حمل الاختصاصي في علم النفس التربوي من جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صالح يحيى الغامدي مسؤولية تجنيد صغار السن والمراهقين لما أسماه «الاستغلال الممنهج» من خلال برمجة الدماغ التي يستخدمها دعاة الموت والإرهاب عبر مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي. وقال: «للأسف ينجح أحياناً دعاة الإرهاب في استغلال وتجنيد صغار السن والمراهقين ليحولوهم إلى قنابل موقوتة تنفجر «عشوائياً» في أناس لا ذنب لهم، ويظل أحد أهم الأسباب استغلال جهل هؤلاء الصبية بأساليب التجنيد والعمالة الإجرامية لمثل هذه العمليات، وبأنهم يستغلون استغلالاً ممنهجاً لسهولة إقناعهم بطرق نفسية وعقلية، وهنا يتبادر إلى الذهن تساؤل هام، هو: كيف يستطيع دعاة الموت أن يتغلغلوا ويصلوا إلى عقول هذه الفئة من صغار السن الذين يضحون بحياتهم دونما تفكير أو تأمل، وكأنما عقولهم مغيبة تماماً عن فحص نتائج هذه الجرائم سواء في الدنيا أم الآخرة»؟ وأضاف أن «السبب الرئيس هو عدم الوعي الذاتي من جانب هؤلاء الصغار المغرر بهم بخطط وأساليب ما يسمى «السيطرة العقلية» أو برمجة الدماغ التي يستخدمها دعاة الإرهاب من خلال مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، إذ تبث الكثير من الأفكار الموجهة نحو شباب هذا الوطن بواسطة معرفات غالباً ما تكون خارجية في مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقع أخرى مشبوهة هدفها السيطرة بأفكار تسلطية على أفكار ووجدان ومشاعر هؤلاء الشباب، يقابلها ضعف في الوعي لدى هؤلاء الصغار إلى الدرجة التي تجعلهم يعتنقون هذه الأفكار، فيتم استبدال قناعاتهم الذاتية بقناعات الفكر الإرهابي، ومن هذه الأساليب على سبيل المثال لا الحصر، استغلال الحماس الديني، واستغلال سمات الكراهية الشخصية للغير، وما يدور في الدول الأخرى من نزاعات مذهبية، ما يجعل المتلقين منهم كالآلات التي تتحرك بشكل آلي مبرمج لتنفيذ تلك الجرائم». وعن أبرز سبل الحد من تفشي ظاهرة تجنيد صغار السن في التنظيمات الإرهابية، أضاف: «يبقى الدور الوقائي الذي نبنيه لشبابنا هو خط الدفاع الأول في عدم الانجراف نحو اعتناق تلك الأفكار الضالة، من خلال الإسهام في تنمية الوعي الذاتي لتحصينهم من أساليب السيطرة العقلية أو البرمجة الدماغية التي يستخدمها دعاة العنف وصناع الموت، وتبدأ من حماية الصغار من خلال توضيح أخطار شبكات التواصل على أفكارهم، وعدم الانجراف خلف أي من المعرفات الوهمية والإرهابية التي تهدف إلى إقناعهم ببعض الأفكار المنحرفة، كما ينبغي على الآباء والمربين والمسؤولين التعرف على مراحل التغيير المفاجئة في نمط حياة هذه الفئة من المراهقين، التي تصل إلى حد الابتعاد والتخفي عن الأنظار فجأة دون أسباب، والحدة في النقاش، والتزام خط متشدد نحو الآخرين». ولأجل مواجهة الأفكار الإرهابية يدعو الغامدي الجميع للقيام بدورهم في «تنمية وعي الصغار وتبصيرهم حول ما يضمره لهم أعداء الأمة وأعداء هذا الوطن من شرور في ظل سهولة التواصل الإلكتروني، سواء على مستوى الخطاب الديني أم التعليمي وحتى الإعلامي بشقيه الرسمي والخاص، وأن علينا واجب تبصير صغارنا بأن مصادر تلك الأفكار هم أعداء هذا البلد الآمن الذين وجدوا من بعضهم ثغرة ومطية لتحقيق أجندتهم الإرهابية من خلالهم، وبإزهاق أرواحهم، وعلينا تقوية ثوابتهم نحو الاعتدال، وأن إسلامنا وعقيدتنا السمحة وديننا الوسطي هو المستهدف، فما يفعله الفكر الإرهابي من قتل وتفجير لم يرد عن يوماً في سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو في زمن أحد من صحابته الكرام».