أقر اجتماع مجلس الأمن القومي الطارئ الذي دعا إليه الرئيس رجب طيب أردوغان أمس، الخطط العسكرية التي قدمها قائد الأركان الجنرال نجدت أوزال في شأن إقامة منطقة عازلة في شمال سورية مقابل الحدود مع تركيا. ويبلغ طول المنطقة العازلة 110 كيلومترات وعمق 30 كيلومتراً، تبدأ من جرابلس شرقاً وحتى مارع وعفرين غرباً. والهدف المعلن تارة هو منع تسلل عناصر تنظيم «داعش» إلى تركيا، وتارة أخرى منع قيام دولة كردية في شمال سورية. ولفت هذا التضارب في أسباب إنشاء هذه المنطقة كثيرين في تركيا، وفيما يؤكد أردوغان أن السبب هو منع قيام دولة كردية مدعومة من الغرب ومنع تقسيم سورية، أشار رئيس الوزراء أحمد داود اوغلو إلى أن السبب أمني في الدرجة الأولى من أجل حماية الحدود التركية من الإرهاب. وقال: «إذا لحق أي ضرر بأمن الحدود التركية وإذا خلصت تركيا إلى أن حديقة السلام هذه مهددة، فهي مستعدة لمواجهة أي احتمال». وتابع: «سنتخذ الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر المتعلقة بأمن الحدود». هذا التضارب دفع المعارضة التركية إلى التشكيك في «خطورة الأمر» التي ستدفع تركيا للتدخل عسكرياً في سورية منذ اندلاع الحرب الأهلية هناك، خصوصاً أن الجيش ينتظر الأمر من الحكومة الجديدة التي سيتم تشكيلها ويبدي تردداً في دخول سورية بأمر من حكومة داود أوغلو المستقيلة ذات الأقلية في البرلمان، وهو ما سيفرض أجندة حرب في سورية على أي حزب سيدخل في ائتلاف مع «حزب العدالة والتنمية» ويقيد يديه في السياسة الخارجية تجاه سورية، كما سيستثير الأكراد. وهي جميعها أمور تمهد لزيادة شعبية «حزب العدالة والتنمية» في أي انتخابات مبكرة بينما تضرب شعبية الأكراد وأحزاب المعارضة، خصوصاً أن تصريحات بدأت تصل من «حزب العمال الكردستاني» على لسان رئيس جناحه العسكري مراد قره يلان، قال فيها أن التوغل التركي في شمال سورية يعني انتهاء فترة وبداية أخرى جديدة من العلاقات مع تركيا، في إشارة إلى احتمال عودة العمل المسلح لمنظمته، وهو ما سينعكس سلباً على أصوات «حزب الشعوب الديمقراطي» إن حصل. وبعيداً من سيناريوات «الفخ» التي تبدي المعارضة حذرها منها، ظهرت تساؤلات عدة من خبراء أمنيين عن جدوى تسريب الخطط العسكرية التركية إلى الإعلام ومدى خطورة ذلك على الجيش التركي. وزادت الأسئلة حول نشر تفاصيل الخطة العسكرية والمنطقة التي سيدخلها الجيش التركي، خصوصاً أن بعضاً من تلك الأجزاء يسيطر عليه «داعش» في جرابلس تحديداً، ما يعطي التنظيم أسراراً هو بأمس الحاجة لها من أجل التصدي للتدخل التركي أو الاستعداد لمواجهته. وذكرت مصادر في الخارجية التركية أن أنقرة أرسلت رسائل إلى موسكو وعدد من العواصم المهتمة في الشأن السوري، توضح موقفها من هذا التدخل وأنه لا يهدف أبداً إلى احتلال أراضٍ سورية أو قتال الجيش النظامي السوري أو إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وفي ما تسرب من الخطة العسكرية التركية، أن عملية تأمين المنطقة العازلة تلك ستكون بمشاركة نحو 30 ألف جندي من بين 54 ألفاً منتشرين على الحدود السورية - التركية، وستشارك فيها أيضاً عشرات المروحيات من طراز «كوبرا» وطائرات من دون طيار وأن الجيش التركي لن يطلق النار إلا في حال واجه خطراً أو تهديداً ولن يتم تدخل الدبابات والآليات الثقيلة إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.