مانيلا - أ ف ب، رويترز - توفيت الرئيسة الفيليبينية السابقة كورازون أكينو التي أطاحت ثورة «قوة الشعب» التي قادتها بالديكتاتور فرديدناند ماركوس وأعادت الديموقراطية الى البلاد، ورحلت أكينو أمس بعد صراع مع سرطان القولون استمر 16 شهراً. وكانت أكينو (76 سنة) أول امرأة تتولى مسؤولية رئاسة دولة في آسيا. وقد دفعها الى الساحة السياسية الفيليبينية اغتيال زوجها زعيم المعارضة بنيغنو أكينو في 21 آب (أغسطس) 1983. وقادت ملايين الفيليبينيين الذين كانوا يحتجون على الفساد في نظام الرئيس ماركوس، الذي سجن آلاف المنشقين خلال حكمه القاسي الذي استمر 20 عاماً. وتولت أكينو المعروفة باسم «كوري» الرئاسة من 1986 الى 1992، وسيتذكرها الناس دائماً بأنها المرأة النحيلة بالملابس الصفر التي أبعدت ماركوس من السلطة عام 1986. وبلغت الأحداث الصاخبة في تلك الأسابيع أوج التصعيد عندما أوقف ما يصل الى مليون شخص يلوحون بالمسابح والزهور الدبابات من التقدّم في اتجاه متمردي الجيش المدعومين من أكينو. وعندما فر ماركوس المذهول وزوجته ايميلدا من البلاد، أعطت سابقة للمعارضين بدءاً من جنوب أفريقيا وحتى أميركا اللاتينية وباكستان. واعتبرها كثر «جان دارك العصر الحديث». لكن رئاستها كانت أقل نجاحاً من الثورة حيث أدت سلسلة من محاولات الانقلاب من الجيش الى إصابة الإدارة بالعجز. وفشلت خصوصاً في تغيير النظام السياسي الذي تطغى عليه نخبة من العائلات الكبيرة. كما تسببت الكوارث الطبيعية ومن بينها الثورة الضخمة لبركان جبل بيناتوبو عام 1991، في الإضرار بالاقتصاد في شكل كبير. ثورة إعادة الديموقراطية وأعلنت الرئيسة غلوريا أرويو، التي تقوم بزيارة الى الولاياتالمتحدة، الحداد 10 أيام على أكينو التي وصفتها بأنها «كنز وطني». وقالت: «قادت الراحلة ثورة أعادت الديموقراطية وحكم القانون الى امتنا في وقت حرج جداً». وتلى بنيغنو أكينو جونيور، ابن الرئيسة السابقة عضو مجلس الشيوخ الفيليبيني، بياناً أمام مستشفى ماكاتي في مانيلا الذي نقلت إليه والدته، أن «والدتنا فارقت الحياة بسلام نتيجة توقف القلب والتنفّس». وزاد: «كانت تريد أن نشكر لكل واحد منكم صلواته وحبه ودعمه الدائم»، مؤكداً أن «وصيتها هي أن نصلي لبعضنا بعضاً ومن أجل البلاد». وظهر تيودورو لوكسين المساعد السابق لأكينو وسكرتيرها المكلف بشؤون الإعلام على التلفزيون وهو يبكي. وقال ان «النقاء والنبل لم يغيبا يوماً. لم تطلب يوماً أي شيء في المقابل». وأضاف أن أكينو «تمكنت من القضاء على مركز الفساد في الحكومة لأنه كان لا يمكن إفسادها». وفي واشنطن، تلا الناطق باسم البيت الأبيض روبرت غيبس بياناً أكد أن الرئيس باراك أوباما «يشعر بحزن عميق» بعد رحيل أكينو، وأن «شجاعتها وتصميمها وقيادتها تشكل مصدر الهام لنا جميعاً ونموذجاً للأفضل لدى الشعب الفيليبيني». من جهتها، عبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن حزنها لوفاة أكينو، التي «كانت محبوبة من شعبها وأثارت إعجاب العالم بشجاعتها الاستثنائية بعد اغتيال زوجها ثم خلال عملها كرئيسة» الفيليبين. مراسم خاصة وقرر أبناء أكينو الخمسة دفن والدتهم في مراسم خاصة الأربعاء المقبل قرب زوجها بنيغنو «نينوي» أكينو. وأكدوا أنهم لم يتحدثوا الى أي مسؤول في مكتب الرئيسة أرويو. وقد نقل جثمانها الى حرم المدرسة الكاثوليكية لإلقاء نظرة الوداع. وعبر سياسيون وأصدقاء للأسرة عن تعازيهم بينما أقامت الكنيسة الكاثوليكية قداديس على روحها. وفي ماكاتي وسط مانيلا المالي، علقت صورة عملاقة لاكينو. وأمام منزل عائلتها، وضع الجيران الورود. وأعادت أكينو التي كانت ربة منزل وأصبحت رئيسة بعد تردد، صوغ دستور البلاد. وأفرجت عن المعتقلين السياسيين منذ عهد ماركوس وبدأت محادثات سلام مع مختلف حركات التمرد. وبقيت ناشطة في احتجاجات الشارع لإدانة فساد الحكومة حتى آذار (مارس) الماضي عندما شخصت إصابتها بسرطان القولون. وهي طالبت مرات باستقالة أرويو التي كانت تؤيدها لكن سنوات رئاستها التسع اتسمت بفضائح عدة. وأكينو التي عرفت بتواضعها، رفضت عرضاً باستخدام سيارة ليموزين رئاسية لحضور حفلة تنصيب فيدل راموس الذي تولى الرئاسة خلفاً لها. كما وقفت في صف الكنيسة خلال حركة الاحتجاج السلمية المدعومة من الجيش من أجل إسقاط الرئيس جوزف استرادا الذي استشرى الفساد في عهده. الا أنها تصالحت مع استرادا قبيل وفاتها وسمحت له بزيارتها الأسبوع الماضي. وهو قال أمس: «كانت امرأة تتسم بالقوة والرقة»، مؤكداً أن «الشعب فقد اليوم أماً».