لم تكد عيون أحبة زميلنا في «الحياة» المرحوم حسين حويلي الذي مضى أسبوع على رحيله بعدما صدمته سيارة وفرّ سائقها وما زال، تكفكف دموعها حزناً حتى جدد وحيده علي ذو السنوات العشر أمس، فينا موجة الحزن والبكاء هنا في روضة الشهيدين على مقربة من ضريحه. في المكتب في بيروت لم يعتد كثيرون من الزملاء بعد على فكرة عدم عودة أبي علي. كثيرون لا يزالون يعتقدون أنه جالس هناك في غرفة السنترال، أو آتٍ في طريقه إليها ليمكث فيها من الثالثة بعد الظهر حتى التاسعة ليلاً. وكذلك الأمر، لا بل أقسى وطأة، بالنسبة الى عائلته التي أغرقها رحيل حسين في حزن عميق. ابنه وزوجته، أبوه وأمه، شقيقته وشقيقه، لم يستفيقوا بعد من هول الصدمة ولم ينقطع سيل الدموع على وجناتهم. أمس تنادى محبو حسين من الأهل والزملاء إلى مقبرة روضة الشهيدين ليتلوا الفاتحة ويستذكروه في ذكرى مرور اسبوع على رحيله، فجاءت كلمات طفله العفوية لتصدم القلوب وتبكي العيون كما كان وقع خبر وفاة ابيه. اقتطع علي الذي كان آخر من تكلم مع حسين عبر الهاتف، ورقة من دفتره المدرسي وكتب بخط واضح بالعامية اللبنانية رسالة إلى أبيه وتلاها على الحضور، وقال فيها حرفياً: «باسم الله الرحمن الرحيم: بابا، قلت لي جاي بعد شوي وما جيت. قالوا لي طلعت عالجنة، أصلاً الجنة موجودة للي (للذين) متلك لأنك كتير منيح، بس (لكن) أنا مين بنطر آخر الليل، وعمين برمي حالي، ومع مين بلعب يا أعز الناس. كنت ناطرني لأكبر وتشوف ولادي، بس الله ما عطاك العمر يا حبيبي... بوعدك اني كون متل ما انت بتحب: مؤمن طاهر وناجح، وتشوفني من فوق وتكون فخور فيني وراضي عني. رح (سوف) صليلك، وأقرأ لك الفاتحة كل يوم، والله يرحمك يا حنون، ورح اشتقلك كتير يا أغلى بابا».