قدّم الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي الجزائري أحمد أويحيى استقالته من قيادة الحزب حتى قبل حلول موعد اجتماع المجلس الوطني في النصف الثاني من الشهر الجاري، في ظل ضغوط «حركة تقويمية» يقودها وزير الصحة السابق يحيى قيدوم والتحق بها عدد من كوادر الحزب. لكن «رمي المنشفة» طوعاً من الرجل القوي سابقاً في دواليب السلطة يوحي بأن تغييرات ستطرأ على كثير من الحسابات المرتبطة بالانتخابات الرئاسية المقبلة. وأبلغ أحمد أويحيى أعضاء المكتب السياسي للتجمع الوطني الديموقراطي، ثاني قوة سياسية في البلاد، استقالته ضمن رسالة وقّعها أمس. وذكر أويحيى أن استقالته ستكون سارية بدءاً من 15 كانون الثاني (يناير) الجاري، أي قبل يومين فقط من اجتماع مرتقب للمجلس الوطني والذي كانت «الحركة التقويمية» تعوّل عليه لإنهاء «الصراع» مع أويحيى بعدما لحق بها غالبية وزراء التجمع في الحكومة وقادة منظمات جماهيرية كبرى. وقال الناطق باسم الحزب ميلود شرفي إن أويحيى استقال من منصبه أميناً عاماً للتجمع الوطني الديموقراطي، موضحاً أنه «أعرب عن رغبته في رسالة وجهها لمناضلي حزبه في مواصلة النضال ضمن هذه التشكيلة السياسية كمناضل بسيط». ويبدو أن أويحيى الذي يقود التجمع الوطني الديموقراطي منذ 1999، قد فهم إشارات تتجاوز «الحركة التقويمية» التي تسعى إلى إطاحته، وقد تكون على علاقة بترتيبات الانتخابات الرئاسية التي ستشهدها البلاد العام المقبل، بعد انتهاء الولاية الرئاسية الثالثة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وينضوي في «الحركة التقويمية» قياديون بارزون بينهم وزراء سابقون وأعضاء في المجلس الوطني، والتحق بهم وزير الصناعة الشريف رحماني ووزير الشؤون الدينية أبو عبدالله غلام الله ووزير التكوين المهني محمد مباركي وكاتب الدولة للشباب بلقاسم ملاح. وبين «التقويميين» أيضاً وزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد وقائد الكشافة الإسلامية نور الدين بن براهم ومسؤولة جمعية ضحايا الإرهاب فاطمة فليسي ورئيسة اتحاد النساء نورية حفصي. لكن المنعرج الأخير في مسار «الحركة التقويمية» («حركة تقويم وحماية التجمع») صُنع داخل الإتحاد العام للعمال الجزائريين، أكبر تنظيم نقابي جماهيري في البلاد، بلحاق عبدالقادر مالكي والصالح جنوحات بالتيار المعارض لأويحيى، ثم لحق بهم وزير المجاهدين محمد الشريف عباس وصولاً إلى رئيس مجلس الأمة عبدالقادر بن صالح. ويتردد أن هذه الحركة يدعمها «من بعيد» الجنرال المتقاعد محمد بتشين أحمد أبرز الفاعلين في مؤسسة الرئاسة خلال فترة حكم الرئيس ليامين زروال في التسعينات. وقالت مصادر موثوقة ل «الحياة» إن عبدالقادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، يبدو على رأس المرشحين لقيادة «فترة انتقالية» على رأس التجمع الوطني الديموقراطي خلفاً لأويحيى. وبن صالح يترقب منذ أسبوع إعلان الرئيس بوتفليقة عن هوية الرئيس الجديد لمجلس الأمة ليتمكن من التفرغ للمرحلة. وقال يحيى قيدوم منسق «التقويمية» في تصريح إلى «الحياة» إنه «سينسحب من السياسة نهائياً بمجرد ترتيب بيت التجمع في الأيام المقبلة». ووفق بعض المصادر فإن دفع أحمد أويحيى إلى الاستقالة يعني تلقائياً تضاؤل حسابات ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة. وتقول هذه المصادر إن هناك ترتيبات لاختيار شخصية من محيط جبهة التحرير الوطني للترشح لمنصب الرئاسة خلفاً لأويحيى. لكن أوساطاً أخرى تقول إن أويحيى استقال من قيادة حزبه ربما لتحضير ترشحه للرئاسيات التي ستشهدها البلاد ربيع العام المقبل. وكان أويحيى غادر منصب الوزير الأول (رئيس الحكومة) الخريف الماضي بعدما شغله لسنوات عدة.