عزيزتي الجزيرة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: خلق الله سبحانه وتعالى الانسان وميزه على غيره من المخلوقات بنعمة العقل و الإدراك، تلك النعمة التي يميز من خلالها بين النافع والضار ويعرف بها مافيه مصلحته ومضرته، ولكن الانسان العجيب لا يستجيب في كثير من الاحيان لنداء عقله بل يتركه خلف ظهره ويجري بسرعة عجيبة نحو شهوة عارضة او لذة عابرة او رغبة في النفس كامنة، واليك اخي القارئ العزيز طرفاً من تجاوزاته ومثلا حيّاً على تعدياته وهفواته: يعرف ان الغضب والحنق قد يخرجه عن طوره ويتلف أعصابه، ويقضي على صحته، ويعاين كل ذلك ويشاهده، بل ويلوم الآخرين اذا تمادوا مع تيار الغضب المحموم، ومع ذلك كله مع اول امتحان له او موقف يسير يمر عليه يتحول الى كتلة من اللهب ترمي بشرر كالقصر، فيحمرّ وجهه،، وتنتفخ اوداجه، ويندفع بكلام غريب او تصرف عجيب، لينال ممن اثار حفيظته، فما اعجب حال هذا الانسان!! اين ذهب عقله؟! اين مداركه؟! اين كلمات اللوم التي وجهها لغيره؟! لقد طارت مع اول امر تافه اثار حفيظته، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: «ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب». يعرف ان السرعة الجنونية قد تودي بحياته وحياة الآخرين، ولايتردد بإلقاء كلمات التأنيب واللوم عندما يسمع عن شخص تجاوز السرعة فألحق الضرر بنفسه او بالآخرين، بل ويؤكد كلامه بقلة الفارق الزمني بين السرعة المعقولة والسرعة الجنونية، ومع كل ذلك ومع او سفر له بعد كلماته تلك يطلق لسيارته العنان لتسابق الريح متجاوزا السرعة النظامية، ضاربا بالأنظمة عرض الحائط؟! فكم فعلك غريب وامرك عجيب، أين عقلك وكلماتك العصماء؟! لقد طارت مع اول امتحان حقيقي!! فلماذا أيها الانسان؟! ü يعرف ان التدخين يدمر صحته ويتلف امواله، ويحرق قلبه، ويجلب له الكثير من المتاعب ومع ذلك يستخدمه بشراهة، وقد يكون رقيق الحال فيحرم نفسه من كثير من الطيبات لأجل شراء هذا الخبيث، فيا ترى اين عقله؟ وهل سأل نفسه عند إشعاله لسيجارته عن الفائدة التي تعود عليه؟! لو وقف هذا المدخن مع نفسه وقفة جادة وفكر مرات ومرات عند اشعال كل سيجارة لتغلّب العقل على الشهوة، ولداسها بقدمه قبل ان تصل الى شفتيه!! نسأل الله ان يعافي من ابتلى به وان يعصمه عنه وعن غيره من المحرمات، وختاما سبحان من خلق الانسان العجيب. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.