افتتح مسلسل الرقابة السنة التلفزيونية الجديدة في لبنان، بعدما أطل برأسه من خلال حملتين شغلتا مساحة من أحاديث الرأي العام وأهل التلفزيون. الحملة الاولى، لبنانية بحتة، تتعلق ب «الفلتان الأخلاقي في بعض البرامج التلفزيونية»... والمقصود بها برنامج النكات «لول» على شاشة «أو تي في». والحملة الثانية، أميركية، وتتعلق بقرار الكونغرس الأميركي معاقبة الأقمار الاصطناعية التي تبث قنوات معادية لواشنطن، ومنها قناة «المنار». وإذا كان بعضهم اعتبر ان الكونغرس الاميركي سقط في امتحان «الرقابة» بإقرار هذا المشروع، فإن آخرين رأوا ان لبنان نجح في امتحانه حين أحال وزير الإعلام طارق متري ملف «لول» الى المجلس الوطني للإعلام... خصوصاً ان المجلس لا يتمتع بصلاحيات تقريرية إنما صلاحيات استشارية... ما يعني ان الهدف كان حلّ المسألة حبياً. وهكذا كان اول من امس حين اتخذ أعضاء المجلس قراراً باستمرار بث «لول»، ولكن مع التزامه ببعض الضوابط علماً ان «او تي في» كانت استبقت القرار الأحد الماضي، بحجب الكلمات البذيئة بالاعتماد على «الزمور» الحاجب للصوت عند اي كلمة لا تتناسب والأخلاقيات. وهو، في اي حال، مطلب عدد من محبي هذا البرنامج الذين بعدما اجتذبهم «لول» بفكرته الناجحة والجذابة، راحوا ينزعجون من «الحرية المطلقة» التي سمح بها لنفسه في عدد من حلقاته. امام هذا الواقع برز دور المجلس الوطني للإعلام. واللافت انه بينما كان يندد بالمسّ بالحريات الإعلامية في ما يخص الحملة الأميركية، ويكشف عن اتجاهه والمؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة في لبنان للتحضير لاجتماع لإعداد مذكّرة ترفع إلى مجلس وزراء الإعلام العرب، كان هذا المجلس نفسه يمارس دوره الاستشاري للاقتطاع من حرية برنامج «لول». هنا يسأل المرء: هل كان الأمر يحتاج الى انعقاد المجلس الوطني للإعلام، مجتذباً من سباته الغريب، حتى يتفاوض ومحطة «او تي في» على التخفيف من حدة الكلام البذيء في بعض حلقات برنامج «لول»؟ ثم إذا كان المجلس تمكن من فرض «رقابة» جزئياً على هذا البرنامج في اجتماعه الأخير، من خلال انتزاع موقف من رئيس مجلس إدارة «او تي في» روي الهاشم بالرقابة الذاتية على البرنامج، أوليس هو نفسه الذي يندد بممارسة الأميركيين ما يتصورون انه حقهم في ممارسة الرقابة على محطات يرون انها «اخطر» من النكات البذيئة بالنسبة اليهم؟ أليس في هذين السلوكين تناقض ما؟