تشير التغيرات المتسارعة داخل أكبر حزبين في الموالاة في الجزائر، «جبهة التحرير الوطني» و «التجمع الوطني الديموقراطي»، إلى تنظيم ترتيبات حثيثة من جانب السلطة لإغلاق الباب أمام أي مفاجآت قد تعترض خطط تأمين انتقال سلس للحكم، فيما يبدو أن مراكز القرار اختارت كلاً من مستشار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، أحمد أويحيى، ورئيس الحكومة عبدالمالك سلال، ليشكلا معاً «ثنائية» المرحلة المقبلة. وتأكدت أمس، أنباء سرت سابقاً عن استعادة سلال عضويته في «جبهة التحرير الوطني» من باب اللجنة المركزية، أعلى هيئة نظامية في الحزب، بعد المؤتمر. وكان سلال ترك العمل الحزبي منذ نحو عقدين، لكنه وجه طلباً منذ شهرين تقريباً، إلى الأمين العام للجبهة عمار سعداني، لاستعادة بطاقته ك «مناضل». وذكرت مصادر مأذونة ل «الحياة»، أن قسم الحزب في قسنطينة (400 كيلومتر شرق العاصمة الجزائرية) سلّم سلال «بطاقة المناضل» تحضيراً لمشاركته في المؤتمر الذي عُقِد في نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة. في المقابل، طرأ تطوّر بارز داخل ثاني أحزاب الموالاة، إذ استقال رئيس البرلمان عبدالقادر بن صالح (74 سنة)، من قيادة «التجمع الوطني الديموقراطي»، وهو الحزب الذي يحكم البلاد بالاشتراك مع «جبهة التحرير الوطني». وقال محللون إن هذه الخطوة تمهّد الطريق أمام عودة رئيس ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، الى تزعّم حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، وقد تؤهله لخوض انتخابات الرئاسة لخلافة بوتفليقة. ويرى مراقبون أن التوافق خلف الكواليس بين نخبة الحزب الحاكم وآخرين من صناع القرار في البلاد، يعني أن الجزائر ستشهد على الأرجح انتقالاً سلساً للسلطة، إذ تحرص السلطات على تفادي الاضطرابات التي تشهدها باقي دول المنطقة. وتسعى السلطة في الجزائر منذ بداية أحداث «الربيع العربي»، إلى تفادي أي مفاجآت قد تعصف برأس النظام ومراكز القرار. وتمرّ الجزائر حالياً بمرحلة حرجة، فبعد أن شهدت طفرة مالية غير مسبوقة في فترة حكم بوتفليقة بسبب ارتفاع أسعار النفط، أدى تراجع أسعار تلك المادة الحيوية إلى انخفاض إيرادات الطاقة التي تشكّل 95 في المئة من ميزانية الدولة. وتباطأ إنتاج البلاد من النفط في السنوات الأخيرة، مع عزوف المستثمرين الأجانب. ويعوّل جناح في السلطة على أويحيى ليكون رجل المرحلة المقبلة، إذ إنه يوصف ب «سياسي التقشف»، ولطالما ارتبط اسمه بالمراحل الحرجة التي مر بها الاقتصاد الجزائري، وهو مَن قاد عمليات خصخصة مئات المؤسسات الاقتصادية الحكومية، ما أدى إلى تسريح آلاف العمال.