ليلة عصيبة طويلة مرت على بغداد التي غزتها هواجس فتنة طائفية في أعقاب إقدام مجموعات مجهولة ترافق الحشود الشيعية المتوجهة إلى مدينة الكاظمية (شمال) فجر الخميس، على حرق أحد مباني الوقف السنّي في الأعظمية، والاعتداء على مسجد الإمام أبي حنيفة النعمان، ما اضطر القوى الأمنية إلى التدخل لإغلاق المدينة واعتقال عدد من المعتدين. (للمزيد). على صعيد آخر، أشاد مرشد الجمهورية الإيرانية على خامنئي لدى استقباله الرئيس العراقي فؤاد معصوم أول من أمس ب «الحشد الشعبي» وإنجازاته في محاربة الإرهاب، وتعهد تقديم أي مساعدة يحتاجها العراق، ودعاه إلى العودة للعب دوره في الإقليم. وأعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الذي زار الأعظمية أمس، أن «قوات الأمن تحركت على الفور للسيطرة على الموقف»، وقال أن «اندساس إرهابيين وسط زوار الإمام الكاظم، أدى إلى اقتحام مبنى الاستثمار للوقف السنّي وليس الوقف نفسه، اثر ادعاء بوجود حزام ناسف من أهل الفتن». وقال شهود من أهالي الأعظمية أنهم سمعوا، اعتباراً من الواحدة بعد منتصف ليل الأربعاء – الخميس أصوات إطلاق نار كثيف استمر ساعات، فيما نقلت أشرطة فيديو بثت أمس عبر مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لاندفاع مجموعات من الشباب لإحراق مبنى الوقف السنّي وترديد شعارات طائفية. وأعلن المجمع الفقهي لكبار علماء أهل السنّة في العراق أن العبادي «زار المجمع مستنكراً ما جرى في الأعظمية من اعتداءٍ على جامع الإمام الأعظم وحرق منازل المواطنين ودوائر الوقف على يد ثلة مأجورة من المجرمين»، مشيداً في الوقت ذاته ب «وقفة العلماء والوجهاء والقادة الأمنيين لاستيعاب الفتنة وتطويقها». ودعا المجمع إلى «تشكيل قوة خاصة لحماية الأعظمية كونها مدينة مقدسة لها خصوصية ليس على مستوى بلد فحسب، بل على مستوى العالم العربي والإسلامي». كما دعا رئيس ديوان الوقف محمود الصميدعي إلى «عقد مؤتمر كبير للمصالحة الوطنية بعد القضاء على العصابات الإجرامية». ولاقت الأحداث استهجاناً واسع النطاق، واعتبرها مقتدى الصدر «مشينة ووقحة وخارجة عن أخلاق أهل البيت». وقال أنه «صار بعض المحسوبين عليهم (أهل البيت) زوراً وبهتاناً يعمدون إلى تأجيج الفتنة الطائفية والاعتداء على الأبرياء من أهالي مدينة الأعظمية»، مشيراً إلى أنهم «عمدوا إلى حرق البيوت، فيما صار آخرون يستعرضون بالزي العسكري ويرمون العيارات النارية». في هذه الأثناء، طالب نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي بتشكيل قوة لحماية أهالي الأعظمية، وقال في بيان أن «ما حدث أمس من حرق وتدمير وتكسير واعتداءات على مواطني المدينة من ميليشيات طائفية استغلت مناسبة الزيارة، أمر لا يمكن السكوت عنه»، مضيفاً الأمر «يكشف أن هذه الفئة الخارجة عن القانون ومقومات المواطنة تضمر الشر وسوء النية ليس لأبناء الأعظمية فحسب بل للعراق كله». وطالب العبادي ب «تشكيل فوج من أهالي الأعظمية ذات الغالبية السنّية لحماية مقدساتهم التي انتهكها الخارجون عن القانون»، مشدداً على ضرورة «التفكير جدياً بإبعاد خط سير الزوار الشيعة في المناسبات الدينية عن الأعظمية كي نمنع أن يستغل ذلك بأعمال لا تمت إلى جوهر الزيارة بصلة».