اصبحت المعلومة في عصر الانترنت متاحة للجميع وبأسرع الاوقات حيث يسمع بها الصغير والكبير. القريب والبعيد في وقت واحد )وان لم يعد للمسافات فرق في ثورة الاتصالات( طالما الانسان يبحث ويتشوف شأنه دائما في استعجال كل جديد بما في ذلك ما يؤدي الى حتفه.. اذ خلق الانسان عجولا.. اردت ان اصل الى ان استقبال المعلومة لم يعد يفرق بين من يعي دلالاتها وذاك الذي يهز رأسه معلقا بعبارة )غريب( فالغرائب اصبحت لا تعد ولا تحصى في عصرنا الراهن وتلك حكمة إلهية يريد بها الخالق الادراك بأن في هذا الكون من العجائب ما لا يدركه المخلوق الا بعد وقت طويل من التوقع حتى لا يصاب بالفجيعة وتلوث العقل وهو ما نفعله في كثير من امورنا الحياتية عندما نريد ان نبلغ خبرا مفجعا يهز المشاعر الى من هم حولنا مثل الموت والحوادث المؤلمة لمن يعزون علينا فيأتي الابلاغ بترفق وعلى مراحل حتى يكون العقل متقبلا او متوقعا لماهو اشد صدمة. فقبول المعلومة او حدوثها ليس هو كل شيء ومعذرة لهذا الاستطراد لأن الكتابة الصحفية علمتنا بأن القارىء اليومي ليس في مستوى واحد من التقبل ويحتاج الى بعض الشرح او المداورة بقصد الاقتراب من فهمه بدون مباهاة من الكاتب انما استخدام اكثر من وسيلة حتى نقف على قدم المساواة، ومعذرة لبعض الاصدقاء بالذات الذين اخذوا يعيبون علينا التطويل احيانا في كتابة الزوايا لانها تأخذ الكثير من وقتهم لتصيّد خلاصة الفكرة. فالمعلومة الماثلة للعيان لا تقبلها العقول بصورة متساوية كما اسلفت انما تترك انطباعا متباينا لمن يستقبلها ما بين غير عابئ وذاك الذي تختلط في ذهنه مع مفاهيم اخرى يحاول الربط فيما بينها ثم وهذا هو المهم من يفكر بدلالاتها وتأثيراتها الاجتماعية على شرائح المجتمع حسب مستوياته وكذلك لدوره هو في تفسيرها. وهؤلاء بالذات وهم الذين يدعون بالنخبة في اي مجتمع تقع عليهم مسؤولية استنباط المفهوم الفلسفي لكل جديد.. وعلى سبيل المثال فإن هبوط الانسان على القمر اخذ من النقاش وقتا طويلا بين مصدق ورافض رغم ان صورة الحدث ماثلة للعيان عالميا وليس محليا فالصدى او التأثير كان ما يشبه الصدمة لاسيما عندما اتضح ان سطح القمر او مكوناته لا تختلف كثيرا عما في الارض لان الصورة في الاذهان او التصور لم يكن يتخيل هذا الذي رأته الملايين امام انظارها. وحتى الصخور التي احضرت من ذلك الكوكب ما زالت تجد الشك في حقيقتها.. النخبة فقط هي التي تقبلت الامر بنظرة ابعد مدى تحليلا وتفسيرا وشرعت تستنبط دلالاته العلمية وقدرة الخالق عز وجل على ايجاد كواكب بالملايين في هذا الكون السرمدي الذي تعايش بحسابات دقيقة للغاية بحيث ان تجاورها رغم ملايين المسافات الضوئية بينها لم يجعل بينها تضارب يؤدي الى اقتحام سيرورتها ومداراتها في نظام محكم لا تداخل بينها انما الانضباط هو الذي يوحد بينها. وهو ما اسقط بيد المتشككين في وجود الخالق المسيطر على هذا الكون صغيره وكبيره وعمق الايمان بسطوته والخوف من غضبه. فالنخبة من بين مسؤولياتها الاجتماعية الكثيرة بقدر ما تعلم عليها في المقابل الا تختزن ما تستبطن وتلوذ به لنفسها لان كافة العلوم ما هي الا هدية الخاصة الى العامة في اي شأن من شؤون الحياة واذا كانت تلقى بسبب وعيها الاقماع فما ذلك الا بعض ثمن الخشية من تأثيرها الاجتماعي كونها تستوعب حركة التاريخ وايحاءات العلم والتفاف العامة حولها. للمراسلة: ص. ب 6324 الرياض 11442