القانوني للمرأة. حق للمرأة نوال سليمان المعيوف الموظفة في لجنة التطوير التربوي بمحافظة الجبيل، ترى أن من حق المرأة العاملة الحصول على تقاعد مبكر، لتتيح الفرصة لغيرها لتحل محلها في العمل، وتعطي كما أعطت هي بسخاء للوطن.. تقول: أؤيد خفض سن التقاعد للمرأة من 60 إلى 50 سنة، وأرى أن التقاعد المبكر في صالح المرأة في كل الأحوال وفي صالح المجتمع، على أن يكون التقاعد المبكر اختياريا، وخاضعا للظروف الصحية والنفسية والاجتماعية للمرأة. وتتابع المعيوف قائلة: وأرى ان منحنا نحن النساء حرية اتخاذ قرار التقاعد المبكر هو قرار مناسب وصائب، ويعطي المرأة السعودية الفرصة في التفكير جديا في اختيار ما يناسبها ويتواءم مع ظروفها. التدريس يأخذ من الصحة وللمدرسة بالابتدائية الأولى بتاروت فوزية السنان رأي آخر حول الموضوع، حيث ترى أن فكرة تقاعد المرأة السعودية العاملة في قطاع التعليم وغيرها أتت في وقتها المناسب، حيث أن المعلمة أو الإدارية تبدأ تتساءل وتفكر بينها وبين نفسها إذا ما كانت تنوي التقاعد المبكر أم لا، خصوصا أن مهنة التدريس بالذات تأخذ من صحة المرأة الكثير، وتأخذ منها أيضا الكثير من الجهد والوقت، لذلك هي تتعب كلما امتدت سنوات العمل بها، وذلك يرجع لعدد المناهج التي تدرسها، إضافة إلى عدد الحصص، فكلما زاد نصابها من الحصص والمناهج شعرت بالإرهاق، وفكرت في التقاعد المبكر، لأن المعلمات بالذات يصبن بالتوتر العصبي السريع، وبالتعب والإجهاد والإرهاق المستمر، ولكن بالنسبة لي فأنا لم أمض سوى 7 سنوات في الخدمة، ولا أفكر في التقاعد المبكر، لكوني غير متزوجة، كما أؤيد فكرة ترك الاختيار للمرأة في التقاعد المبكر، وهي فكرة ممتازة، وأرى أن في ترك الحرية للمرأة في الاختيار هو تشجيعا للأخريات، وبصفة خاصة من أمضين 18 سنة أو أكثر في الخدمة، كما انه مفيد أيضا لمن رغبن في التقاعد عن العمل مبكرا بمحض إرادتهن، للتفرغ بصورة أكبر للأسرة. 4 فئات وتتابع السنان: في قضية التقاعد المبكر نجد 4 فئات من الموظفات، فئة ترى أنها رغم سنوات خدمتها الطويلة في العمل ما زالت قادرة على العطاء، وان التقاعد المبكر لا يخدمها، خصوصا بعد كبر الأولاد، والفئة الأخرى ترى أنها بحاجة للتقاعد المبكر حتى وأن كبر الأولاد وفرغ المنزل من وجودهم، والفئة الثالثة من الموظفات من لهن ظروف خاصة تمنعهن من التقاعد المبكر. كما أن هناك فئة رابعة وهن غير المتزوجات وغير المنجبات والمطلقات والأرامل، اللاتي لا توجد لديهن الرغبة في التقاعد المبكر. وأرى أن يكون سن التقاعد المبكر الاختياري وليس الإجباري بعد 15 أو بعد 20 سنة من الخدمة. كما أن التقاعد وعدمه يرجع لطاقة المعلمة واحتياجاتها النفسية والصحية، ومدى مقدرتها على مواصلة العطاء من عدمه، كما أنه أيضا من الممكن أن يحل أمورا كثيرة، أهمها أزمة الخريجات الجدد، لأن بعضهن مضى على تخرجهن أعوام وهن يحلمن بفرصة لخدمة الوطن. التقاعد المبكر بعد 25 سنة وينتهي بنا المطاف عند رأي مدرسة الصفوف الدنيا بالابتدائية السابعة بالقطيف فاطمة الجامع، التي أمضت 7 سنوات في الخدمة، ولا تفكر في التقاعد المبكر، فهي ترى أنها لا تحتاجه.. ولكنها تقول: المتزوجة هي الأحوج للتقاعد المبكر من غير المتزوجة، لكونها متعددة المسؤوليات، وكذلك المرأة الموظفة التي يرغمها زوجها على ترك المهنة، ولكن تلك التي تعتبر المهنة المجال الوحيد لكسب الرزق فإن تقاعدها المبكر يضر بها وبأسرتها، لأنها لا تجد من يعولها ويصرف عليها وعلى أسرتها. وأرى أن التقاعد المبكر يكون أفضل بعد مرور 25 سنة من الخدمة.