ابتعدت موجة التضخم المالي تماماً عن القارة الأوروبية حتى إشعار آخر، إلا أن الرواتب السويسرية تواصل ارتفاعها، لكن في صورة طفيفة تجعل من سويسرا السباقة أوروبياً في مجال تطوير سياسة الدفاع عن حقوق العمال على أراضيها. صحيح أن أسعار المواد الأولية، على رأسها النفط، تراجعت بشدة لكن "موقتاً"، وفق ما أفاد خبراء سويسريون، ما حض العديد من الشركات في دول الاتحاد الأوروبي على تجميد إستراتيجية رفع رواتب موظفيها. لكن على عكس ذلك، سيُلاحظ في سويسرا خلال العام الحالي الارتفاع في رواتب الموظفين، الذي سيراوح بين 0.5 في المئة في الكانتونات الصغيرة، و1.3 في المئة في الكبيرة، ونحو 1.8 في المئة في تلك ذات الأهمية التجارية المتوسطة. واللافت في الأمر أن نحو 85 في المئة من الشركات السويسرية لا ينظر حالياً إلى معادلة اليورو - الفرنك السويسري لرفع رواتب الموظفين، فهموم هذه الشركات تتمحور اليوم حول توطيد درجة التنافسية مهما كلف الأمر، ما يعني أن عمل الموظفين لأكثر من 45 ساعة أسبوعياً، ما قد يتطلب حضورهم إلى العمل يوم السبت أيضاً. ومقارنة بعام 2013، تُرصد اليوم زيادة مقبولة في رواتب الموظفين، فارتفعت الرواتب في قطاع التعليم مثلاً 1.7 في المئة، وفي قطاع التأمين 1.4 في المئة، وفي قطاع التقنيات المعلوماتية 1.2 في المئة، وفي القطاع الفندقي 1.1 في المئة، وفي قطاع التجارة واحد في المئة. لكن الرواتب في بعض القطاعات لم يشهد الزيادة المنشودة منذ العام 2013، فمثلاً زادت الرواتب في قطاعي الإعلام والاتصالات 0.9 في المئة فقط، وفي قطاع البناء 0.6 في المئة، وفي قطاع التجزئة 0.5 في المئة، وفي قطاع الصحة 0.1 في المئة فقط، في حين تراجع الرواتب في قطاع المواصلات 0.7 في المئة. ونظراً إلى المعارك الطاحنة التي يخوضها قطاع تصدير السلع السويسرية، ونظراً الى سياسة البنك المركزي السويسري وأسعار الصرف المتأرجحة، استبعد محللون أي زيادة على الرواتب السويسرية العام المقبل، لا سيما في قطاعات التجارة والفنادق والمطاعم. لكن القطاعات الهندسية والمعلوماتية، التي تعاني شحاً في عدد العمال، ستستمر في عرض رواتب مغرية على موظفيها، قد ترتفع 0.8 في المئة مقارنة بالعام الماضي. ويميز خبراء بين القطاعات الصناعية الحساسة، ومن ضمنها القطاعات العسكرية والفضائية التي ستواصل عرض رواتب ممتازة، وتلك الكلاسيكية التي قد تعاود انتعاشها لجهة زيادة الرواتب عام 2017. لكن في ما يتعلق بالقطاعات الحساسة، قد تصل هذه الزيادة إلى خمسة في المئة اعتماداً على الأنشطة التوسعية التي قد تلقى أحياناً عدداً قليلاً من العمال المجندين لديها. وهكذا، يتم اللجوء إلى عرض رواتب لإغراء العمال الأجانب الكفوئين قبل نظرائهم السويسريين.