طالما تميزت سويسرا عالمياً بسياسة حيادية ساعدتها على الصمود في وجه أزمة المال. لكن قوة الفرنك السويسري في الساحات المالية الدولية، لا تزال تعرقل تنشيط الحركة السياحية. ولافت أن هذا الانتعاش يسجل على فترات متقطعة لا تستغرق أكثر من أسبوعين أو ثلاثة، ليخيّم سكوت مقلق بين مشغلي القطاع السياحي المحلي. إذ تراجعت الحجوزات في الفنادق السويسرية الشهر الماضي بنسبة 1.7 في المئة، ليصل عددها إلى نحو 3.28 مليون. وتراجعت الحركة السياحية الوافدة من كتلة الاتحاد الأوروبي إلى سويسرا نحو 5 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وكذلك الحركة السياحية الدولية بنسبة 1.5 في المئة في الشهور ال 12 الماضية، فضلاً عن انخفاض حركة السياحة الداخلية نحو 2 في المئة. وسيدفع هذا التراجع، المؤسسات الفندقية الوطنية إلى مراجعة خططها وعروضها خصوصاً في فترة أعياد الميلاد ورأس السنة. وسيحصل ذلك طبعاً، على حساب الموظفين والعاملين في القطاع بتنفيذ موجة جديدة من التسريح من العمل. في المقابل، ستحافظ السياحة الاستشفائية، الأهم على الصعيد الوطني، على ثباتها السحري، طالما أن حركة الوافدين من دول كثيرة ومنها دول الخليج وشمال أفريقيا، مستمرة. وأشار مشغلون في القطاع، إلى أن حركة السياحة من ألمانيا تراجعت أكثر من 4.6 في المئة خلال سنة، وبالتالي حجوزات السياح الألمان، الذين يفضلون البقاء لفترة وجيزة فقط في سويسرا، نحو 8 في المئة. كما انخفض عدد السياح البريطانيين بنسبة 6.6 في المئة، والهولنديين 14 في المئة، والبلجيكيين 12 في المئة والفرنسيين 3.2 في المئة والإسبان 7 في المئة. فيما ازداد عدد السياح الروس 10 في المئة والإيطاليين 7 في المئة، والخليجيين نحو 3 في المئة. حجوزات الفنادق وعلى رغم انخفاض نسبة الحجوزات الفندقية 3.5 في المئة في الشهور ال 12 الأخيرة، أي نحو مليون، إلاّ أن محرك السياحة السويسري مستقر على ميزان له سلبياته وإيجابياته. ولتعزيز الإيجابيات، يراهن المشغلون اليوم على ما لا يتصل بأوروبا، في مقدمهم السياح الآسيويون والأفارقة والأميركيون اللاتينيون والخليجيون (تحديداً الإماراتيون). وللابتعاد موقتاً عن السياح الأوروبيين، الذين تراجع ادخارهم السنوي بعدما كان يخولهم السفر في شكل شبه منتظم، تسعى الإدارات الاقتصادية في كل كانتون في سويسرا وعددها 26، إلى إعادة إحياء وجودها السياحي على الساحة العالمية، من طريق الاستثمار في الإعلان على الصحف الإلكترونية والورقية السويسرية والأجنبية. ووصل الاستثمار الإعلاني لهذه الكانتونات، إلى أربعة ملايين فرنك سويسري. وتسعى الكانتونات، التي كانت المحرك الرئيس للسياحة، والتي تشهد اليوم تراجعاً واضحاً للقطاع، مثل جنيف وتيسين وغراوبوندن وبرن، إلى تنظيم برامج ومؤتمرات دولية ترمي إلى الحد من التدهور في قطاعها السياحي.