كشف قيادي في حركة «حماس» عن تحسن في علاقات الحركة مع القاهرة خلال الأسابيع الأخيرة أثمرت فتح معبر رفح الحدودي، وتخفيف الحملات الاعلامية في وسائل الاعلام المصرية. وقال القيادي ل «الحياة» إنه تم استئناف اللقاءات والاتصالات مع القاهرة، إذ زار مدير المخابرات العامة المصرية الوزير اللواء خالد فوزي قطر قبل أكثر من شهر و»التقى قيادة الحركة» في الدوحة. وأضاف أن «عضوي المكتب السياسي لحماس موسى أبو مرزوق وعماد العلمي عقدا اجتماعاً آخر مع قيادة المخابرات العامة قبل أقل من شهر سبق عودتهما الى قطاع غزة عند فتح معبر رفح للقادمين الى القطاع قبل نحو ثلاثة أسابيع»، فضلاً عن اجتماع آخر مع أبو مرزوق وهو في طريقه الى الدوحة عبر القاهرة التي وصلها السبت الماضي قادماً من غزة. اتفاق «حماس» ومصر وأوضح أنه تم الاتفاق على «فتح صفحة جديدة وترتيبات» بين قيادة الحركة والمخابرات العامة، أهمها «إلغاء حكم اعتبار الحركة وذراعها العسكرية كتائب القسام ارهابية، وفتح معبر رفح الحدودي، وتخفيف الحملات الاعلامية المصرية ضد الحركة». وزاد أن «الحركة تعهدت ضبط الشريط الحدودي مع مصر، ومنع تنقل الأفراد والتهريب» من الأنفاق، لافتاً الى أن «الوضع استقر في مصر على أن لا علاقة ولا دور للحركة، وأن يدها نظيفة مما يجري في سيناء». وعبر القيادي عن تفاؤله بإتمام المصالحة، مرجحاً أن «تستأنف مصر دورها السابق في المصالحة والتهدئة» مع اسرائيل. تهدئة طويلة مع اسرائيل في هذه الأثناء، تضاربت مواقف قياديين في «حماس» من انباء عن هدنة طويلة الأمد مع اسرائيل، إذ أكد مسؤول العلاقات الدولية في الحركة أسامة حمدان أن الحركة «تسلمت أفكاراً مكتوبة تتعلق بملف التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي»، في حين نفى أبو مرزوق ذلك. وكانت وسائل انباء اسرائيلية نشرت أمس انباء عن وساطة قطرية بين «حماس» واسرائيل في شأن تهدئة طويلة الامد في القطاع تترافق مع اقامة ميناء يربط بين القطاع وتركيا وفق شروط امنية معينة، وهو ما اثار قلق السلطة التي ترى في اتفاق من هذا النوع تكريساً للانفصال بين غزة والضفة. وترددت أنباء اخرى عن مغادرة أبو مرزوق غزة الى الدوحة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق هدنة، مدعومة عربياً ودولياً، وتتراوح بين خمس سنوات و15 سنة. وقال حمدان في تصريحات إلى صحيفة «فلسطين» التابعة ل «حماس» إن «قيادة الحركة تدرس تلك الأفكار، وبصدد الرد عليها»، متوقعاً أن «يكون الرد اليوم (أمس)». وأوضح أن «الأفكار تتعلق باستكمال ملف التهدئة الذي تم إبان العدوان الإسرائيلي الأخير المتمثل في رفع الحصار (عن القطاع) وفتح المعابر وقضية ميناء غزة، وهدفها إنهاء الحصار في ظل ما يعانيه السكان في قطاع غزة». لكن أبو مرزوق أعلن أمس أن الحركة «لم تتسلم أي أفكار مكتوبة للتهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي من جهات أوروبية». وقال في تصريح: «ليس هناك ما يستوجب الرد على أي أفكار للتهدئة مع الاحتلال»، مشيراً الى أن «هناك أفكاراً متداولة عن مشاريع غير متبلورة للتهدئة يتحدث عنها الأوروبيون». وأضاف أن «أي طرح لتهدئة مع الاحتلال يجب أن يكون وطنياً وليس على مستوى فصيلي، وأن لا يكون سرياً»، مشدداً على أن الحركة «لا تسعى إلى اتفاق يفصل بين حقوق الشعب المتعددة وبين الموضوع السياسي حتى لا تدفع أثماناً في مقابل تلك الحقوق». وعن العلاقة مع مصر، أشار إلى أن «هناك توجهاً إيجابياً من الجانب المصري تجاه قطاع غزة، كما يوجد كثير من الإشارات، مثل فتح المعبر وإدخال مواد البناء، وإلغاء الحكم السابق ضد الحركة». وكشف الباحث في شؤون الحركات الاسلامية، مستشار رئيس حكومة «حماس» السابق الدكتور أحمد يوسف أن «هناك مسؤولين أوروبيين يحاولون تذليل العقبات بين حماس والاحتلال الإسرائيلي خشية انفجار الأوضاع، خصوصاً بعد صدور تقارير دولية أكدت أن قطاع غزة على حافة الانفجار». وأوضح أن «الدردشات» مع إسرائيل عبر الأوروبيين «لم تصل حتى اللحظة إلى مرحلة متطورة، فالأوروبيون يزورون غزة ليستمعوا إلى أفكار حماس». وقال عضو المكتب السياسي ل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» كايد الغول إن العرض الجديد القديم لهدنة في مقابل تسهيلات «يأتي ضمن صفقة تسعى اسرائيل من خلالها الى فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، قد يرافقها اغلاق كل المعابر بالتزامن مع تنفيذ الميناء العائم لفصل غزة عن الضفة سياسياً وجغرافياً تماماً، وتحويل القطاع الى كيان فلسطيني مستقل، والاستفراد بالضفة عبر توسيع الاستيطان، وخلق واقع يجعل المجتمع الدولي يتقبل فكرة البحث عن بدائل عن الدولة الفلسطينية على كامل الاراضي المحتلة عام 1967 في الضفة وغزة والقدس». ودعا الغول في حديث إلى «الحياة» إلى «توحيد الموقف الفلسطيني واستكمال ملفات المصالحة وإنهاء الانقسام»، مشدداً على أنه «لا يحق لأي فصيل أن يقرر منفرداً في هذه الحلول، وضرورة بحثها وطنياً بما يضمن تخفيف معاناة سكان القطاع، ويمنع تحقيق الهدف الاسرائيلي بتكريس الفصل». السلطة قلقة وأعربت السلطة الفلسطينية عن قلقها من الاتصالات غير المباشرة الجارية بين «حماس» وإسرائيل في شأن تهدئة في قطاع غزة، محذرة من نتائجها السياسية. وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن «ذلك سيكون مهماً اذا لم يكن على حساب وحدة الأرض والدولة والشعب، وأن لا يكون تمهيداً للقبول بدولة ذات حدود موقتة، الأمر الذي سيترك آثاراً مدمرة في الشعب الفلسطيني وقضيته واستقلاله». وأضاف أن «أي تهدئة يجب أن يهدف إلى رفع المعاناة عن شعبنا، وأن لا يكون ثمنه الخروج عن الإجماع الفلسطيني والقومي». اجتماع مركزية «فتح» وبحثت اللجنة المركزية لحركة «فتح» في اجتماع لها امس هذه الاتصالات والنتائج المترتبة عليها. وقال عضو اللجنة المركزية، الناطق باسم حركة «فتح» نبيل أبو ردينة: في بيان عقب الاجتماع: «إن وحدة شعبنا وقضيته ومصيره غير القابلة للتجزئة أو المتاجرة بها في صفقات مشبوهة تتم من وراء ظهر الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها». وقال ان حركة «فتح» ترفض أي اتفاقيات جزئية تحت أي ذرائع أو مسوغات، معتبراً ان مثل هذه الاتفاقات «تصب في خانة فصل القطاع عن الضفة الغربية»، وهو ما قال عنه إنه «هدف إسرائيلي ليس في حاجة إلى برهان». وحذر أبو ردينة في بيان رسمي ثان من «خطورة تمرير مثل هذه الصفقات بذريعة فك الحصار عن القطاع» معتبراً ان «نتائج مثل هذه الصفقات ستكون كارثية على شعبنا وقضيته». واضاف: «ليس أقلها فصل شطري الوطن، بل ومنح الاحتلال الإسرائيلي فرصة الاستفراد في الضفة الغربية والقدس، وتمهيد الطريق لفرض حلول تصفوية من قبيل الدولة ذات الحدود الموقتة». وقال ان «فتح» متمسكة باتفاق القاهرة للتهدئة الذي جرى التوصل اليه عقب الحرب الاسرائيلية الأخيرة على غزة . وأضاف: «سنواصل العمل لحماية شعبنا والتمسك بثوابته وحقوقه الوطنية، وسنخوض معركة سياسية وديبلوماسية لانتزاع هذه الحقوق في المحافل والمؤسسات والهيئات الدولية والإقليمية كافة». المجلس الثوري ل «فتح» من جهة ثانية، بدأت أمس اعمال الدورة الخامسة عشرة للمجلس الثوري لحركة «فتح» برئاسة الرئيس محمود عباس. وقال اعضاء في المجلس ان الاجتماعات ستبحث المؤتمر السابع لحركة «فتح» المتوقع عقده قبل نهاية العام، والوضع الوطني الفلسطيني، والتعديل الحكومي» والمصالحة الفلسطينية.