لا ندري ما إذا كان قرار لجنة الاحتراف بإلغاء المادة (18) جاء بقرار ملزم من (الفيفا) أم أنه قرار داخلي بناء على دراسة وآراء بقصد تطوير الاحتراف؟ وإذا كان الأمر ملزماً من الفيفا فأين إلزامية بقية الأنظمة الخاصة بتحول الأندية لكيانات تجارية واستقلاليتها وانتخاب رؤساء للأندية والاتحادات الرياضية ومشاركة الفرق النسائية واستقبالية اتحاد القدم وغيرها من الأنظمة؟ أما إذا كان القرار داخلياً من لجنة الاحتراف السعودية، فعلى ماذا بني القرار وهل شارك في اتخاذه كل المعنيين، أو هل بني على دراسة تثبت أنه مناسب لوضع الكرة وأنظمتها في السعودية؟ فليس من العدل أن تحرر عقود اللاعبين المحترفين ولا تحرر استثمارات الأندية ومدخولاتها المادية، حيث مازالت الأندية تستجدي تبرعات أعضاء الشرف لكي تقف على قدميها، ومازالت تعاني من أزمات مالية قبل هذا القرار فما بالك بما بعد هذا القرار! وإذا كانت لجنة الاحتراف تقول إنها أجرت استفتاء أو تصويتاً حول هذا القرار، فإننا نقول إن القرار اتخذ قبل الاستفتاء، بدليل أنه جاء مخالفاً لنتائج الاستفتاء حيث لم يصوت لصالح هذا القرار سوى ناديين فقط، بينما صوتت بقية الأندية ضد إلغاء المادة (18)!! ويبدو أننا نحتاج لتسريبات (ويكيليكس) لنفهم ونعرف كيف تدار لجنة الاحتراف وكيف تصنع قراراتها، فليس من المصلحة ولا من العدل أن يتبنى النادي لاعبين منذ الصغر في درجة الناشئين ودرجة الشباب ويتكفل بصناعة لاعب، ثم بعد أن يصبح نجماً لامعاً تتساوى فرص الحصول على خدماته بين النادي الذي صنعه والنادي الذي سينتقل إليه، بسبب إلغاء المادة (18) التي كانت تضمن حقوق النادي الذي صنع النجم بثلثي مبلغ الانتقال كما كان في السابق. فأول نتائج هذا القرار هو تدمير مستقبل الكرة السعودية فلن تهتم الأندية بعد اليوم بالفئات السنية ولن تصرف مبالغ مالية على صناعة نجوم جدد أو اكتشاف مواهب وستوفر جهودها في هذا الشأن لأن موسم الحصاد سيكون للآخرين، وستبحث الأندية عن اللاعب الجاهز فقط، وسيكون هذا القرار في صالح الأندية التي تمتلك المال ولا تمتلك النجوم لأنها أهملت لسنوات طويلة الاهتمام بالفئات السنية، وسينتج عن هذا القرار أيضاً أن يتكدس النجوم في الأندية الغنية فقط وتنحصر المنافسة بين فريقين أو ثلاثة وقد يتحول دورينا إلى (أهلي وزمالك) وستخسر الأندية التي خططت منذ سنوات طويلة لإنتاج مواهب كروية لصناعة مستقبل الكرة السعودية. ولا أبالغ إذا قلت إن أندية مثل الاتفاق والقادسية والوحدة التي تعتمد في مدخولاتها المادية على صناعة النجوم وبيع عقد بعضهم، أنها ستكون في وضع سيئ جداً والأسوأ من ذلك أننا لن نجد نجوماً لتمثيل المنتخبات بدرجاتها المختلفة بعد سنوات قليلة من هذا القرار، فما ذنب الأندية التي سارت لسنوات وفق خطط إستراتيجية لصناعة أجيال من النجوم؟ وما ذنب الأندية التي لا تملك راعياً رسمياً ولا استثمارات وتعتمد في مصروفاتها على بيع عقد أحد نجومها؟ إن هذا القرار سيجعل نجاح العمل الرياضي في الأندية مرهون برؤوس الأموال فقط، ولا مكان لأصحاب الفكر والتخطيط وستصبح الأندية ضحية لمبالغات ومزايدات لاعبيها. فماذا لو عاد (هامور) الانتقالات للوسط الرياضي، وأصبح همّه تفريغ ناد معين من النجوم؟ من يمنعه أو يردعه وبأي نظام سيوقف عبثه؟ فاليوم لا فرق بين من عمل بوعي لسنوات وبين من سيحول عقود الاحتراف إلى (مضاربات تجارية). ومن أجل ذلك، ومن أجل مستقبل الكرة السعودية نناشد القيادة الرياضية بإعادة النظر في إلغاء المادة (18) أو تأجيل هذا القرار حتى تتم دراسته بمشاركة مسؤولي الأندية وخبراء هذا الشأن، للخروج بقرار منطقي يخدم الكرة السعودية ويتناسب مع وضع الأندية المالي والإداري. فالخوف كل الخوف أن يتم العمل بهذا القرار لفترة معينة، ثم يلغى أو يعدل بعد أن يكون قد خسر من خسر وربح من ربح!! لأن الخاسر الأكبر هو مستقبل الكرة السعودية.