الرياض – أماني محمد الغامدي: كوريا بدأت نهضتها بالاهتمام بأمرين.. التعليم والصحة. شعاع: المدرسة لا تظهر في أحسن صورة إلا عند حضور إحدى المسؤولات. أم محمد: قد يطمع الزوج أو الأب والإخوان والأم براتب المعلمة. أم حازم: المرأة تزداد ضعفاً مع الحمل والولادة. أبدى عدد من المعلمين والمعلمات تذمرهم من بعض قرارات وزارة التربية التعليم التي تصدر في حقهم، ومنها نصاب 24 حصة في الأسبوع، وعن عدم اتساع الصف للطلاب، وتكليف المعلم بأشياء تمنعه من التركيز على العمل التعليمي، كالإشراف على الفسحة، أو المناوبة آخر الدوام. «الشرق» التقت بمجموعة من المعلمين والمعلمات الذين عبروا عن همومهم ومعاناتهم مع القرارات التي تصدر في حقهم. دفتر التحضير قالت معلمة الرياضيات، بدرية محمد، عن المشكلات التي تعاني منها المعلمة، «النقطة الأولى هي أن أمهات الطالبات يكثرن من التردد على المشرفات والإدارة للشكوى منا، وبعض الأمهات يردن لبناتهن النجاح دون مجهود، وبدرجات عالية أيضاً؛ النقطة الثانية والأهم هي أن دفتر التحضير ليس له أهمية مع وجود دليل المعلم، فالوقت يضيع في التحضير، وفي النهاية يصبح مجرد ديكور». تسلط المديرة وترى مدرسة الرياضيات، شعاع، أنه لا يوجد نظام في المدارس، فمدرستها فوضى، ولا تعلم إن كانت المشكلة في مدرستها فقط أم في جميع المدارس. وتابعت، «أبرز ما تعاني منه المعلمة هو تسلط المديرة وجبروتها، واستخدام صلاحياتها ضد المعلمة، وتلاعبها في الأداء الوظيفي للمعلمة على حسب هواها؛ فمن تسدي لها الخدمات وتعمل عملاً إدارياً هي من تحظى بأداء وظيفي عال. هذا بالإضافة إلى أنه لا يوجد اهتمام بالمادة العلمية. وتضيف: من المشكلات التي نعاني منها غياب الرقابة عن المدرسة، فالمدرسة لا تظهر في أحسن صورة إلا عند حضور إحدى المسؤولات، لذا نحن نفتقد وجود متابعة مستمرة للمدارس. هذا إضافة إلى عدم وجود خط ساخن لإدارة التعليم تبث فيه المعلمات من خلاله كل ما يواجهنه من مشكلات. وأشارت شعاع إلى أنه لا تواجه المعلمة عوائق في تربية أبنائها والقيام بحقوق زوجها سوى ضغوطات سرعان ما تزول بسبب ضغط العمل. الغيرة والواجبات الزوجية وأكدت معلمة اللغة العربية، هدى أحمد، وجود تقصير شديد وعوائق في تربية الأبناء والقيام بحقوق الزوج، وتقول: غالباً ما تكون المعلمة الناجحة في حياتها الأسرية ناجحة في عملها، أو بفضل عملها، وهنا قد تواجه مضايقات من زميلاتها، وضغوطات في وظيفتها، بسبب حصولها كل عام على مائة درجة، لأنها ناجحة في عملها. وقالت معلمة اللغة الإنجليزية، رنا ناصر، أن ازدحام جدول المعلمة فيه ظلم كبير بحقها، وقالت: الذي لم يجرب التدريس قد لا يراعي بأننا نعاني مثل سائر البشر، فمنا من تمرض، وتحمل، وتعاني من مشكلات زوجية، وتأتي إلى المدرسة وهي في حال لا يعلم بها إلا الله، فكيف ستستطيع الوقوف والشرح خمس ساعات. وأكدت، «ما نعانيه هو تسلط بعض المديرات، وما تفاجئنا به الوزارة من تعاميم يشبه قرارات المحاكم. كذلك يجب أن تمنع المديرة من وضع ابنتها في المدرسة نفسها، لكي لا تظلم المعلمات بسبب ابنتها». وتابعت، «المعلمة تواجه عوائق في تربية أبنائها الذين يُظلمون بسبب عملها، لأنها بخلاف جميع موظفي الدولة يجب أن تحمل الواجب المدرسي، وهو دفتر التحضير معها إلى المنزل، وتحضر الوسائل وأوراق العمل للطالبات، وكثيرات منا يعانين لإنجاح حياتهن الأسرية، ولنجعل المركب يسير». التقويم المستمر فيما رأت معلمة اللغة العربية، البندري، أن التقويم المستمر هو إهدار للوقت، وضياع لهيبة المعلم، وإهدار للمال، لكثرة تصوير الأوراق والمهارات، وفيه ضياع لروح المنافسة بين الطلاب والطالبات. وأضافت: من أهم ما نعاني منه عدم المطالبة بوجود تخصص للمرحلة الابتدائية، فالمعلمة في هذا العام تدرس مادة العربي، وفي العام المقبل مادة الدين، وهكذا. ومنتهى الظلم، بعد التصحيح المستمر طوال العام، أن تذهب معلمة الابتدائي لتلاحظ وتصحح، بينما معلمات المتوسط والثانوي يجلسن ونحن من نقوم بعملهن. نصاب الحصص وتذمرت معلمة اللغة العربية، ليلى، من نصاب الحصص، «24 حصة في الأسبوع كثيرة، ومرهقة للمعلمة، وهناك أعمال موكلة لها، مثل الريادة والنشاط واللجان، والإشراف على المكتبة، أو المصادر، أو النشاط، أو المصلى، والتحضير الذي لا جدوى منه، خاصة إذا كانت المعلمة ذات خبرة، إضافة إلى المناوبة الصباحية والفسحة. أتمنى تعيين مناوبات في آخر الدوام على المدارس، مشيرة إلى مشكلات الأداء الوظيفي، وإلى وضع الدرجات حسب رغبة بعض المديرات والمشرفات. وأكدت أن الصيانة والنظافة في المدارس شبه معدومة، بالذات عند عودتنا بعد الإجازة. الطمع بالراتب وعددت معلمة اللغة العربية، أم محمد، معاناتها مع نصاب العشرين حصة، مضافاً إليها نشاطين، والاحتياط، وحصص نشاط غير مفيدة على الإطلاق، قائلة إنها لا تناسب الجيل، فهي تعتمد على عمل لوحات ومجسمات مكررة منذ الأزل، إضافة إلى سوء تخطيط المدارس، حتى المستحدث منها، وزيادة عدد الطالبات في الفصل الواحد، مما يعيق التحكم في إدارة الصف، وعدم وجود أماكن خاصة للمعلمات، كغرفة للخدمة، ولا توجد إلا غرفة تتكدس فيها المعلمات، ويمنع فيها الفطور الجماعي، حسب رأي الموجهة الإدارية، وعدم وجود قانون يحمي المعلمة، فجميع التعاميم تصب في صالح الطالبة والمديرة! وتضيف: أحياناً تواجه المعلمة بالقيام بحقوق زوجها، خاصة وقت المناوبة والاختبارات، وفي الغالب لا تكون المعلمة ناجحة في حياتها الأسرية، وإن ادعت المعلمة غير ذلك فأغلب المشكلات تكون بسبب الراتب، وطمع الزوج فيه، أو الأب، وحتى الإخوان والأم! بين العمل والمنزل وقالت المتخصصة في علم الاجتماع، والمرشدة الاجتماعية، سحر العتيبي، «المعلمة مثلها مثل باقي الموظفات، ومنهن الناجحات في حياتهن الأسرية، أو العكس، وهذا يعتمد على قدرة الزوجة في تحقيق التوازن بين عملها ومنزلها، وإن وجدت الزوج المتفهم ستتخطى كل ذلك، وغالباً ما تكون المعلمة ناجحة في حياتها الأسرية، إلا من واجهتها مجموعة أسباب تؤدي إلى الفشل، مشيرة إلى أنه ليس هناك مجتمع عمل مثالي، ولكن الشخصية الناجحة تستطيع أن تتعامل مع مجتمع العمل بدون مضايقات. وأضافت: ضغوطات العمل كثيرة، ومنها عدم انضباط سلوك الطالبات داخل الفصل، والتكليف بمهام إدارية ومدرسية بعيدة عن المنهج، وما يتبع ذلك مما قد تواجهه من تسلط إداري، أو مبانٍ غير مؤهلة، ولا يتوافر فيها ما يحقق للمعلمة النجاح في عملها، حتى وجدت المعلمة نفسها شمعة تحترق من أجل الآخرين، ولا يوجد من يقدرها، فهي تكاد تكون مع كل ما سبق ذكره أداة للتنفيذ فقط. المعلمة المرأة ورأت معلمة التربية الفنية، أم حازم، أن المشكلة التي تعاني منها المعلمة إجازات الاضطراري، فالذكر ليس كالأنثى، والمعلمة ليست معلمة فقط، فهي زوجة وأم، وإذا مرض أحد في المنزل فهي مضطرة للغياب والجلوس في المنزل، وإذا كانت حاملاً فمشكلات الحمل لا تخفى إلا على جاحد، والمرأة مخلوق ضعيف، وتزداد المرأة ضعفاً مع مرور الزمن بسبب الحمل والولادة والحيض، ومن الظلم للمرأة مساواتها بالرجل هنا، ولابد من زيادة أيام الاضطراري، وأيضاً سن التقاعد المبكر لابد أن يختلف. المعلم والطالب وفي جانب المعلمين، اشتكى معلم اللغة العربية، عبدالحكيم محمد، من تعاميم الوزارة، «بدل أن تكون الوزارة الأم الحنون لنا صارت كزوجة الأب الظالمة، وخطاب الوزارة للمعلمين أصبح تهديداً يتوعد المتغيبين منهم، أو يتوعد المعلمين المراجعين للإدارات. مللنا وسئمنا من التعاميم، ومللنا من المضايقات من الطلاب، وعدم احترامهم للمعلم، الاختبارات في السابق كانت مخيفة للطالب، الآن مخيفة للمعلم، الذي يخاف من تكسير سيارته، ويخاف على نفسه. لم يتبقَّ سوى القول إن الوزارة تهدد كل من تسول له نفسه أن يكون معلماً! إضافة إلى أن مدير المدرسة والوكيل أصبحا يتصيدان أخطاء المعلم، مع أن واجبهم تقويم أخطاء الطلاب. جدار قصير وأشار معلم اللغة العربية، عبدالله الحريري، إلى أن أبرز ما يعانيه المعلم هو الحقوق المهضومة والمسلوبة لنا، وعدم إعطاء الدرجة المستحقة والفروقات. وأوضح أن نصاب 24 حصة لا يدع مجالاً للمعلم لاكتشاف المواهب وتنميتها لدى الطلاب، فيكون وقت المعلم كله للشرح، وحل المسائل، والتصحيح، والاختبارات، وهيبة المعلم ضاعت، بعد أن أصبح جداراً قصيراً الجميع يتسلقه، ابتداءً من الوزارة إلى أولياء الأمور والطلاب، إضافة إلى أن الفصل يكون مكتظاً بالطلاب، ومساحة الفصل لا تناسب عدد الطلاب، وخاصة في المدارس المستأجرة، وتكليف المعلم بأشياء تمنعه من التركيز على العمل التعليمي، كالإشراف على الفسحة، والمناوبة آخر الدوام. تعاميم في الجرائد وعدَّد المعلم عبدالله الغامدي بعض الهموم والمشكلات التي تؤرق المعلم وتشغله عن أداء عمله على الوجه الأكمل، وكأن غاية الوزارة سلب حقوق المعلم ودرجاته الوظيفية المستحقة، «نسي من اتخذ هذه القرارات أن كوريا عندما قررت أن تكون في مصاف الدول المتقدمة اهتمت بأمرين فقط، وهما التعليم والصحة، ونحن اهتممنا بلا شيء، ولذلك نحصد دائماً لا شيء!». التهديد والوعيد ويستطرد الغامدي: كيف أستطيع أن أنتج وأعمل بجد وأنا أحمل هم حقوقي التي سلبتها وزارتي الموقرة وأعوانها من أعضاء اللجنة؛ كيف أستطيع أن أعطي وأعلم أبنائي التلاميذ بأمانة وأنا أشعر أن من هم فوقي في السلم الوظيفي تناسوا واجباتهم التي يطالبونني بالتمسك بها. وأضاف: الأمر الآخر هو الضغوط النفسية التي تشنها وزارتنا الموقرة علينا كمعلمين، فعندما يدخل أحد المعلمين إلى إدارة التربية والتعليم التي يتبع لها، كأنما دخل إليهم عدو وخصم وليس زميلاً لهم في العمل. وزارتنا، بلا فخر، الوزارة الوحيدة في مملكتنا الحبيبة التي تصل إلينا التعاميم على صفحات الجرائد، وليس كبقية الوزارات. وليتها تعاميم تكريم، أو لرفع للمعنويات، وإنما هي تهديد ووعيد! تسريب الأسئلة وتابع، «هناك ضغوط من أولياء الأمور والتلاميذ، بسبب ما فعلته بنا وزارتنا من امتهان لكرامتنا ومكانتنا. أنا أعمل في هذا القطاع وأعلم علم اليقين أنه لن ينجح، ولن يكون له مخرجات نفخر بها، لما نعانيه نحن في أنفسنا «لن تجني من الشوك العنب». إذا تقدم ولي أمر تلميذ بشكوى نجدها على صفحات الجرائد قبل وصولها إلى الإدارة المسؤولة، وتطير بها في كل الأرجاء، وتشغل المجتمع والرأي العام، وبعد التثبت وبيان براءة المعلم تموت المعلومات، وتدفن في ظلام الليل، ويطفأ الضوء المسلط على هذا الأمر، ولا يحاسب ولا يعاقب من سبب ذلك، ولا من نشرها، لأن وزارتنا الموقرة لم تحفظ لنا مكانة ولا قيمة. ولو حدث هذا في قطاع آخر لوجدنا تلك الوزارة تقف مع منسوبها وتحاسب وتحاكم كل من شارك في تشويه سمعة منسوبيها، ليكون عبرة لمن يعتبر، وهذا الأمر أنا مستعد على أن أبينه لكم بالأدلة من خلال معاصرتي لقضية أحد الأخوة الزملاء التي شغلت الرأي العام لأيام وليال، وعندما ثبتت براءته نظاماً وشرعاً من تلك التهم، لم يذكر ذلك، ولم ينشر، ولم يعيدوا له اعتباره وكرامته التي أهدرت، بل إن التلميذ كرمه مدير التعليم ونقله إلى مدرسة أفضل من مدرسته التي كان فيها، بالرغم من أنه من جنسية عربية، وليس من أبناء هذا البلد. تحطيم السيارات وبيَّن أنه معلم في المرحلة الابتدائية، ولا يعاني من مشكلة تحطيم سيارته أيام الاختبارات، ولكن كثيراً من المعلمين في المرحلة الثانوية يكونون أمام أحد خيارين، إما تسريب أسئلة الاختبار بصورة غير مباشرة للتلاميذ، أو وضع أسئلة تعد من المعلومات العامة لكي لا يستعدي تلاميذه بقياس مستواهم الحقيقي من خلال أسئلة اختبار حقيقية، وبعد انتهاء الاختبار يكتشف أن سيارته قد هشمت، ويبدأ رحلة البحث عمن يقرضه لكي يصلحها. وأضاف الغامدي، «نجد أن المعلم نصابه 24 حصة منذ أن ينخرط في سلك التعليم إلى أن يحال إلى التقاعد، وهذا الأمر فيه ظلم للتلميذ أولاً، فالمعلم الذي قضى 15 عاماً في التعليم ليس كالمعلم الذي مازال في السنوات الخمس الأولى في عطائه ونشاطه وتفاعله وأفكاره، فلابد من مراعاة هذا الأمر. وزارة التربية والتعليم