بعد نيله شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية بجامعة القاهرة عام 1976، هاجر المصري علي الصيّاد فرج، إلى أميركا. وسرعان ما حاز دكتوراه في الهندسة الكهربائيّة في «جامعة بوردو». وتقلّب في مراكز شملت عمله باحثاً في «جامعة أوهايو»، ومهندساً في «مستشفى ميتشِغن»، و»جامعة بوردو»، و»مركز الهندسة الطبية الحيوية»، وأستاذاً في «جامعة مينيسوتا- قسم الهندسة الكهربائية». ثم استقر في «جامعة لويزفيل»، ليعمل أستاذاً في هندسة الكهرباء والحواسيب، ومديراً لمختبر «إبصار الحاسوب» Computer Vision والمعالجة الرقمية للصور. عيون الكومبيوتر تبنّت «جامعة لويزفيل» مبادرة فرج (61 عاماً) حول تأسيس مختبر حديث يتخصّص في تقنيات المعالجة الرقمية للصور، وتالياً إمكان تزويد الكومبيوتر بالقدرة على الإبصار. ووصفت الجامعة مبادرة فرج «خطة طموحة للتميّز». ونال المختبر تمويلاً بقرابة 30 مليون دولار من «المؤسسة الوطنيّة للعلوم»، إضافة إلى مؤسسات اخرى، لتجهيزه بآلات متطوّرة وكادرات متمرّسة علمياً. ويعتبر من المختبرات الأميركية المتميزة في تدريب وتخريج الطلاب والباحثين، إضافة إلى أنه نشر مئات البحوث في دوريات علميةعالمية، كما نال عدداً كبيراً من براءات الاختراع. تعمل تقنيات الرؤية الرقمية على إعطاء الكومبيوتر القدرة على «فهم» الصور، بطريقة تشبه ما يحدث عند الإنسان. وفي حوار مع «الحياة»، أوضح فرج تلك التقنيات بأنها محاكاة الكومبيوتر للرؤية عند الانسان، بمعنى تقليد الطريقة التي ترى فيها عين البشر الأشياء وأشكالها وأحجامها وألوانها وحركاتها. ويضيف: «تُلتقط تلك المعلومات بواسطة كاميرات ومجسّات ذكيّة، ثم تُنْقَل إلى الحاسوب في هيئة إشارات إلكترونيّة». ورأى فرج ان تطبيقات «إبصار الكومبيوتر» تشمل التعّرف على الأشخاص وصور الأشياء الجامدة والمتحركة، ما يوفّر نوعاً الإحساس البصر، بل ربما «الإدراك»، للروبوت والمركبات المؤتمتة المستخدمة المجالات العسكريّة والصناعيّة، واكتشاف البحار وغزو الفضاء، وجراحة الروبوت، وبناء نماذج للأشياء انطلاقاً من الصور وغيرها. ونفّذ فرج وفريقه البحثي مشاريع تتعلق بالاستشعار والإدراك في الآلات، على غرار إعطاء السيارات المؤتمتة القدرة على تفادي السيّارات والمارة. ويشكل فهم الصورة بأنواعها كافة، قاسماً مشتركاً في نشاطات «مختبر الإبصار». وفي مجال فهم الصور الطبية ، يعكف فرج على دراسة مشروعين يتعلقان بتشخيص سرطانات الرئة والقولون، استناداً إلى الصور الطبية. وأكّد فرج على فعاليّة تقنيات «إبصار الكومبيوتر» في التعامل مع الصور الملتقطة بتقنيّة «الأشعة المقطعيّة بالجرعات المنخفضة» بهدف الاكتشاف المبكر لسرطان الرئتين، وهو أمر يعزّز التشخيص من بُعد، أي عبر الانترنت. وأشار فرج إلى استخدام تقنية متقدّمة تسمّى «القولون الافتراضي» Virtual colonoscopy ، لتشخيص أورامه السرطانيّة. وفي تلك التقنيّة، يتناول المريض مادة ملوّنة، ثم تؤخذ صور بالأشعه المقطعيّه للبطن. وبعدها، يعمل الحاسوب على تركيب صور ثلاثيّة الأبعاد للقولون، ما يمكّن من تشخيص السرطان فيه، خصوصاً في مراحله المبكّرة. مؤشّرات ال»بيومتري» ومرض التوحّد يشير تعبير ال»بيومتري» Biometry إلى القياسات المتعلقة بالحال البيولوجية للجسم، بما فيها تمييز ملامحه وتفاصيل سماته التي تشمل صوته ورائحته و»بصمة» عينه، وشكل يديه، وبصمات أصابعه، والصورة التي تكوّنها الكاميرا الحراريّة عن شكل جسده وغيرها. وحاضراً، يعكف فرج على صنع تقنيّات تمُكّن من التقاط المؤشّرات البيومتريّة للفرد، في أوضاع مختلفة وأحوال عاطفيّة شتى وأثناء ممارساته نشاطات متنوّعة، ما يملك أهمية خاصة بالنسبة للمؤسّسات الأمنيّة والعسكريّة، إضافة إلى النشاطات المدنيّة. وبتضافر تلك المعلومات، يغدو من المستطاع التعرّف إلى الشخص ونشاطه جسديّاً وحاله مزاجيّاً. وتساعد تلك الأمور أيضاً في التوصّل إلى استنتاجات عن سلوك الإنسان، بل ربما نواياه أيضاً، ما يؤكّد الأهمية الخاصة لتلك المؤشرات في مجالات الأمن، بما فيها البنوك والمطارات والموانئ ونقاط عبور الحدود، إضافة إلى مكافحة الشغب وتلافي مخاطر الفوضى في التجمّعات المختلفة، ومتابعة المجاميع في أوضاع الكوارث وغيرها. وكشف فرج أن لديه مشروعاً يتعامل مع دراسة ظاهرة «التوحّد» («أوتيزم» Autism)، يهدف إلى تحسين الوسائط التعليميّة للأطفال المصابين به. وتحدّث أيضاً عن استخدام تقنيّات «إبصار الحاسوب» في تشخيص شلل أعصاب الوجه، وإعاده تنشيط عضلات الوجه بعد علاج الشلل أو عمليات التجميل. ونتيجة لجهوده الدؤوبة، حظي فرج برصيد وافر من الجوائز شملت تسميته «باحثاً جامعيّاً متميّزاً لمساهماته في مفهوم «إبصار الكومبيوتر» وتطوير التصوير الطبي. وفاز بالمركز الأول في البحوث عن التصوير الطبي، ثلاث مرّات متواليّة. وحاز أيضاً «جائزة التميّز في البحث والنشاط الابداعي» و»جائزة الدائرة التعليمية العليا- لويزفيل»، كما كرّمه «متحف لويزفيل للعلوم» عن بحث أجراه حول تكوين نموذج لرأس إحدى المومياء المصرية في المتحف باستعمال الأشعه المقطعية، ما ساهم في توثيق عمر المومياء. وتنال بحوث فرج اهتماماً علمياً خاصاً عبر تقويمها المتكرر من قِبَل مؤسسات علمية عالمية، ك»مؤتمر الرؤية بالحاسوب والتعرّف على النماذج»، و»المؤتمر الدولي لمعالجه الصور» International Conference on Image Processing، و»جمعية حوسَبَة الصور الطبية والتدخلات المبنية على الحاسوب» Medical Image Computing & Computer Assisted Intervention Society. في المقابل، يساهم فرج بصفة دورية في تقويم بحوث في «المؤسسة الوطنية للعلوم»، و»المعاهد الوطنية للصحة»، و»الصندوق القطري للتنمية»، و»مؤسسة العلوم الأيرلندية»، و»مجلس البحوث الكندي»، و»المؤسّسة النمساوية للعلوم» وغيرها. كما حصل على جائزة أفضل بحث علمي في مؤتمر عن «إبصار الكومبيوتر» في «جامعة مينابولس» في ولاية «مينيسوتا»، و»المجلة البريطانيه لإبصار الكومبيوتر». وحازت بحوثه ومشروعاته على تمويل بعضه حكومي، تجاوز 15 مليون دولار. نشاطات مهنية شارك فرج في عدد من المؤتمرات الدولية المعنية في معالجة الصور بالكومبيوتر. وترأّس مرّتين دورات التصوير الطيفي في «المؤتمر الدولي للصوتيّات والكلام ومعالجة الإشارات». وقدم برنامجاً تعليميّاً عن التصوير الطبي في مؤتمر دولي استضافته باريس قبل بضع سنوات. وكذلك شارك في رئاسة دورة عن الاستشعار عن بُعد في مؤتمر دولي متخصّص استضافته هولندا، وكان رئيساً مشارِكاً لأحد المؤتمرات السنوية ل»مؤسّسة مهندسي الكهرباء والإلكترونيّات» IEEE وغيرها. وفي الصين، ترأّس ثلاث مرّات مؤتمراً دوليّاً سنويّاً عن تكنولوجيا الوسائط المتعدّدة («ميلتي ميديا»). وقدّم محاضرات في ما يزيد على 30 بلداً. وعُيّن مستشاراً علميّاً وأكاديميّاً في جامعات «أوكلاند» (نيوزيلندا)، والقاهرة والمنصورة، إضافة إلى «جامعة التكنولوجيا» في ماليزيا. ويحوز فرج لقب زميل من «مؤسّسة مهندسي الكهرباء والالكترونيّات»، و»الجمعية الأميركيّة لتقدّم العلوم» AAAS، و»جمعية مهندسي التصنيع للمواد الصغيرة والمتوسطة الحجم»، وا»لجمعية البصرية الأميركية»، و»جمعية التصوير الطبي بالحاسوب»، «والمعهد البريطاني للهندسة والتكنولوجيا» وغيرها. وساهم محرّراً في مجلات «مؤسّسة مهندسي الكهرباء والالكترونيّات» الخاصة بتقنيّات معالجة الصور، والتصوير الطبي، ومعالجة الإشارات والتعرّف على الأنماط، وتحليل الصور. وكذلك يعمل محرّراً مشاركاً في «المجلة البريطانيّة لإبصار الكومبيوتر» وغيرها. ووضع فرج ما يزيد على 350 ورقة علمية نشرت في مجلات متخصّصة داخل أميركا وخارجها، وكتاباً مرجعيّاً عنوانه «تحليل صور الطب الحيوي» (2014)، وحرّر كتابين عن تحليل الصور الطبيّة. كما قدم 11 مشروعاً للمناهج الدراسية في «جامعة لويزفيل». وأشرف على تخرّج 56 طالب ماجستير ودكتوراه، وعشرة باحثين لما بعد الدكتوراه. وسجل براءات اختراع عن النمذجة الثلاثيّة الأبعاد للفك البشري، وتصوير «القولون الافتراضي»، ورصد أورام الرئة، وقياس المؤشّرات الحيويّة بالكاميرات الحراريّة وغيرها.