الرياض - الجزيرة - عبدالرحمن المصيبيح - هبة اليوسف- فاطمة الرومي- نورة الشريف أقامت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن صباح أمس «ملتقى فن المقالة السعودية» وذلك برعاية سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة آل سعود وبحضور رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك الذي ينظمه كرسي بحث الجزيرة للدراسات اللغوية الحديثة في الجامعة. كما حضر الحفل الدكتور وليد المهوس وكيل الجامعة والأستاذ عبدالوهاب القحطاني نائب رئيس تحرير جريدة الجزيرة وعدد من منسوبي صحيفة الجزيرة وأعضاء وعضوات هيئة التدريس بالجامعة وشخصيات أكاديمية أخرى من خارج الجامعة.. وأدارت المناسبة الدكتورة هيفاء الفريح. هذا وقد بدأ الحفل بآي من الذكر الحكيم بعد ذلك ألقت الدكتورة نوال بنت إبراهيم الحلوة أستاذ كرسي بحث جريدة الجزيرة للدراسات اللغوية الحديثة كلمة حيت فيها الحضور في هذه المناسبة وكذلك بوكيلة الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الأستاذة فردوس بنت سعود الصالح وسعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك وتناولت في كلمتها كرسي بحث جريدة الجزيرة فقالت: هو احتفاظ باللغة العربية بكل صورها وأشكالها وفوائدها ويعد من الأصول المهمة في الجانب التدريبي على المهارات اللغوية لأحد مشاريع الكرسي التي تهتم بالقوالب اللغوية، فالاستفادة الوظيفية أو الإبداعية ما هي إلا قوالب للتعبير الفكري والإبداع. ومضت الدكتورة الحلوة قائلة إن المقالة الصحفية هي أعلى تلك القوالب حضوراً وأشدها انتشاراً وأكثرها أثراً فكانت هي صاحبة الجلالة فيها وسلطانة القلم منها ولعل هذه المكانة التي احتلتها المقالة السعودية لا سيما في السنوات الأخيرة جعل منها صحوة الجواد التي خطاها قادة التغيير ومفكروا المجتمع ولهذا اتخذ الكرسي قرار الاحتفاء بهذا الفن.. ثم شكلت اللجان للإعداد للملتقى وبدأ العمل فيه الذي ستجني ثماره بإذن الله. وقدمت الدكتورة الحلوة في ختام كلمتها الشكر والامتنان لصاحبة السمو مديرة الجامعة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود التي تعلمنا منها أن العزيمة والصبر قوة لا تقهر وكذلك الشكر موصول للدكتورة فردوس مسعود الصالح التي مهدت لكراسي الجامعة ويسرت سبلها وبقية الأستاذات الدكتورات ولكل من ساهم في هذا العمل وللمشاركين في هذا الملتقى. ففي أول أيام ملتقى المقالة الذي يطلقه كرسي بحث جريدة (الجزيرة) للدراسات اللغوية الحديثة عقد أمس السبت بمقر جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ملتقى فن المقالة السعودية على شرف سمو الأميرة مديرة الجامعة الجوهرة بنت فهد آل سعود وبحضور رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) الأستاذ خالد المالك، ناقش الملتقى في يومه الأول جاذبية فن المقالة في الصحف السعودية بمشاركة كل من الدكتور عبدالرحمن الحبيب والدكتور نجيب الزامل والأستاذ فهد الأحمدي. الحبيب: أزمات الكتابة الجماهيرية تطرق الدكتور عبدالرحمن الحبيب لأزمات الكتابة الجماهيرية قائلاً: إننا نعيش مرحلة نسميها زمن المقالة، حيث بدأت منذ خمس سنوات وهي منافس للتقارير والأخبار. وأوضح في سياق حديثه أن هذه المرحلة لن تمتد طويلاً متوقعًا أن تنتهي خلال عامين أو ثلاثة. وبيَّن الحبيب أن ثمة صراعًا على مفهوم الجماهيرية وأن هناك من الكتاب من ينتهج أسلوب اللعب على وتر العواطف ليحوز على الرضا الشعبي، كما يحصل مثلاً في الإعلان عن حالات وجود فساد فيقوم الكاتب بذم هذا الفساد بألفاظ الهجاء المتوفرة والمحركة لعواطف القراء، فالأكثر ثأثيرًا بالعواطف هو الحائز على الرضا الجماهيري. مؤكدًا أن هذا ليس عيبًا بحد ذاته لكنه يصبح عيبًا حين يصبح الأسلوب المعتمد دائمًا، كما تطرق إلى أزمة أخرى من أزمات الكتابة السعودية، حيث أشار إلى افتقاره إلى المنهج الاستقرائي من دراسات علميه تجريبية وإحصاءات ومعلومات وآراء المختصين والخبراء، مشيرًا إلى أنها تشكل أزمة منهجية للمقالة الفكرية. وأكَّد الحبيب أن الاعتماد على منهج الاستنباط هو السائد في أغلب المقالات الفكرية السعودية. وقد أشار إلى أنه حاول جمع ألف مقالة سعوديه ومقالة بريطانية، حيث أتضح أن 86 في المئة من المقالات السعودية تعتمد على الأسلوب الاستنباطي إزاء 19 في المئة من المقالات البريطانية. وأشار إلى أزمة المصداقية، حيث يبني كثير من الكتاب مقالته على سمعت أو قيل لي من دون تأكَّد أو تأكيد للمعلومة، فثقافتنا تعتمد على السماع والارتجال دون توثيق للمعلومة أو الحدث. وختم بالحديث حول أزمة العنوان فالكاتب قد يعمد إلى العنوان المخادع لجذب انتباه القارئ، حيث بيَّن أنه من الصعوبة أن تكون جذابًا ولكن غير مخادع. فهد الأحمدي: جاذبية المقال اتسم محور الكاتب فهد الأحمدي بالبساطة والارتجالية في الطرح، حيث بدأ حديثه قائلاً: «عن سؤال من هو الكاتب الجماهيري؟ كونوا على ثقة بأن الكتّاب لا يستطيعون أن يجيبوا، إنما الجماهير هم من يستخدم السلعة»، ومضى في الحديث بالقول: فرق بين أن تسأل أكاديميًا عن سر شعبية الكاتب أو أن يسأل الكاتب نفسه، الكاتب الأكاديمي يمنهج ما يراه ثم يخبرك به، سأتحدث كقارئ، جماهيرية المقال تكمن في عناصر كقوة الموضوع وجمال الأسلوب والجراءة بالرغم من أن الجراءة أحيانًا تكون مخادعة. وبيَّن أن المقالات من حيث المستوى منها السيئ الذي ليس موجهًا لك، وإنما يستعمل لأغراض شخصية، وجيد وهو الذي يمكن أن تخرج منه بفائدة بعد قراءته، والثالث وهو الأرقى الذي نادرا ما يصل إليه الكتاب، وهو المقال الذي يغير الأفكار، فيلفت انتباهك إلى جانب مختلف، ثم توقف عند المقال الأكثر شعبية الذي يلقى ذيوعًا في مواقع الإنترنت، وينال أكبر عدد من التعليقات، وهو المقال الذي يناقش هموم الناس الشخصية، حتى إن المتلقي يصبح عاشقًا للكاتب ومن قوة الفكرة قد ينسى الأسلوب، والقراء مستهلكون للسلعة ومن يستهلك السلعة السيئة لا يعود إليها مرة أخرى فعلى الكاتب إلا يكذب ولا يتملق وألا يحصر نفسه في معسكر معين، بل عليه أن يرتفع فوق الجميع وتكون له نظرة عامة وشمولية، سمعة الكاتب سلبية أو إيجابية سرعان ما تتحول لماركة مسجلة خصوصًا لدينا نحن الشعب المولع بالتصنيف السريع. هذا وبيَّن الأحمدي أن الشعبية قد تكون سلبية حين يستعملها الكاتب من باب خالف تعرف مثلا، وهذه شعبية سريعة سرعان ما تزول، ولا يبقى إلا الجيد. وأبرز الكاتب أهمية عنوان المقالة في إبرازها، حيث اعتبره كلوحة في محل تجاري، ورفض فكرة النقاد التي تحث على أن يكون العنوان شافًّا عن المضمون، تزدحم الصحيفة بمئات المقالات والعناوين، ولديك أربع ثوانٍ فقط لجذب انتباه إنسان يقلب الصحيفة بسرعة وإن لم يكن عنوانك جاذبًا ومميزًا عن بقية العناوين سيتجاهل مقالك ويستمر في تقليب الجريدة مكتفيًا بالعناوين العريضة. د. الزامل: علينا بوضوح الافكار فيما شبه الدكتور نجيب الزامل الكاتب بجريدة الاقتصادية خلال ورقته التي طرحها الكاتب الشعبي بقوس القزح، حيث تتجمع القطرات (من كل بحر قطرة) وعبر انكسار الأشعة يتكون هذا القوس الجميل بالألوان الباذخة الفخمة (قوس القزح) فالكاتب الشعبي ينقل المعلومة وينقل الشعور ويتحدث من قلبه لقلوب القراء، مؤكدًا على أهمية العاطفة في المقالة ومدى تأثيرها ذاكرًا نماذج للكتاب الشعبيين عبر التاريخ مثل أبو حيان التوحيدي الذي كان شعبيًا في زمانه ولكن لم نعرف عنه الكثير والجاحظ الذي أغفله الباحثون المعاصرون ولاحظه الفرنسيون، مبينًا أن ما يجعل الكاتب شعبيًا هو نقله للواقع أي أن يكتب حياته وواقعه الذي يحيا فيه وهنالك عدد من القصص كان لها رواج لأنَّها مثلت الواقع وحياة كتابها مثل قصة (شانترام) وقصة العجوز والبحر مبرهنًا على هذا النجاح بقصص الكاتبة المشهورة أغاثا كريستي وهي الأكثر شعبية، حيث كانت تسكن المكان الذي تكتب عنه وتتشرب المعلومات بنفسها ولذا أخرجت لنا أعظم القصص في العالم، حيث بيع لها حتى الآن أكثر من ملياري كتاب، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة اهتمام الكاتب بوضوح الأفكار وسهولة اللغة فهما سببان رئيسان لرواج فكرة المقال وتقبلها من أفراد المجتمع. الأكاديميات يتحدثن للجزيرة وعلى هامش الملتقى تحدثت الدكتورة فردوس الصالح وكيلة الدراسات العليا بجامعة الأميرة نورة حول أهمية ملتقى المقالة السعودية قائلة: لهذا الملتقى أهمية كبيرة جدًا وذلك بداية لمجلات كرسي الجزيرة للدراسات الحديثة لارتباطه باللغة العربية كما أنه أول ملتقى من نوعه بالمملكة عن المقالة الصحفية. هذا الفن المهم المؤثر بشكل كبير فنحن اليوم بحاجة ماسة لدراسته فهو قلب الصحافة النابض إلى جانب ما يجمعه من كوكبة من الكتاب المميزين في صحفنا السعودية والذين كان لهم ثأثير على الجيل الناشئ مشيرة إلى أننا بحاجة لمثل هذا النوع من الملتقيات، شاكرة في ختام حديثها جريدة الجزيرة على هذا الكرسي البحثي الذي يُعدُّ احتفاء باللغة العربية بكل أشكالها وقوالبها. وذكرت الدكتورة نوال الحلوة أستاذ اللغويات المشارك بجامعة الأميرة نورة أستاذ الكرسي أن المقالة الصحفية أصبحت من أكثر الفنون حضورًا وأشدها ثأثيرًا وأكثرها جمهورًا في الساحة السعودية اليوم مما جعلها صهوة الجواد التي امتطاها قادة التغير ومفكرو المجتمع، حيث أصبح لهذا الفن سطوته وتعاظم أثره بتكاثر النخبة عليه من جانب ودوره في تغيير الفكر والتأثير في صناعة القرار. جاء ذلك خلال انطلاق فعاليات (ملتقى المقالة السعودية) الأول الذي ينظمه كرسي الجزيرة للدراسات اللغوية بجامعة الأميرة نورة. فيما بيّنت الدكتورة فوزية العندس أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بجامعة الأميرة نورة ورئيسة لجنة التخطيط للملتقى أهمية هذا الملتقى كونه يجمع بين الجانب الأكاديمي والصحفي، فهو الفن الأكثر شيوعًا في الصحف السعودية ولاسيما أن الكرسي ترعاه جريدة الجزيرة، وبهذا يبرز فن المقالة كفن صحفي جماهيري، مطالبة الصحف والكتاب من خلال الملتقى بالسعي للرقي بلغة فن المقالة قائلة: المقالة من الفنون الصحفية التي تخاطب الفكر والعاطفة لذا ينبغي أن يسعى الكتاب للرقي بمستوى لغة المقالة، كما أن الارتفاع بمستوى اللغة سيرفع من مستوى العقول التي تتلقى هذا الفن، حيث تجعلنا بعض المقالات نحلق في فضاء لغوي يختلف تمامًا عن غيره كما أن لغة المقال الجميلة تلفت النظر لمحتواه وأفكاره ونحن بحاجة لمثل هذا النوع من المقالات الذي تسهم لغته في خلق جو ممتع في قراءته، منبهة من شيوع العامية التي أصبح الكثير من الكتاب يضيفون بعضًا من كلماتها للمقالة قائلة: نلاحظ شيوع العامية في بعض المقالات وهذه مشكلة كبيرة قد لا تبرز لنا خطورتها الآن ولكنها تشكل خطرًا فعليًا على سلامة لغة أجيالنا مستقبلاً، والمقال فن راقٍ يجب أن يتميز بلغة سليمة، محملة الكتاب بداية والمؤسسات الصحفية مسؤولية الارتقاء بلغة المقال متمنية أن تسعى المؤسسات الصحفية للارتفاع بلغة المقالة وذلك باستقطاب الكتاب المميزين والكتاب حينما يرون احتفاء الصحف بهذا النوع من الكتابة السليمة سيتعلمون كيف يرتقون بمستوى لغتهم فاهتمام الصحف هو المحفز الأساسي للسعي خلف لغة صحيحة وراقية، ونطمع أن نرتقي بالأجيال القادمة عن طريق الارتقاء بلغة المقالة الصحفية ولاسيما أنها أكثر الفنون الصحفية شيوعًا وتأثيرًا ونفوذًا.