حول الرئيس الفيليبيني المخلوع جوزيف استرادا فترة حكمه إلى مشهد ساخن في أحد أفلام "الترسو" الفيليبينية، ومارس السياسة على طريقة أبطال أفلام الحركة لكنه لم ينجح في كسب الفقراء الذين أحبوه ممثلاً وصوّتوا لوصوله إلى السلطة وهم يحلمون بأن ينتصر على الظلم، كما فعل في دور "هارب من القانون يحارب من أجل المقهورين"، الذي جسده في السينما الفيليبينية قبل سنوات. خيبة أمل الفقراء من استرادا لم تقتصر على فشله في الحكم ورعاية الفساد والمقامرة والسكر والعلاقات النسائية غير الشرعية، وممارسة "النهب الاقتصادي" بأساليب مكشوفة، بل تعدت ذلك إلى إعطائه الجيش فرصة للهيمنة على مقاليد الأمور وفي شكل مباشر... فضلاً عن أن استرادا قدم صورة سيئة عن السينما الفيليبينية في مواجهة السينما الأميركية التي سبق أن أوصلت رونالد ريغان إلى الرئاسة، على رغم أنه ممثل من الدرجة الثالثة ولم يصل إلى شعبية استرادا ونجوميته. لا شك أن استرادا خذل الجماهير في بلاده، وقدم صورة سيئة عن الفنانين والممثلين السينمائيين في الفيليبين وخارجها، لكنه قدم خدمة عظيمة للتجربة الديموقراطية في العالم الثالث، وكشف بعض ممارساتها التي لا تختلف كثيراً عن الخِدع في أفلام الحركة التي اشتهر بها... كأنه أراد أن يقول للفيليبينيين من خلال تجسيده دور الرئيس أن بعض التجارب الديموقراطية في دول العالم الثالث يرفع شعار الدفاع عن الفقراء، لكنه يطبق هذا الشعار بتضخيم سلطة الفرد، وتهميش دور المؤسسات وسلطة القانون، لذلك فهو لا يختلف عن الأفلام السينمائية التي يجسدها أبطال يحترفون القمار والنهب وشرب الخمر والاستهتار بالعمل، ويدّعون الدفاع عن الفضيلة. الأكيد أن الفيليبين أسيرة الجيش منذ سنوات، لكن خروج استرادا بتحالف الجيش مع الكنيسة يعني أن حكم الجيش للبلد سيستمر سنوات طويلة مقبلة. وتلك خطورة أخرى تضاف إلى أخطار تعاظم دور الجيوش وتدخلها في السلطة في بلاد العالم الثالث. وإذا تحالف رجال الدين والعسكر، فاقرأ على البلاد السلام.