تكثر شكاوى بعض مديري المدارس من المعلمين، ويرى اكثر المديرين ان المعلمين هم سبب شقائه ومعاناته وأنهم لو انتظموا وساروا كما يراد لأصبحوا في نعيم مقيم. وتتنوع الشكاوى بين غياب وتأخر وخروج مبكر احياناً وأحياناً أخرى بعض التقصير وكثرة الاعتراض. كما يشكو المديرون ايضاً من ضعف أداء بعض المعلمين والمدفوعين الى التدريس عنوة. أو الذين لايريدون تطوير أنفسهم بدعاوى مختلفة. وبين هذا وذاك يُحمَّل المعلم الأخطاء فيصبح هو المسيء الذي لايحب العمل وهو الذي لايرى من تطوير ذاته فائدة تذكر. ولكن هل يقف الأمر عند هذا الحد أم أن للأمر وجوهاً أخرى أهمها وجهة نظر المعلم نفسه؟ وأول ما يبدأ المعلمون بطرح وجهة نظرهم يقول قائلهم: إذا كان التدريس بتلك المتعة فلماذا لايتيح أولئك القائلون الفرصة لغيرهم من المعلمين بعد مضي مدة معينة؟ إذا كان التدريس متعة فلماذا تتفيأون ظلالاً أخرى لماذا لا تعودون تحت ظلاله، وأنا لا أعتقد أن أحداً يريد العودة إلى تجربته القاسية و التي تتمثل فيما يلي: 1 الجدول المدرسي: «النصاب» هذا النصاب الكامل «24» حصة إضافة الى حصص الريادة والنشاط والإشراف اليومي كفيلة بأن تنهي كل محاولة للإبداع أو فرصة للتجديد وإنها قادرة على سحق القوى وتدمير الأعصاب تدميراً كاملاً. 2 امتلاء الصفوف بالتلاميذ همّ الهموم وكيف لا وهناك التصحيح الذي لاينقطع وملاحظة الواجبات وتقويم المستوى وملاحظة الضعيف ومكافأة المحسن وبحساب بسيط نعرف مدى معاناة المعلم في ذلك فإذا كان في الفصل ثلاثون طالباً ولكل طالب دفتر واحد ينبغي تصحيحه وكان هناك ثلاثة أو أربعة فصول وأكثر من دفتر في مواد مثل اللغة العربية فإن الرقم سيقفز الى المئات من الأوراق التي يجب ان تصحح في أسبوع واحد فكيف وهذا بواجب واحد فكيف بأكثر من ذلك. إن تصحيح الواجبات على المعلمين كالدّين هم بالليل وغم بالنهار. 3 كثرة الأعمال التي يقوم بها والمطلوبة منه والتي قد تكون على حساب وقته الخاص أو وقت درسه. ومثال ذلك: مطالبته بإعداد الوسائل ودفتر التحضير وأوراق النشاط ودفاتر الريادة والإشراف اليومي الذي يقضي حتى على وقت الراحة للمعلم. وإنني أتساءل من أين يأتي بالوقت أليس المعلم بشرآً أليس له مطالب شخصية؟ أليس له عائلة وأولاد لهم مطالبهم ايضا. أليس عضوا في المجتمع عليه التزامات وأدوار يجب عليه أداؤها؟ 4 وفي ظل ذلك نرى المعلم يعمل مع ابنه وربما حفيده «بنفس النصاب» عدد الحصص اين فارق الخدمة؟ اين فارق الخبرة؟ أين حقه في الترقي ألا تشفع له سنوات خدمته في أن يكون أعلى درجة من حفيده أو ابنه ألا يشفع له شبابه الذي أفناه في هذا المجال أن يكرم ولو بتخفيض النصاب؟ هل يعقل أن يعمل الابن والأب والجد بنفس الطاقة والقوة والجهد؟ 5 بهذه الظروف مجتمعة أو متفرقة قد تؤدي ببعض المعلمين الى انخفاض مستوى الرضا عن العمل. وهذا بدوره له ارتباط وثيق ببعض العلل النفسية كالقلق والاكتئاب والتوتر. كما ثبت ايضا العلاقة المرتفعة بين عدم الرضا عن العمل وأمراض الشريان التاجي كما أثبتت دراسات أخرى ان هناك علاقة بين انخفاض الرضا عن العمل والغياب والتأخر او الاهمال والتقصير او الشكاوي وكثرة الاعتراض. من اجل ذلك كله نجد بعض العذر لمديري المدارس فيما يذهبون اليه تجاه بعض زملائهم المعلمين وكلنا في الوقت نفسه نجد العذر لأولئك المعلمين الهاربون من التدريس. ولاشك ان المعنيين بالادارة المدرسية يلاحظون ذلك في الهروب الى الاعمال الاشرافية او الادارية. وقد لايكون الهروب من التدريس في حد ذاته فالتدريس قد لايخلو من المتعة ولكن تهرباً من الظروف المحيطة به وما يتبعه من تبعات وأحمال نراها ثقيلة. ومضة: ما للجِمَال مشيهاً وئيداً أجندلاً يحملن أم حديداً محمد بن عايض الشهري