قضت ألمانيا اليوم (الإثنين) على آمال رئيس الوزراء اليوناني الكسيس تسيبراس في الوصول سريعاً إلى اتفاق لاستئناف تمويل بلاده، مدعوماً بفوزه في الاستفتاء، مؤكدة أن شروط معاودة التباحث لم تتوافر بعد. وقرر تسيبراس التضحية بوزير المال يانيس فاروفاكيس، قبيل انعقاد قمة فرنسية - ألمانية حاسمة في العاصمة الفرنسية باريس، لم يرض العاصمة برلين. وذكرت برلين أن أساس المحادثات بين اثينا ودائنيها الاتحاد الاوروبي، «المصرف المركزي الأوروبي» و«صندوق النقد الدولي»، هو لمواقف وليس الاشخاص، وأن «الشروط لمحادثات حول برنامج مساعدة جديد لم تتوافر»، بعد بضع ساعات من استقالة الوزير الأكثر رمزية وإثارة للجدل في الحكومة اليسارية الراديكالية. وعُين نائب وزير الخارجية اليوناني اقليدس تساكالوتوس وهو ضمن منسقي المحادثات مع الدائنين اليوم، وزيراً للمال في الحكومة خلفاً لفاروفاكسن وسيؤدي اليمين في احتفال يقام في الساعة 17:00 بتوقيت غرينيتش، وفق بيان للرئاسة، على أن يشارك غداً في أول اجتماع له مع وزراء مال منطقة اليورو في بروكسيل. وأعلن مصدر في الحكومة اليونانية أن تسيبراس والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، اتفقا خلال مكالمة هاتفية اليوم على أن تقدم اثينا اقتراحات في قمة بروكسيل يوم غد. وصرح نائب ميركل سيغمار غابرييل أن «قادة منطقة اليورو سيبحثون على الأرجح لتقديم مساعدة إنسانية إلى اليونان، دون توضيح طبيعة هذه المساعدة المحتملة». واعتبر الناطق باسم المستشارة الألمانية ستيفن سايبرت أن «استفتاء أمس الأول هو رفض للمبدأ الذي قاد المساعدات للبلدان الأوروبية التي تمر بصعوبات، والمبدأ القائل بضرورة التضامن والجهود». وتبدو ألمانيا، إذ أن تضامن الرأي العام مع اليونان يتضاءل أكثر يومياً، غير مستعدة للبحث في إعادة هيكلة الدين اليوناني الضخم. لكن هذا المطلب اليوناني الملّح كرره تسيبراس، بعد الرفض الكثيف باكثر من 61 في المئة للخطة الأخيرة التي عرضها الدائنون وطرحتها حكومته للاستفتاء. ومن دون دفع اليونان إلى خارج منطقة اليورو، تعتبر برلين أن على اثينا بذل كل المساعي لتبقى عضواً في التكتل النقدي. وقال سايبرت «سنكون آذانا صاغية لما سيحمله تسيبراس غداً». وعلى رغم سوء الوضع أكد «الاتحاد الالماني للسياحة» اليوم أن «السياح الألمان يواصلون التوجه بأعداد كبيرة إلى اليونان»، موضحاً انه «لم يسجل حتى الآن اي إلغاء لحجوزات». ودعت الحكومة اليونانية المدركة لخطورة الوضع الراهن، إلى اجتماع زعماء كل الاحزاب باستثناء حزب «الفجر الذهبي» الجديد تحت رعاية الرئيس بروكوبيس بافلوبولس. وصرح وزير الدفاع اليوناني بانوس كاميوس، بعد استمرار الإجتماع سبع ساعات أن «لا يوجد خيار آخر سوى التوصل إلى اتفاق»، مضيفاً «قريباً سنصدر بياناً مشتركاً موقعاً من جميع زعماء الأحزاب، باستثناء الحزب الشيوعي، لمنح السلطة لرئيس الوزراء للتوجه إلى بروكسيل غداً والتفاوض نيابة عن الشعب اليوناني». وتحدث الرئيس بافلوبولس الذي له دور فخري، صباحاً مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. كما تحادث تسيبراس من جهته، هاتفياً مع رئيس «المركزي الأوروبي» ماريو دراغي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أكد «دعمه للشعب اليوناني». وفي المحادثات حول الإصلاحات وتدابير التقشف التي تمت مناقشتها بين اثينا والاتحاد الأوروبي منذ خمسة أشهر، تبدو باريسوبرلين بعيدتين عن التوصل إلى رؤية مشتركة للرد على الاستفتاء الذي ينقسم في شأنه على نحو أوسع قادة منطقة اليورو. وقبل اللقاء بين هولاند و ميركل مساء اليوم في اعلاصمة الفرنسية باريس، ألح الناطق باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول على اليونانيين «تقديم مقترحات جديدة»، معتبراً أن «لا أحد يريد خروج اليونان من المنطقة». وتؤيد إسبانيا أجراء محادثات في شأن خطة انقاذ ثالثة لليونان التي يجب أن تبقى في منطقة اليورو، كما أكد بوضوح وزير الاقتصاد لويس دي غيندوس اليوم،على رغم انه معروف بمواقفه غير المتساهلة إزاء اليونان. وتدفع إيطاليا إلى تقريب المواقف وحث رئيس الحكومة الإيطالية ماتيو رونزي اثينا ودائنيها إلى ايجاد طريق نهائي للخروج من الازمة اثناء الاجتماعات الأوروبية في الساعات المقبلة. لكن آخرين يتحدثون صراحة عن فكرة خروج اليونان من المنطقة، مثل وزير المال السلوفاكي بيتر كازيمير الذي اعتبر أمس خروج اليونان من منطقة اليورو سيناريو واقعياً. في ما رأى رئيس «اليورو غروب» الهولندي يورين ديسلبلوم ان «فوز ال لا في استفتاء اليونان لا يقرب أوروبا من حل مع اثينا». إلا أن الوضع يبدو ملحاً وخصوصاً أن الحاجات هائلة. وباتت اليونان على شفير الإفلاس ومصارفها مغلقة منذ اسبوع، في ما هناك رقابة على رؤوس الأموال وتواجه مشكلة مع السحوبات الكثيفة التي أجراها اليونانيون القلقون في الأونة الاخيرة. ونقلت «وكالة الانباء اليونانية» شبه الرسمية عن مديرة اتحاد المصارف اليونانية لوكا كاتسيلي أن الحكومة اليونانية قررت اليوم أن «تمدد إغلاق المصارف إلى بعد غد». وتبقى كل الأنظار متجهة الى «المصرف المركزي الأوروبي» الذي يعقد اجتماعاً اليوم في مقره في فرانكفورت، ليقرر أن كان يريد الاستمرار في التمويل . ويعقد اجتماع لمجلس حكام «المصرف المركزي الأوروبي» إعتباراً من الساعة 16:00 بتوقيت غرينيتش، لتقرير مصير القروض الطارئة التي يمنحها للمصارف اليونانية. ودعا وزير المال الفرنسي ميشال سابان اليوم المؤسسة المالية إلى عدم خفض مستوى السيولة التي تقدمها الى المصارف اليونانية. وأعلنت المديرة العامة ل«النقد الدولي» كريستين لاغارد اليوم في بيان مقتضب، أن «الصندوق مستعد لمساعدة اليونان في حال طلب منه ذلك».