كان الهدف من إنشاء الهيئة العامة للاستثمار هو تفعيل نظام استثمار رأس المال الأجنبي الجديد الذي هدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى قيمة مضافة للاقتصاد السعودي والإسهام في فتح مجالات استثمارية جديدة وخلق فرص عمل للمواطن السعودي. هذا ما أفهمه من دور أساسي للهيئة العامة للاستثمار، وفق ما يرمي إليه نظام استثمار رأس المال الأجنبي الجديد الذي شاركت في دراسته إبان فترة عضويتي في مجلس الشورى واللجنة الاقتصادية في الدورة الثانية. ولتحقيق هذا الهدف، تقوم الهيئة بتسهيل أعمال المستثمر الأجنبي ومعالجة الروتين والبيروقراطية الحكومية المعهودة، ولهذا أنشئت نوافذ الخدمة الشاملة التي تضمن إنجاز الأعمال في وقت محدد. وقد نجحت الهيئة العامة للاستثمار كثيراً في تلك الخطوة، لدرجة أن رجال الأعمال السعوديين يطالبون الآن بالحصول على هذه المعاملة ذاتها وتسهيل أعمالهم، نتيجة لمعاناتهم من مراجعتهم لوزارة التجارة والصناعة أو وزارة العمل، وغير ذلك. ويجب أن تدرك هذه الوزارات أنها وزارات خدمية يفترض أن تسهم بدورها في تهيئة المناخ الملائم للمستثمر السعودي والأجنبي على حدٍ سواء. ولكن من ناحية أخرى، يلاحظ أن الهيئة العامة للاستثمار قد أخفقت في بعض الجوانب، ومنها الترخيص لمستثمرين أجانب غير أكفاء مالياً أو تقنياً والترخيص لهم للاستثمار في مجالات لا تقدم قيمة مضافة للاقتصاد ولا تسهم في خلق فرص وظيفية للشباب السعودي، فأفرطت في الترخيص لمستثمرين أجانب متواضعين جداً في مجالات النجارة والسباكة والمطاعم والمغاسل وغير ذلك. والواقع أن الاستثمار الذي لا يخلق قيمة مضافة، ولا يخلق فرصاً وظيفية للشباب السعودي، لا يحقق أي إضافة تنموية حقيقية للاقتصاد، ولا يجب الترخيص له أو التوسع فيه. ويفترض في الهيئة أن تراجع أعمالها وتعترف بالخطأ، وتعمل على تلافي ذلك المستقبل دون مكابرة أو استعلاء، وأن يكون الحكم والفيصل هو نجاح عملها وفق المعايير الاقتصادية المهنية التي تحقق قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وليس تضخيم الأرقام والمبالغة الإعلامية.