حذر باحثون ومتخصصون في الشأن الفكري من خطورة شبكة الإنترنت وتنامي آثارها السلبية على الأمن الفكري، بعد استغلال الجماعات الإرهابية لتجنيد عناصر لها، حيث أصبحت نافذة لضم أنصارها بعد إقناعهم بالفكر التكفيري المدمر للمجتمعات وتنبي أفكار منحرفة تؤدي لزعزعة العقائد والإساءة للدين. وأشار الدكتور حسان بصفر أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز، أنه لم يعد خافيا في السنوات الأخيرة أن شبكة الإنترنت أضحت تلعب دورا خطيرا في نشر الأفكار المتطرفة وانتشار الإرهاب، خاصة مع تبلور وعي جديد لدى تلك الجماعات يقضي بضرورة استغلال وسائل الاتصال الحديثة العصية عن المراقبة لاستقطاب عناصر جديدة والترتيب لعملياتها، حيث يلعب الإنترنت دورا بارزا في صناعة التطرف والإرهاب والتحريض على العنف والترويج للأفكار المتشددة واستقطاب العناصر المؤهلة للانحراف، وهو ما أعلنته وزارة الداخلية التي أشارت في عدة مرات عن دور مواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد العناصر المتشددة وتنفيذ عمليات إرهابية، والترويج للتفسيرات الدينية والآراء الفقهية المنحرفة والمضللة. وبين أن تلك الجماعات استغلت الإنترنت في الدعاية لنفسها ونشر صولاتها وجولاتها الإجرامية التي تنتهك فيها كل الأخلاق والمبادئ والقيم الدينية والإنسانية لتوسيع دائرة انتشارها، خاصة مع ما يوفره الإنترنت من خاصيات التخفي وصعوبة التتبع، فاستغلته كوسيط لعمليات التجنيد والتعبئة، وأضحت تعتمد عليه كمنبر لنشر أفكارها وبياناتها وتعليماتها لمجنديها، وجذب مؤيدين ومتطوعين لها، ما يدعونا لضرورة التنبه لهذه الشبكات وما يقوم به أصحاب الفكر الضال. وأكد الخبير الأمني اللواء متقاعد أحمد سعد الثبيتي، أنه مع تطور ساحة التكنولوجيا عمدت الجماعات والتنظيمات الإرهابية في استغلال الطفرة التقنية وسبل التواصل الاجتماعي الآنية، والتي باتت ساحة استقطاب وتجنيد للانضمام لتلك الجماعات، وهذا ما يؤكد عليه خبراء رأوا أن التطور التكنولوجي ساهم في زيادة عدد الشباب المشاركين في الجماعات الإرهابية، وسهل تناقل الأفكار والأساليب المتطرفة، مبينا أن من بين تلك الجماعات تنظيم «داعش» الإرهابي، إذ تحصلت جهات التحقيق في المملكة على معلومات من عناصر تم القبض عليهم بتهمة التواصل مع التنظيم المتشدد والعمل على تسفير الشباب ل«داعش»، تفيد أنه تم استقطابهم عبر صفحات الإنترنت وبعضهم حصل على دورات تدريبية من تلك الجماعات الإرهابية عبر الشبكة العنكبوتية. ملمحا إلى أن داعش نجح في استقطاب ما يقارب 65% من العناصر من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، وبات الباب أمامه مفتوح الأفق لتجنيد عناصره من داخل وخارج العالم العربي، وذلك من خلال المعرفة باللغات لتسهيل التواصل مع كافة الشباب من مختلف الدول وإبراز عوامل الجذب المختلفة والوعود الزائفة بالنعيم والحور العين. ورأى خبير الاتصالات المهندس عمر التركي، أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت حقلا خصبا لاستقطاب الشباب وزرع أفكار متطرفة وإرهابية في عقولهم، موكدا أن العبء الأكبر في تنامي ظاهرة الإرهاب يقع على الأسر في مراقبة أبنائها وعدم إهمالهم، بالإضافة لضرورة إشراك الشباب في بناء الدول المجتمعات، داعيا لضرورة العمل على إغلاق كل المواقع والمنتديات الجهادية، مما سيؤثر على هذه التنظيمات ويقلل من خطورتها ويقصر مدة القضاء عليها وقدرتها التأثير على الشباب مع توعية المجتمعات والموسسات التعليمية بخطورتها لتوعية الطلاب بها. وأكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الدكتور أنور عشقي، أن الجماعات المتطرفة والإرهابية انتهكت الكثير من القيم الأخلاقية والدينية، وأصبحت تستغل النساء في اصطياد الشباب من خلال محاولات الإغراء واستدراجهم، خصوصا بعدما ضيقت المملكة الخناق على هذه الجماعات وفرضت عقوبات على من ينتمي إليها، حيث فشلت في استقطاب الشباب عن طريق الدين فلجأت إلى أساليب أخرى للتغرير بالشباب، وهناك الكثير من الشباب الذين انخرطوا في أعمال غير مشروعة ثم بدأوا يكتشفون مدى العنف والكذب فعادوا مرة ثانية إلى أحضان الوطن، مبينا أن الجماعات الإرهابية تفتح أبوابا عديدة لاستقطاب الشباب فتارة تستخدم الإغراء الديني وأخرى الإغراء بالمرأة، وضعف الثقافة والوازع الديني، مؤكدا أن هناك أدوارا مختلفة لمعالجة الأمر ومنها دور الإعلام والمنابر والمدارس والتي تقع عليها دور في التوعية بهذا الخطر والتحذير من تلك الجماعات، وفضح طرق استدراج الشباب، كما يجب تأكيد حرمة قتل النفس حتى لو كان ذلك في التعامل مع غير المسلمين، لأن الله تعالى أمر بالحوار ولم يأمر بالقتل.