تسعى منطقة اليورو رغم انقساماتها اليوم (الأحد) في بروكسيل إلى انتزاع اتفاق بشأن خطة انقاذ مالية لليونان لإبقاء البلاد في منظومة العملة الموحدة، وذلك بعد وصول المحادثات إلى طريق مسدود أفضى إلى إلغاء قمة دول الاتحاد الأوروبي ال 28. فغياب أي تقدم في المفاوضات المكثفة الماراثونية التي جرت أمس بين أثينا وشركائها أرغم الأوروبيين على تغيير جدول الأعمال. ومع استئناف وزراء مال دول منطقة اليورو ال 19 في الصباح محادثاتهم التي علقوها بالأمس، اضطر رئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك إلى إلغاء القمة الاستثنائية المفترض أن تعطي الإشارة السياسية للخروج من الأزمة. ولم يفض اجتماع وزراء المال في منطقة اليورو أمس والذي استغرق تسع ساعات في أجواء توتر وانعدام الثقة، إلى بداية اتفاق في ما اعتبر استحقاق اليوم الفرصة الأخيرة لإنقاذ اليونان من الانهيار المالي. والمؤشر إلى التصدعات داخل منظومة العملة الأوروبية الواحدة، هو تعليق الاجتماع في وقت متأخر مساء أمس من قبل رئيس "يوروغروب" يورين ديسلبلوم بسبب التوتر بين الوزير الألماني فولفغانغ شويبله وحاكم البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، وخصوصاً حين طلب شويبله من دراغي "ألا يعتبره أبله" بحسب وكالة الأنباء اليونانية. والأجواء اليوم لا توحي أيضاً بالتفاؤل. فأوضح عدد من المشاركين في اجتماع وزراء المال أن الهدف لم يعد الآن إبرام اتفاق بل إحراز تقدم قدر الامكان قبل انعقاد قمة قادة الدول ال 19 الأعضاء في منطقة اليورو التي أبقيت على موعدها في الساعة 14:00 في توقيت غرينيتش ويتوقع أن تستمر "حتى ننجز المفاوضات" على قول تاسك. وقال وزير المال السلوفاكي بيتر كازيمير أحد صقور منطقة اليورو إنه "من غير الممكن التوصل إلى اتفاق اليوم، بل فقط إصدار توصيات لقادة الدول". واعتبر ديبلوماسي أوروبي مؤيد لإبرام اتفاق مع اليونان أن "إلغاء قمة الدول ال 28 يهدف إلى السماح بإنجاز المفاوضات لتأمين مناقشة أفضل للدول ال 19". لكن يتبين في الوقت الحاضر، أن ليس هناك وحدة صف لا مع اليونان ولا داخل منطقة اليورو، حتى أن بعض الدول مثل ألمانيا المقتدرة مستعدة لإخراج اليونان من العملة الواحدة. وبدا القلق جلياً في اليونان في ما باتت البلاد على شفير الانهيار المالي. وعنونت صحيفة "تو فيما" أنه "اتفاق في حقل ألغام"، ولفتت إلى أن "مستقبل البلاد يتقرر الآن في قمة رؤساء الدول". في ما كتبت صحيفة "ايليفثيروس تيبوس" أن "مستقبل اليونان على المحك" متساءلة بقلق "ماذا سيحدث مع كابوس خروج اليونان من اليورو؟" . وقال الوزير الفنلندي ألكسندر ستاب الذي تعتبر بلاده من أكثر الدول تشدداً تجاه أثينا، في بروكسيل أن "الشروط لم تتوافر بشكل كاف" في هذه المرحلة لضمان تطبيق اليونانيين اقتطاعات في الموازنة، وإجراء اصلاحات وعدوا بها مقابل الحصول على مساعدة جديدة تقدر قيمتها ب 74 بليون يورو على الأقل على مدى ثلاث سنوات. لكن البعض لم يفقد الأمل، رغم قتامة الوضع أمثال الليتواني ريمانتاس سادشيوس الذي عبر عن اعتقاده ب "لحظة سحرية" اليوم. إلا أن عدداً من الوزراء يرى أن انعدام الثقة بين اليونان وشركائها يمنع من استئناف الحوار وهم يشككون في رغبة الحكومة اليسارية الراديكالية برئاسة ألكسيس تسيبراس بتطبيق اصلاحات جوهرية. وأشارت وثيقة سربت أمس، إلى اقتراح ألماني لخروج موقت لليونان لمدة خمس سنوات من منطقة اليورو، حتى وإن لم تتم مناقشته رسمياً أمس بحسب ديبلوماسيين. وجاء في الوثيقة القاسية بالنسبة لأثينا أنه "في حال لم تستطع اليونان أن تضمن اتخاذ إجراءات ذات صدقية وتؤكد أن الدين يمكن سداده فيجب أن تكون هناك محادثات سريعة حول فترة لها خارج منطقة اليورو مع إمكان إعادة هيكلة ديونها إذا تطلب الأمر، لمدة خمس سنوات". وأضافت الوثيقة التي تحمل تاريخ الجمعة: "وحده هذا الحل بإمكانه أن يعيد هيكلة الدين اليوناني بشكل كاف، ولا يكون متطابقاً مع الانتماء إلى الوحدة النقدية". وطلب البرلمان الفنلندي من الوزير ألكسندر ستاب أمس، أن يتفاوض باسم بلاده بشأن خروج اليونان من منطقة اليورو بحسب التلفزيون العام "يلي". لكن هذين البلدين ليسا حجر العثرة الوحيد أمام التوصل إلى اتفاق محتمل لاسيما مع انعدام الثقة الكبير تجاه أثينا. وقال مصدر ديبلوماسي إن "أكثر من نصف الدول الأعضاء تفكر أن المقترحات اليونانية للحصول على خطة مساعدة ثالثة، لا تذهب بعيداً بما يكفي". وهذه العقبات تجعل في كل مرة خروج اليونان بشكل غير منسق من منطقة اليورو أمراً أكثر احتمالاً، لاسيما أنها باتت على شفير الانهيار المالي مع اقتصاد يتلاشى تدريجياً ومصارف مغلقة منذ نهاية حزيران (يونيو) الماضي. وفي الوقت الراهن وحده البنك المركزي الأوروبي يبقي المصارف اليونانية وكل اقتصاد البلاد على قيد الحياة بفضل قروض عاجلة لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، وخصوصاً أنه يتوجب على أثينا أن تسدد أكثر من أربعة بلايين يورو للبنك المركزي الأوروبي في 20 تموز (يوليو) الجاري، وهو مبلغ لن تتمكن اليونان في هذه الحال من تسديده. ولاحتواء هذه المصاعب، ربما تدرس "يوروغروب" حلاً انتقالياً هو بمثابة "جسر مالي" يسمح لليونان بتسديد الدين المستحق على المدى القصير.