يدعى البريطانيون للإدلاء بأصواتهم بعد شهر في انتخابات تشريعية تبدو محتدمة للغاية وتحمل في طياتها تغييرات عميقة، مع اختفاء الثنائية الحزبية التي كان يعتقد أنها متجذرة مثل الملكية ليأتي زمن التحالفات المرادفة لمساومات مكثفة وأحياناً لزعزعة الاستقرار. ويوقظ اقتراع السابع من مايو المقبل خطر خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إضافة إلى أن البلاد مهددة بالانفجار في الداخل، كما يرى المحللون الذين يشيرون في الوقت الحاضر إلى أمرين مؤكدين: فلا المحافظون ولا العماليون، الذين يسجلون تراجعاً بعد أن هيمنوا لفترة طويلة على المشهد السياسي، في موقع يمكنهم انتزاع الغالبية المطلقة ل 326 مقعداً من أصل 650 في مجلس العموم. والتنافس على منصب رئيس الوزراء ينحصر بين رجلين: رئيس الحكومة المحافظ ديفيد كاميرون المرشح لولاية ثانية من خمس سنوات وزعيم المعارضة العمالية اد ميليباند. ورغم المجازفة بإضعاف موقعهما سيتعين على كاميرون و ميليباند السعي إلى بناء تحالفات مريبة أحياناً مع تشكيل أو تشكيلات عدة ثانوية. فمن المحتمل أن يجدد الليبراليون الديموقراطيون الذين يخرجون من خمس سنوات من ائتلاف صعب مع المحافظين تحالفهما أو توقيع تحالف سياسي جديد مع حزب العمال. ويفكر الانفصاليون الأسكتلنديون في الحزب الوطني الأسكتلندي وحزب ويلز أو الخضر أيضاً بتحالف في اليسار. وفي تعليق على هذا الوضع المعقد، قال سايمون هيكس الخبير السياسي في كلية لندن للاقتصاد «أصبحنا فعلياً في نظام متعدد الأحزاب». وخلفه الخارطة الانتخابية بألوان قوس قزح بعد أن كانت تقليدياً بلونين الأحمر (حزب العمال) والأزرق (حزب المحافظين). ويرى توني ترافرز الخبير أيضاً في الجامعة نفسها أن صعود القوميين سيسرع التغيير «نحو دولة شبه فيدرالية» للمملكة المتحدة تضم إنجلترا وأسكتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية. واقتراع السابع من مايو قد ينطوي أيضاً على عنصر متغير لافت آخر، لاسيما أن ديفيد كاميرون وعد تحت ضغط المشككين بأوروبا في حال فوزه بتنظيم استفتاء حول بقاء البلاد أم لا في الاتحاد الأوروبي بحلول 2017. وعلى المدى الأطول ترتسم ملامح استفتاء ثانٍ مع أو بدون ائتلاف العماليين والحزب الوطني الاسكتلندي، الذي وصفته بعض وسائل الإعلام ب «تحالف فرنكنشتاين». وأوضح توني ترافرز «أن الهدف الرئيس (للحزب الوطني الأسكتلندي) ليس المشاركة في حكومة مستقرة بالمملكة المتحدة، بل الحصول على استفتاء آخر حول الاستقلال». يبقى سيناريو التحطيم سياسياً. ولفت هيكس إلى أن ديفيد كاميرون ليس في مركز مضمون «فهو سيرحل إن هزم» وسيلقى صعوبة في البقاء إن فاز بفارق ضئيل. ويرى أن اد ميليباند سيدفع أيضاً نحو الخروج «إن لم يتمكن من الفوز في الانتخابات بعد خمس سنوات من سياسة التقشف» التي انتهجها المحافظون. ورأى ترافرز أن الخيار الصعب بين اليمين واليسار والمسار السياسي لنيك كليغ زعيم الليبراليين الديمقراطيين سينتفي في حال هزيمته في دائرته شيفيلد. وقبل شهر من الاستحقاق الانتخابي يتساوى المحافظون والعماليون تقريباً بحصولهما على 34% و33% من نيات التصويت بحسب معدل وسطي لاستطلاعات الرأي احتسبته بي بي سي.