يمضي الزعماء السياسيون في بريطانيا الساعات الاخيرة من حملتهم اليوم (الأربعاء) عشية الانتخابات التي تحتدم فيها المنافسة بشكل غير مسبوق، ويصعب التكهن بنتائجها، إذ ان تشكيلة الحكومة المقبلة ستكون رهناً بتحالفات ومشاورات مكثفة. وفي حال فوز المحافظين قد يزيد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد أن وعد كاميرون بإجراء استفتاء حول العضوية في حلول 2017، لكن عدداً من قادة الشركات والمستثمرين حذروا من أن وصول "حزب العمال" المعارض الذي يقوده ايد ميليباند قد يضر باقتصاد البلاد الذي يعاني من عجز بنحو 90 بليون جنيه إسترليني. ومع استبعاد احتمال فوز أي من الحزبين الكبيرين بأغلبية تؤهله لتشكيل حكومة، وتزايد نفوذ الأحزاب الصغيرة، فانه من المرجح ان تكون هذه الانتخابات مؤشراً على تقلص سياسة الحزبين التقليدية في بريطانيا وصعود سياسة الاحزاب المتعددة المنتشرة في أوروبا. ووصف البروفيسور توني ترافيرز من كلية لندن للاقتصاد الانتخابات ب"الاستثنائية"، وتنبأ بأن تقود الى شكل من أشكال الحكومة المتعددة الأحزاب وربما أقل إستقراراً من تلك التي شكلت في 2010. ويتولى المحافظون السلطة في البلاد في حكومة ائتلاف مع الليبراليين الديموقراطيين الوسطيين منذ 2010. ويقترب كل من كاميرون وميليباند اللذان أظهرت استطلاعات الرأي تقارب الاصوات بينهما، من نهاية جولاتهما الانتخابية المرهقة في إطار مساعيهما الأخيرة لجذب أصوات الناخبين المترددين. ويصر كل من كاميرون وميليباند على أنهما يسعيان للحصول غالبية واضحة في مجلس العموم المكون من 650 مقعداً تمكنهما من الحكم منفردين، لكن الأنظار تتوجه إلى التحالفات الممكنة مع أحزاب أصغر. وأقر كاميرون على ما يبدو بامكانية عقد ائتلاف جديد او تشكيل حكومة اقلية. وقال، ان "الناس يعرفون انه في 2010 لم نحصل على غالبية، وضعت البلاد اولاً، شكلت حكومة ائتلاف للمرة الأولى منذ 70 عاماً لأنني اردت ان آتي بحكومة قوية ومستقرة". ويبدو أن المحافظين يتجهون للتحالف مع الليبراليين الديموقراطيين بزعامة نيك كليغ، الذي يشكلون معه حكومة ائتلاف منذ 2010. وفيما استبعد ميليباند أي صفقة رسمية مع "الحزب القومي الاسكتلندي" المؤيد للاستقلال، يعتقد أن الحزب يمكنه أنه يشكل حكومة اقلية مع "حزب العمال". وترك الليبراليون الديموقراطيون الاحتمالات مفتوحة أمام دعم "المحافظين" او "العمال"، وقال القوميون الاسكتلنديون انهم لن يدعموا "المحافظين"، فيما يبدو من غير المرجح فوز "حزب الاستقلال البريطاني" المعارض للاتحاد الأوروبي بأكثر من بضعة مقاعد. والأمر الوحيد المؤكد هو أن "الحزب القومي الاسكتلندي" سيحقق مكاسب كبيرة وسيفوز بغالبية المقاعد في اسكتلندا على حساب "العمال"، مما سيجلب تغييراً على المشهد السياسي البريطاني ويزيد من احتمالات استقلال اسكتلندا. وتفتح مراكز الاقتراع أبوابها صباح يوم الخميس، وتبدأ النتائج الأولية بالظهور حوالي منتصف الليل، فيما يتوقع صدور النتائج النهائية بعد ظهر الجمعة. ويدلي البريطانيون باصواتهم في نحو 50 ألف مركز اقتراع منتشرة في كافة أنحاء بريطانيا وفي أماكن غير اعتيادية مثل الحانات ومنازل نقالة ومرائب سيارات. وتم تسليم أولى صناديق الاقتراع إلى المناطق نائية من بريطانيا مثل جزيرة راثلين قبالة السواحل الشمالية الشرقية لآيرلندا الشمالية. وفي آخر استطلاع للرأي اجرته "بي.بي.سي" حصل "حزب المحافظين" على 34 في المئة من الاصوات يليه "العمال" مع 33 في المئة و"حزب الاستقلال البريطاني" على 14 في المئة و"الليبرالي الديموقراطي" على 8 في المئة فقط. غير أن تلك النسب ليست مؤشراً جيداً لنتائج الانتخابات في بريطانيا بسبب النظام الذي يحتسب النتائج فقط في الدوائر المنفردة وليس في التصويت الإجمالي.