الأمراض عديدة : منها أمراض تصيب الجسم البشري ، فتتضافر الجهود بالطب الحديث، والجهود الشخصية والتجارب وبالطب الشعبي لمطاردة ذلك.. ومنها أمراض تصيب القلوب غير الأمراض العضوية في القلب وعلاج أمراض القلوب متوفر في صيدلية تعاليم الإسلام وبقوة الإيمان الذي إذا امتلأ به القلب يبرأ من المرض كالنفاق فإنه لا يجتمع الضدان في قلب المرء: الإيمان والنفاق. أما المرض الثالث: فمن أمراض المجتمعات الذي إذا نخر سوسه في أي مجتمع استشرى وأفسد المجتمع كما يستشرى المرض العضوي في الإنسان بالعدوى مما يستوجب الحذر والتحصين ضد جرثومته.. ذلك المرض: هو الرشوة وهي من كبائر الذنوب التي حرمها الله على عباده لما فيها من مفاسد خلقية ومضار على المجتمع كله.. ولذا كانت حراما بالنص الشرعي وبإجماع الأمة.. فأكل أموال الناس بالباطل حرمه الله سبحانه والإفساد في المجتمع شدد فيه المشرع سبحانه في كتابه الكريم لأن الله لا يحب المفسدين.. وما المال الذي يأخذه المرتشي إلا مال باطل يأكله بغير حق وما الحق الضائع المأخوذ من صاحبه قسرا إلا مال سحت أخذ ظلما بغير وجه شرعي حيث بالرشوة تفسد الذمم ويصرف الحق عن مساره المعتاد إلى طريق معوج.. علاوة ما تحدثه هذه الرشوة في المجتمع من بلبلة وفساد يتسلط بسببها دافع الرشوة على خصمه ليفسد ذمة وأمانة من يأخذه، فيكون بواسطتها متغلبا بغير حق وباغيا على حقوق الآخرين وقد يتعدى إلى الأعراض أيضاً. وأشدها ما يبذل للحاكم وغيره ممن في يده مقاليد أمور حيث علقت به أمانة لم يرعها وحقوقا للآخرين لم يحافظ عليها: «فما رعوها حق رعايتها» ليميل بسبب مادفع له عن الحق، ويحكم لمن أعطاه هذه الرشوة:سواء كانت نقداً او عرضاً من أعراض الدنيا أو هدية من الهدايا..وأدناها منزلة مأدبة يكرم بها من عنده الحكم حتى يلين مع المقيم لهذه الوليمة، التي لم يقصد بها أصلاً إلا إبطال الحق عن الآخرين وانتزاعه من بين أيديهم بهذه الوسيلة حتى يحكم له ، بما يوافق هواه. ومن هنا جاء التحذير الشديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر الرشوة حيث صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه «لعن الراشي والمرتشي والرائش» فالرا شي هو الذي يدفع الرشوة، سواء كانت نقدا أو هدية أو منفعة في حاجة يقضيها الراشي للمرتشي، لتكون العملية مقايضة، عمل بدل عمل.. سواء كان الراشي من ولاة الدولة أو من موظفيها أو القائمين بالأعمال الخاصة في المؤسسات والشركات كوكلاء التجار والشركات وأصحاب العقار والمنشآت التي لا تسير عملهم وتتسع مدخراتهم وعائداتهم إلا بجذب الآخرين بما يدفعون من رشاوٍ وهدايا حتى ولو كان الذي يتوفر في السوق أجود وأرخص. فهذا الراشي أعان على صاحب الباطل بأخذ ما ليس له وعلى صاحب الحق بصرفه عنه بل نشر في المجتمع جرثومة وباء خطير يصعب علاجه لأنه يتسع كما تتسع دوائر الماء مع رمي الحجارة فيه وبهذا استحق الراشي اللعن وهو الطرد والإبعاد عن مظانّ رحمة الله وهذا لا يكون إلا في كبيرة من كبائر الذنوب أما المرتشي : فهو الآخذ الذي أفسد ذمته الراشي بعمله وتسلط بذلك على قدرات نفسه فكان أسيرا له يأمره الراشي فيأتمر ويقوده فيندفع معه.. ليهفي ذمته بما دفع له وليحكم له من الباطل بما هو غاصب له وصارفا الحق عن صاحبه الآخر ظلما وعدوانا.. ويستحق المرتشي اللعن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الانقياد وتعمد الظلم الظاهر الذي هو ظلمات يوم القيامة. أما الركن الثالث في الرشوة فهو : الرائش وهو الوسيط الذي يقرب بين الآخذ والمعطي ويزيّن لهذا وهذا فهو معين على الفساد ومتعمد الباطل بمساعيه وجهوده. استحق هؤلاء الثلاثة اللعن على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذيرا للأمة منهم ومن عملهم لتعاونهم على هذا الأمر الشنيع واصرارهم على الظلم والتعاون في سبيله ونشره في المجتمع لأن من استمرأ شيئا زيّن له الشيطان حلاوة في الطعم وعدم مبالاة بالنتيجة استئناساً بما تحقق.. ومداخل تسهّل المهمة وأعوانا على هذا العمل السيىء وكأن كل واحد من هؤلاء الثلاثة بتساندهم وتدبيراتهم قد وثق بعدم القدرة عليهم بما لديهم من أحابيل رسمتها النفوس المتمرسة على الغواية والإضلال.. وغاب عنهم مراقبة الله وامتثال شرعه بل حتى قول الشاعر في الرقابة الإيمانية الذاتية بين الإنسان وخالقه.. والتدبر في النتيجة : إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب وقد وردت أحاديث كثيرة عن المصطفى المختار صلى الله عليه وسلم في التحذير من أكل أموال الناس بالباطل والرشوة هي من أكل الأموال بالباطل ومن السحت بل إن الرشوة مال سحت وبيان عاقبة مرتكب تلك الأعمال التي من دلالة بطلانها أنها لا تعمل إلا بالخفاء ويتوجس صاحبها أن يطلع عليه أحد أو ينفضح أمره ومن ذلك ما رواه ابن جرير رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به، قيل وما السحت يا رسول الله؟ قال : الرشوة في الحكم» وروى الإمام أحمد عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: «ما من قوم يظهر فيهم الربا، إلا أخذوا بالسنة أي القحط والجدب وما من قوم يظهر فيهم الرشى إلا أخذوا بالرعب». وفي تفسير الآية الكريمة التي شنّع الله فيها بأعمال اليهود وذممهم لأكلهم السحت بقوله سبحانه:«وترى كثيرا منهم يسارعون في الاثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون »)المائدة 62( وقوله سبحانه :«سماعون للكذب أكالون للسحت» )المائدة 42( أورد السيوطي في تفسيره : الدر المنثور وابن كثير في تفسير القرآن العظيم بعض الأحاديث والآثار منها : ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : «السحت الرشوة في الدين، وقول سعيد بن جبير رحمه الله «أكالون للسحت» هو الرشوة إذا قبل القاضي الرشوة بلغت به الكفر لأنه مستعد للحكم بغير ما أنزل الله، يقول الله سبحانه «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» )المائدة 44(. وإن من إطابة المطعم الذي جعله الله وحث عليه رسول الله ليكون من أسباب إجابة الدعوة لا يكون مع امتهان الرشوة بل بالبعد عنها فهي من المال الحرام بل هي من أشد أنواع أكل الأموال بالباطل لأنها دفع المال إلى الآخرين لقصد صرفه عن الحكم بالحق وإعانته على الظلم فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وأعملوا صالحا» )المؤمنون 51( وقال تعالى :«يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم» )البقرة 172(.. ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام، وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له» . ولا شك أن المال مهما كان الذي جاء بالرشوة أو بأسبابها في مداخله الثلاثة حرام يجب على الإنسان أن يحذره في نفسه أخذا أو عطاء ومع غيره مساعدة أو دعوة إليه أو تزييناً، لأنه طريق يوصلّ إلى سخط الله جل وعلا ومحاربته ، ومن حارب الله غلب ولا ناصر له.. والمسلم مأمور بأن يكون مؤدياً لأمانة هذا الدين كما يحب الله وكما أمر حتى لا يظلم نفسه بهذا التجاوز وحتى لا يكون سببا في فتح ثغرة في سفينة المجتمع الإسلامي تغرق بسببها هذه السفينة بل عليه أن يكون غيورا إذا انتهكت المحارم مبتعدا عما يؤدي إلى غضب الله بأي سبب كان فإن الله سبحانه غيور على محارمه أن تنتهك فقد جاء في الحديث الصحيح :«لا أحد أغير من الله» والمال الحرام من محارم الله لأنه أكلٌ لأموال الناس بالباطل، فعلى كل مسلم أن يراقب نفسه في أعماله ويزن كل عمل وفق أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ليجنب نفسه وأهله وولده من أكل الحرام أو الدعوة إليه والمساعدة عليه لما في ذلك من النجاة بالنفس والأهل والولد أولا وإنقاذ المجتمع والأمة ثانيا من النار والطريق الموصل إليها.. فقد مرّ بنا حديث :«كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به قيل وما السحت؟ قال الرشوة في الحكم ». كما أن المأكل الحرام من أسباب حجب الدعاء، وعدم الإجابة.. وفي هذا روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : «تليت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية :«يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا » )البقرة 168( فقام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فقال يا رسول الله :«ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «ياسعد أطيب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ، ما يقبل الله منه عملا أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به» وقد ذكر هذا الحديث رواية عن الطبراني الحافظ بن رجب رحمه الله في كتاب جامع العلوم والحكم. وهذا يدل على أن عدم اطابة الطعام وتحري الحلال في المأكل والمشرب. مانع من استجابة الله سبحانه دعاء من يدعوه وصارف لذلك الدعاء عن أن يصل إلى الله لأنه مال خبيث والله طيب لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبا طاهرا نقيا وخاليا من مداخل الحرام. وهذا الصارف يكفي زاجرا وخسارة لمن في قلبه نبضة إيمان لأن الإيمان يحجز صاحبه عن الاستجابة لدواعي الشر والإضرار ، يقول صلى الله عليه وسلم :«لا ضرر ولا ضرار» ويقول عليه الصلاة والسلام «كل المسلم على المسلم حرام :دمه وماله وعرضه» .. والرشوة فيها الضرر والظلم وأكل المال الحرام.. وإفساد للذمم والتجاوز لحدود الله والاستهانة بمحارم الدين.. وهي من المعاصي الكبيرة.. والمعاصي إذا ظهرت في المجتمع تسببت في فرقة الأمة وموت القلوب وانقطاع أواصر المحبة والمودة بين أفراد المجتمع.. ويتبع ذلك التباغض والتحاسد الذي نهى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله الكريم :«لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره.. التقوى هاهنا »وأشار إلى قلبه ثلاثا متفق عليه. وجاءت روايات هذ الحديث بالنهي عن الحسد والتباغض والتحسس والتجسس والتقاطع والتدابر وعن النجش وهو الزيادة في ثمن السلعة لمن لا يريد شراءها ولكن لنفع البائع أو الإضرار بالمشتري.. ولا بيع بعضهم على بيع بعض وعن تحقير المسلم أو التنابز بالألقاب والظن لأنه أكذب الحديث ولا يخطب عل خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك.. وغير ذلك من الصفات الذميمة التي تغير القلوب وتضعف الإيمان وتسبب الشحناء والعداوة في المجتمع الإسلامي وتعين على المعاصي «جامع الأصول 6:523-531» والرشوة مدخل لكثير من هذه الأمور لأن دين الإسلام دين المحبة والتناصح وإعطاء الحقوق ويدعوا إلى كل فضيلة ويحذر من كل رذيلة. فالفضيلة مع ما فيها من الخير الظاهر نفعه للأفراد والجماعات فلها عند الله المنزلة الكبيرة بالأجر المدخر والنفع الظاهر أثره: راحة في النفوس وصفاء في القلوب وتراحما بين الناس ونصرة للضعيف مع الأمن في الأوطان وسلامة العرض والمال.. وعكس ذلك ما يحصل من الرذيلة عقاب من الله عاجل وآجل.. ومصائب تظهر على الفرد في نفسه وماله وولده وعلى مجتمعه بسبب أعماله خاصة عندما يكون مجاهرا بأعماله الرذيلة كالرشوة.. التي يأتي من مظاهرها ضعف النفس والذلة وعدم البركة ومن أقبح آثار الرشوة خاصة والمعاصي عامة عندما تبرز في المجتمعات ويتفاخر بها المعطي لها بغلبته على خصمه واستناده على الآخذ وهو المرتشي الذي ظلم بسببها وصرف الحق عن صاحبه عدوانا وبمساعدة الرائش وهو الوسيط الذي سهّل أمر الرشوة، وساعد على أعمالها ونتائج. إن من أقبح الآثار علاوة على اللعن والطرد من رحمة الله لأطرافها الثلاثة: ظهور الرذائل في الأمة وانتشارها واختفاء الفضائل وظلم بعض أفراد المجتمع بسبب التعدي على الحقوق بالرشوة التي دفعت إلى السرقة والخيانة والغش والخديعة والظلم وشهادة الزور والكذب وأكل المال الحرام باستباحة ما حرم الله وانتهاك المحرمات.. وغير ذلك من أعمال رذيلة يجر بعضها بعضا بسبب الرشوة، التي كانت من كبائر الذنوب وأعظم المعاصي.. مما يورّث العداوة وتحقيق نزول العقوبات من الله يقول صلى الله عليه وسلم «إن الناس إذا رأوا والمنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه» رواه الإمام أحمد في مسنده . والواجب على العلماء التنبيه على خطر الرشوة وأضرارها العديدة وعلى المجتمع التعاون في القضاء على أسبابها بالطرق التي تعين ولاة الأمر في ذلك. وهذا من أفضل سبل التعاون في النهي عن المنكر. عدالة الله : ألخص هذه الحكاية من قصة واقعية جاءت بمجلة التربية الإسلامية العدد 9 السنة 20 ربيع الآخر عام 1398ه بقلم الأستاذ محمد صالح كريم خان وهي طويلة نوعا ما : فقد كان أحد الشيوخ الذين اثقلت كاهله متاعب الحياة في احدى القرى العربية قد جمع قطيع غنمه الذي سهر عليه هو وأولاده ومعهم عجوز قد ثقلت مع الأيام بالأمراض، وذهب لمدينة ليبيعها بعد أن فتر سوق البيع في القرية وما حولها بعد أن أشار إليه أحد معارفه بذلك. وصل المدينة فأودع أغنامه عند من يرعاها حتى موعد البيع صباحا وسكن في أحد الفنادق المناسب لمثله.. وفي الصباح الباكر دخل سوق الأغنام بقطيعه فكان في شدة الرواج وانساه ذلك طعام الإفطار فباع وقبض ثمنا ما كان ليحلم به. طوى المبلغ بكل هدوء وضم إليه دفتر نفوسه في صرة أودعها جيبه حتى إذا احتاج إلى هويته الشخصية أبرز الدفتر فيكون بذلك قد تفقد المبلغ وتأكد من وجوده.. وعندما دخل أول مطعم ليسد جوعه وتعبه مدّ يده بعد الفراغ إلى جيبه وأخرجها ثانية وثالثة فانتابته رجفة وزاغ بصره. فما عساه أن يقول لصاحب المطعم وقد وقع فريسة للاحتيال.. رفع صوته يدعو بالويل والثبور على ذلك اللص الذي سرق كل ما يملك.. لقد صدقه صاحب المطعم بالقرائن واستجاب ذوو القلوب الرحيمة بما تيسر من المال ليعود لأهله، وفي الفندق شاركه العديد من النزلاء الشعور وطلبوا منه رفع شكوى.. فأبلغ الشرطة.. وصاحب الفندق يقنعه بالبقاء يوما بعد يوم لعل في بقائه الخير فآثر البقاء ولم يفارق الفندق وهو صابر محتسب يدعو ربه ويتحسب على ذلك المحتال. في اليوم السادس أيَسَ الشيخ بعد أن طار عنه النوم وتقاذفته الهواجس كيف يقابل أولاده والعجوز؟ وبأي وجه ينظر إليه الأقرباء وأهل القرية ؟ لقد كان أقوى هاجس يصارعه هو ندمه الشديد على هذا السفر وقد كان بإمكانه بيع غنمه في القرية أو اقرب مدينة راضيا بالثمن وإن قلّ. عزم في صبيحة ذلك اليوم على السفر شمالا لقريته متوكلا على الله في مخيلته هواجس وأفكار.. أما اللص فكان من المحترفين الذين يتصيدون عثرات الناس، واختيار البسطاء أمثال هذا الشيخ فقد رآه وهو يعد نقوده الكثيرة وعرف مخبأها فسال لعابه لذلك وتابعه حتى وجد الصرة فاستلها بمهارة المحترفين الذين يستعملون حيلهم لسلب أموال الآخرين عندما تحين اللحظة الحاسمة، واعتبرها غنيمة العمر ففرح بذلك المال وركب أول سيارة تنقله إلى مكان بعيد جهة الجنوب.. وإذا هو مع ما قدر الله وجها لوجه فاصطدمت هذه السيارة بأخرى وكان اللص من بين القتلى المتهشمين حيث لم تستطع الشرطة التعرف على سحناتهم فبادروا إلى جيوبهم فكانت هوية ذلك السارق تلك الصرة. وفي الوقت الذي مات فيه السارق كان الشيخ يحكي قصته المؤلمة لصاحب الفندق وفي أثناء ذلك كان ماله وهويته عند أهله وهم يتقبلون التعازي فيه وكم كانت المفاجأة إذ انقلب المأتم إلى فرح ولقاء فقد عاد الشيخ سليما ووجد مبلغه المالي قد سبقه إلى أهله. وانتقم الله من السارق «التربية الإسلامية ص 567»