أكدت مؤسسة «نوفيل دون» الفرنسية أن المصارف المغربية باتت تسيطر على معظم النشاط المالي والاستثماري والتمويلي في أفريقيا جنوب الصحراء، متفوقة على مصارف أوروبية عريقة. وأشارت في تقرير شمل 840 مصرفاً في 66 دولة إلى أن التوسع الاقتصادي والاستثماري المغربي في أفريقيا، ساعد المصارف المغربية على تبوّء مكانة مميزة في القارة السمراء، بعدما أصبحت ثلاثة مصارف تستحوذ على ثلث القطاع المالي في أفريقيا الغربية والوسطى، ما دفع مصارف فرنسية مثل «سوسييته جنرال» و"بي ان بي باريبا» إلى التفكير في فتح فروع في مناطق جديدة، بعدما تراجعت حصتها إلى 15 في المئة في مقابل 33 في المئة للمصارف المغربية، التي دخلت القارة السمراء عام 2007. ومنذ ذلك الحين، تملّك «البنك الشعبي» 65 في المئة من رأس مال مصرف «اتلنتيك فينانشيال» في ساحل العاج، وهي أكبر منطقة مالية في غرب أفريقيا، كما استحوذ «المغربي للتجارة الخارجية» على مصرف «بنك أوف أفريكا» ليصبح موجوداً في نحو 20 دولة في شرق القارة وغربها ووسطها وجنوبها، في حين وسع «التجاري وفا بنك» نشاطه في منطقة تمتد من تونس إلى الغابون وافتتح 622 فرعاً جديداً في نحو 16 دولة، وهو بصدد التفاوض لشراء مصارف أفريقية في مصر. وتوقعت الوكالة الفرنسية أن يحتاج القطاع المصرفي إلى 30 ألف فرع جديد لتلبية الطلبات، معظمها سيكون في أفريقيا والدول الصاعدة بسبب نشوء طبقات وسطى متعلمة. واعتبر خبراء أن سيطرة الرباط على النظام المصرفي والمالي في أفريقيا سيعزز مكانها كثاني مستثمر بعد جنوب أفريقيا، على رغم أنها دولة غير نفطية. وقال الخبير في وكالة «رولاند بيرجير» جورج فيري، إن «الطبقات الوسطى والشركات الصغرى والمتوسطة ستقود التنمية في أفريقيا خلال السنوات المقبلة، وستكون الصناعة المالية قاطرة التنمية، ومن يتحكم بها سيقرر مصير أفريقيا». ويدير المركز المالي الدولي «كازبلانكا فينانشال سيتي» محفظات استثمارية دولية موجهة نحو أفريقيا ستبلغ قيمتها 10 بلايين دولار، لتمويل مشاريع بنية تحتية وطاقة وزراعة وصناعة وعقار وسياحة. وأنشأ «البنك الأفريقي للتنمية» صندوقاً في الدار البيضاء برأس مال أولي بلغ ثلاثة بلايين دولار للهدف ذاته. ويستثمر القطاع الخاص المغربي سنوياً نحو نصف بليون دولار في مشاريع أبرزها المال والاتصالات والعقار والصناعات التحويلية ومواد البناء والطاقة والمعادن والزراعة والسياحة، بينما يقدم القطاع العام مساعدات تقنية في مجال التعليم والصحة والكهرباء والماء والمساجد. وتحتاج أفريقيا إلى استثمارات بنحو تريليون دولار خلال السنوات المقبلة، 450 بليوناً منها في قطاع الطاقة والكهرباء والنفط والمصادر الجديدة للطاقات البديلة، ونحو 100 بليون دولار في البنية التحتية، و200 بليون لبناء المدارس والمستشفيات والتجمعات السكنية والزراعة. وأشارت مصادر إلى أن الدول الأفريقية أصبحت قادرة على تسديد ديونها الاستثمارية بفضل النمو المرتفع الذي بلغ خمسة في المئة في المتوسط، وتوافر الطاقة والمواد الأولية والثمينة فيها، التي بقيت تجذب الشركات الأوروبية التي أصبحت المنطقة تفضّل عليها شركات إقليمية وحتى آسيوية وأخرى نامية في إطار تطبيق شعار «تعاون جنوب - جنوب»، رداً على المواقف الأوروبية غير الودية تجاه المهاجرين الأفارقة في البحر الأبيض المتوسط، وسعي فرنسا إلى استعمال القوة لوقف الهجرة السرية، التي من أسبابها الفقر والتصحر واستغلال خيرات القارة لعقود طويلة.