أعلنت شركات مغربية كبيرة، خططاً لزيادة استثماراتها وتوسيع نشاطها في دول أفريقيا جنوب الصحراء، للاستفادة من النمو الاقتصادي الذي تحققه القارة السمراء والمقدر بحوالى 6 في المئة. في حين تشهد القارة العجوز تباطؤاً في نموها، ما انعكس سلباً على تجارة المغرب مع منطقة اليورو المقدرة ب62 في المئة من مجموع المبادلات الخارجية، أي عشر مرات أكثر من أفريقيا التي تقدر تجارتها مع المغرب بنحو أربعة بلايين دولار هذه السنة. وكشف المصرف المغربي للتجارة الخارجية «بي إم سي أي»، عن قراره ب «رفع حصصه في مصرف «بنك أوف أفريكا» إلى 65 في المئة، وزيادة عدد الحسابات إلى مليونين». وحقق المصرف توسعاً في التجارة الخارجية والاستثمارات الموجهة إلى القارة السمراء معتمداً على فرعه في بريطانيا «بي إم سي أي كابيتال»، وقرر زيادة رأس ماله بحوالى 4 بلايين درهم لتنفيذ خطة التوسع التي تمتد حتى عام 2015. ويراهن المصرف على المركز المالي الدولي للدار البيضاء «كازا فينانس سيتي»، التي وقّعت اتفاق تعاون مع هيئة المال اللندنية لجلب مزيد من الاستثمارات الأوروبية والدولية نحو المنطقة العربية – الأفريقية. وكان «التجاري وفا بنك»، المصرف الخاص الأول في المغرب التابع لمجموعة «أونا»، زاد مساهماته في عدد من المصارف الأفريقية، وفتح فروعاً في عدد من الدول الفرنكفونية مثل السنغال والغابون وساحل العاج وبوركينافاسو. وبات يُعتبر أكبر مصرف أجنبي في تلك المنطقة، وهو يفاوض لشراء بعض الحصص في مصرف «سوسيتيه جنرال» الفرنسي بشراكة مع مصارف خليجية وبعض فروعها في مصر. وسبق لشركات مغربية مثل «الخطوط الملكية» و «مجموعة الشريف للفوسفات» و«اتصالات المغرب» وغيرها، تعمل في قطاعات العقار والبناء والأشغال، والموانئ والكهرباء والمياه والمعادن والاتصالات، أن استثمرت مئات ملايين الدولارات في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يُعتبر المغرب المستثمر الأول في هذه الدول حتى قبل فرنسا. وتُقدر قيمة استثماراتها في أفريقيا بحوالى بليون دولار سنوياً في المتوسط. وكانت المبادلات التجارية مع أفريقيا بلغت 21 بليون درهم في الشهور السبعة الأولى من السنة. وتخطط الرباط لمضاعفتها خمس مرات لتعويض بعض الخسائر في صادراتها نحو دول الاتحاد الأوروبي، التي تواجه صعوبات اقتصادية ومالية. ورأت مصادر أن القارة الأفريقية وعلى عكس التوقعات، لم تتأثر بالأزمة العالمية بل استفادت من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الأولية مثل المعادن النفيسة في مقدمها الذهب والماس ومواد أخرى، تستعمل في صناعة التكنولوجيات الحديثة، وهي مصدر اهتمام الاقتصادات الناشئة، مثل الصين والهند وروسيا. وكانت أفريقيا حصلت العام الماضي على استثمارات بقيمة 31 بليون دولار معظمها غير أوروبي. وأفاد البنك الدولي في تقرير حول «الاقتصادات الأفريقية»، بأنها تتطور في المتوسط بوتيرة «بلغت 4.8 في المئة هذه السنة، و6 في المئة لثلث اقتصادات دول جنوب الصحراء». وارتفعت الصادرات الأفريقية 32 في المئة في النصف الأول من السنة، مستفيدة من الطلب على مواد الطاقة والسلع المعدنية، مثل اليورانيوم الموجود بكثافة في النيجر. واعتبر محللون أن الأزمة في مالي تعيد الاهتمام الدولي بالقارة السمراء، التي تنتج 10 في المئة من الإنتاج العالمي من النفط والغاز، وتملك احتياطاً ضخماً من المعادن المتنوعة. لكن، يكمن ضعف القارة السمراء في التقلبات المناخية وعدم ملاءمة الإنتاج الغذائي مع الحاجات المتزايدة للسكان، وضعف البنية التحتية والدخل الفردي (حوالى ألف دولار سنوياً)، في منطقة تعتبر الأكثر خصوبة ديموغرافياً، إذ يُتوقع أن يفوق سكان أفريقيا بليون نسمة في العقد المقبل.