اريد ان اقتطع ذلك المشهد من سياقه لانني اريد ان أتأمله والتمتع بهنية إنسانية قصيرة وناصعة استطاعت ان تصل اليها البشرية عبر تاريخ مدمى بالحروب والمآسي وبأنهار من الاحزان التي تفجرت من خلال صراع الانسان من اجل السلطة, وأريد ان اتخلص للحظة قصيرة من امريكا الرجل الابيض المستعمر وامريكا اضطهاد الملونين والحقبة المكارثية والهيمنة الاقتصادية وفضائح سي, اي, ايه التي تفرقع بين الفينة والأخرى، لأتأمل مشهد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد. الرئيس الاسبق ظل في البيت الأبيض الى 20 يناير بالتحديد ومن ثم ليس يوماً ازيد ولا يوماً أقل ومن ثم ألقى خطابا ودع فيه سكان الولاياتالمتحدة بما فيهم أعداؤه وأطراف فضيحته، في خطاب كان يوقع فيه على الصفحات التي سيسطرها التاريخ عن فترة حكمه، ومن ثم وقف في مراسم تنصيب الرئيس الجديد الذي ينتمي الى حزب مخالف يتأمل مناصب التنصيب ويصفق بحماس لكل كلمة تقال، ويهيئ نفسه للنزول الى طبقات الشعب الذي خرج منه!! وفي تلك اللحظات ذاتها التي كان العالم المتفوق يتداول السلطة بشكل استعراضي تحت مرأى ومسمع من انظار العالم وعاصفة ثلجية تشارك هذا الحدث المهيب. كان الجنرال كابيلا على متن طائرة تنقله أملاً في العلاج وهو يحتضر من جراء رصاص نخل صدره في حروب السلطة التي لا تنتهي في دول العالم الثالث على حين كان استرادا رئيس الفلبين الذي حكم الفلبين عامين مليئة بالفضائح الاخلاقية والسياسية يختبىء مذعوراً من الحشود التي طالبت بدمه بعد ان وصل الفساد الاداري والمالي الى اقصاه في الفلبين. وهكذا دماء وحروب اهلية وصراع على السلطة بالقهر والنار والدماء والقتل والسحل والنفي على ابسط الاحتمالات، المشهد الدموي الذي اعتاد العالم الثالث والكرسي المطلق الازلي الذي يهيمن بقوة واستعلاء على صوت المجموع أو إرادته, لماذا يتوقف التاريخ في مناطق بينما يواصل مسيرته في مناطق أخرى، وخرجت فرنسا من حكمها الاقطاعي عندما تحول سجن الباستيل الى متحف ومزار، وعندما تحولت حكاية الملكة ماري انطوانيت مع الخبز والبسكويت حكاية وطرفة تتندر بها كتب التاريخ وعندما صعدت فوق هرم الجماجم التي أهدرت في الثورة الفرنسية لتتمكن من ملامسة نجمة الحرية. وما برح العالم الثالث في الصفوف المتأخرة متقهقراً بأجيال عن المسيرة التي تحاولها البشرية من اجل العدالة والكرامة الإنسانية. e. [email protected]