لئن كانت الحفلة الختامية لمهرجان كان السينمائي خلت من أية مفاجآت إيجابية حقيقية، فإن ثمة مفاجأة تخص لبنان كانت عند بدء الحفلة: الحلم اللبناني القديم بسعفة ذهبية، والذي لم يحققه أي لبناني على رغم جائزة الراحل مارون بغدادي الكبيرة – جائزة لجنة التحكيم قبل ربع قرن - حققه سينمائي لبناني شاب كان في السادسة من عمره حين حقق بغدادي ذلك الانتصار اللبناني الوحيد. ولئن كانت الجزائر نالت في شخص محمد الأخضر حامينا، السعفة الذهبية الوحيدة التي نالها فيام عربي عام 1975، كما نال يوسف شاهين سعفة عن مجمل أعماله، ها هو ابن الزلقا إيلي داغر يفوز بالسعفة الذهبية عن فيلمه القصير «أمواج 88» محققاً معجزة لبنانية صغيرة بفيلم تحريك يتحدث عن عمر المتجول في بيروت ضجراً من ضواحيها. غير أن المفاجأة الكبرى كانت إعطاء السعفة الذهبية – للمرة الثانية خلال أقل من عشر سنوات – إلى الفرنسي جاك أوديار عن فيلمه «السريلانكي» «دابان» الذي حين عرض مر مرور الكرام ولم يتوقع له أحد أي فوز. لكنه بالتأكيد منطق مهرجان «كان» منذ بدايته فرنسياً، ومن الملاحظ في هذا السياق أن كل الأفلام الفائزة تقريباً هي من إنتاج فرنسي، كما أن جائزتي التمثيل ذهبتا إلى ممثلين فرنسيين، إذ أعطيت جائزة أفضل ممثل إلى فنسان لندون عن «قانون السوق» ونالت إيمانويل بيركو نصف جائزة أفضل ممثلة كما سنرى. الحقيقة أن أحداً لم يكن يتوقع هذا الفوز، كذلك كانوا من الندرة بمكان أولئك الذين استجابت لجنة التحكيم لتوقعاتهم... ما جعل النتائج تخرج عن أطر التوقعات في معظمها. ولمرة خلال السنوات الكثيرة الأخيرة، كان ثمة تناقض واضح بين كل التخمينات والتأكيدات من جهة، والنتائج من جهة أخرى، حتى وإن كان رضا عام قد ساد حين أعطي اليوناني يورغوس لانتيموس جائزة التحكيم عن «الكركند» الذي كان مرشحاً للسعفة منذ البداية. فيما عدا هذا كان انصافاً بالطبع أن تعطى روني مارا جائزة التمثيل عن دورها في «كارول» لتود هاينس – وكنا أمس توقعنا هذا لكننا توقعنا أن تكون جائزتها شراكة مع شريكتها في الفيلم كيت بلانشيت. هي أخذتها بالفعل شراكة ولكن مع الفرنسية ايمانويل بيركو – عن الفيلم الذي أنزله النقاد إلى الأرض «يا ملكي». في المقابل، ذهبت الجائزة الكبرى وهي ثاني أعلى جائزة في المهرجان إلى الفيلم المجري «ابن شاوول» للاسلو نيميس وهو فيلم آخر عن محرقة اليهود على يد النازيين. أما جائزة أفضل مخرج فذهبت إلى التايواني هو هسياو هسيين عن فيلمه الممل إلى درجة لا تطاق «القاتلة». فيما ذهبت جائزة أفضل سيناريو إلى المكسيكي ميشال فرانكو عن فيلمه «الفرنسي» الإنتاج «كرونيك».