الإقرار بالحقوق وتطبيق النظام وفق اللوائح المنصوص عليها مسبقا ستجعلنا نقدم العدل قبل كل شيء ولا يمكن أن نجادل في هذا الأمر بأي حال من الأحول ، لن يقبل أي إنسان في قلبه إيمان بظلم الآخرين حتى وإن جاء هذا الظلم باستغلال ثغرات القانون واللعب عليها ، فالقوانين الوضعية في كل مناحي الحياة بها من الثغرات الشيء الكثير ولا تحتاج إلا لمدرك متخصص بالقانون يفهم اللوائح حتى يستطيع توظيفها وفق مصالحه . لا يكاد يمر صيف إلا ومسرحية (الكوبري) أول القضايا التي تتصدر الصحف ويناقشها الإعلام بمختلف وسائله ، وهي الحقيقة التي بدأت الأندية تتجه لها بسبب ارتفاع أسعار عقود اللاعبين أو التنازل عن بعض النجوم الذين مازالوا يمارسون اللعبة كهواة وهذا الأمر دائما ما يكون فيه الطرفان على النقيض تماما من الناحية المادية بمعنى تجد ناديا يملك مداخيل وإيرادات مالية مرتفعة وناديا بالكاد يستطيع صرف مرتبات نجومه فالأندية ممن هم محدودو الدخل من ضمن مصادر إيراداتهم النجوم الذين ينتقلون للأندية الكبيرة بمبالغ كبيرة تجعلهم يستفيدون من تلك المبالغ في صناعة نجوم آخرين .. هكذا هي الحياة في مجملها عرض وطلب . تلك الأندية الصغيرة في عوائدها المالية تتلخص نجاحاتها في هذا الأمر .. تستقطب النشء وتبذل مجهودا في صقل موهبته حتى يصبح ناضجا فنيا ويصبح مطلبا للكثير من الأندية حينها سيجدون من يقدر قيمة هذا النجم ماديا ويتفاوضون على سعره وفق بورصة الانتقالات . فعلى سبيل المثال النجم النصراوي محمد السهلاوي الذي يعتبر أعلى صفقة انتقال في الملاعب السعودية جاء من القادسية إلى النصر بملغ كبير استفادة منه الخزينة القدساوية وقبله ياسر القحطاني والأمثلة في هذا الإطار كثيرة جدا إذن هنا نستطيع أن نقول بأن القادسية حققت انجازا ونجح في بعض استراتيجياته الموضوعة مسبقا . هذا الأمر جميل جدا ومفيد لبعض الأندية التي لا تطمح بالمنافسة وهدفها دائما البقاء ضمن دائرة الأضواء في دوري زين حتى تسوق لنجومها من خلال الملعب فمتابعة الدوري الممتاز تختلف تماما عن متابعة ما دون ذلك فنجوم الممتاز دائما تحت الأضواء ويسهل اكتشافهم من قبل المدربين ورؤساء الأندية . غير جيد في الأمر لو استمرت حيلة (الكوبري) كما يصفها رئيس لجنة الاحتراف قبل أن يتدخل ويُعيد الحق لأصحابه وأصبح اللاعب الهاوي يستطيع أن يترك ناديه بغرض الاحتراف الخارجي ثم بعد شهر يعود محترفا لكن في ناد آخر ماذا سيحدث لتلك الأندية التي تعتمد في سياستها المالية على هذا الجانب وهل في هذا الأمر يتحقق العدل ؟ وبنظرة بسيطة لهؤلاء اللاعبين نجدهم منذ كانوا في فئة البراعم وهم يتدربون في أنديتهم البسيطة ماديا ينفقون عليهم ويتدربون بالطريقة الصحيحة وفق أسلوب تدريبي عال وفي النهاية يذهبون بعد أن يصبحوا نجوم يشار لهم بالبنان دون أن تستفيد منهم أنديتهم التي احتضنت مواهبهم .. هذا الأمر فيه من الظلم الشيء الكثير وربما تكون عواقبه وخيمة على المدى البعيد لو استمرت حيلة (الكوبري) لأنها ستؤثر على مستقبل الكرة السعودية . من المستحيل بعد هذا الأمر أن تجد ناديا يهتم بالنشء وستتغير استراتيجيات الأندية ذات المداخيل البسيطة وسيبدؤون يهتمون بالنتائج الوقتية والتي تعتمد على شراء اللاعب الجاهز فقط وفق إمكانياتهم . يعتبر القرار الذي صدر من لجنة الاحتراف قرار جريئا هدفه العدل وعدم الإضرار بالأندية فهو يحفظ لهم حقوقهم في نجومهم . ولعل ما زاد توتري في هذا الأمر تحديدا أحد الإعلاميين في برنامج رياضي عندما كانوا يناقشون مشروعية انتقال اللاعب الهاوي للاحتراف خارجيا ثم يعود لنادي آخر محترفا غير ناديه الأصلي قال: القانون لا يحمي المغفلين وكنت أتمنى أن يوضح ما هو القانون الذي يحمي المغفلين وإذا كانت القوانين لا تحمي المغفلين على حد تعبيره فمن تحمي إذن! تلك الأندية يا عزيزي ببساطة شديدة قليلو الحيلة لا يملكون ميزانيات ضخمة تجعلهم يستطيعون المحافظة على نجومهم هم يقدمون العروض التي تتناسب مع إمكانياتهم وحجم مقدرتهم ونجومهم لن يقبلوا بتلك العروض الزهيدة لأنهم يرون حجم الإنفاق على عقود اللاعبين من حولهم مرتفعه جدا ولن يفرطوا في مستقبلهم الرياضي من اجل الولاء والحب وشعارات لا تفيدهم في عالم الاحتراف ، لقد وهبهم الله الموهبة ويريدون أن يطمئنوا على مستقبلهم لأنهم يدركون بأن العمر الرياضي بعد مشيئة الله قصير وهذا حق من حقوقهم . من يستطيعون أن يدفعون ملايين الدولارات في محترفين أجانب لن يضيرهم شيء لو تنازلوا عن جزء من تلك الملايين وقدموها لنجوم الوطن وأنديتهم ، تلك هي الفائدة الحقيقية طالما اللاعب السعودي مازال بعيدا عن الاحتراف الخارجي ،إذن خدمته داخل وطنه من خلال عقد مُرضي في نادي كبير مطلب مهم والفائدة في نهاية الأمر ستصب في مصلحة المنتخبات الوطنية