سمحت الولاياتالمتحدة أمس (الثلثاء) بتسيير رحلات لعبارات تجارية الى كوبا للمرة الأولى منذ 50 عاماً، ما يشكل خطوة كبرى جديدة نحو تحسين العلاقات بين البلدين. ورفعت وزارة الخزانة الأميركية حظراً كان سارياً منذ عقود، وأعلنت أربع شركات على الأقل في فلوريدا انها حصلت على تراخيص لنقل ركاب إلى الجزيرة "الشيوعية"، في ما اعتبرته "حدثاً تاريخياً". ويأتي هذا التطور ليضاف إلى رحلات التشارتر التي أجيزت، حتى الآن، من أجل مساعدة الكوبيين الأميركيين على زيارة أسرهم. وسيسمح للعبارات بنقل مواد شحن إلى كوبا التي تبعد 150 كلم عن السواحل الجنوبية للولايات المتحدة. وأكدت أربع شركات تلقي تراخيص من مكتب مراقبة الممتلكات الأجنبية في وزارة الخزانة لتسيير عبارات بين البلدين. وصرح رئيس شركة "اميركاز" لخدمات الشحن ومقرها ميامي جوزف هينسون بأن "قرار اليوم هو خطوة كبيرة إلى الأمام". وأعلنت شركة "هافانا فيري بارتنرز من فورت لودردايل" في فلوريدا على "فايسبوك" أنها حصلت أيضاً على ترخيص من وزارة المال لتسيير رحلات بواسطة عبارات انطلاقاً من أربعة مرافئ في فلوريدا". وكتبت الشركة انه "حدث تاريخي. نشكر الرئيس باراك أوباما ونحن ممتنون لقيادته". واكدت شركتان أخريان هما "يونايتد كاريبيان لاينز" و"ايرلاين بروكرز" حصولهما على تراخيص. لكن هينسون أشار إلى أن الرحلة الأولى ستستغرق وقتاً، لأنه لا يزال من الضروري الحصول على تراخيص أخرى من سلطات البلدين. وكان لا بد أن يندرج الأميركيون الراغبون في زيارة كوبا ضمن واحدة من الفئات ال 12 المحددة ضمن اتفاق تخفيف العقوبات الأميركية المفروضة على كوبا الذي أعلنه البيت الأبيض في كانون الأول (ديسمبر)، وهي تشمل زيارة الأسر والمهام الحكومية الرسمية والمشاريع الإنسانية والتجمعات الرياضية. وشهد عدد الأميركيين المتوجهين إلى كوبا زيادة في السنوات الأخيرة، على رغم الحظر المفروض على الجزيرة، كما أن قسما كبيراً منهم يسافر عبر دول ثالثة. وكانت شركة "جيت بلو الاميركية" للطيران أعلنت أمس، في قرار منفصل لا علاقة له بقرار وزارة الخزانة الأميركية، أنها ستبدأ رحلات تشارتر مباشرة إلى هافانا من نيويورك التي تحتل المرتبة الثانية بعد فلوريدا من حيث عدد السكان المتحدرين من أصل كوبي. وكان أوباما ونظيره الكوبي راوول كاسترو أعلنا في 17 كانون الأول (ديسمبر) عام 2014 انفراجاً بين البلدين، شمل رفع قيود على السفر وبعض المجالات التجارية في خطوة أولى لتطبيع العلاقات بينهما. وعقد الرئيسان اجتماعاً طيلة ساعة على هامش قمة الأميركيتين في نيسان (أبريل). وكانت العلاقات الديبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ 1961، لكنهما يقيمان منذ 1977 مكتبين لرعاية المصالح هما بمثابة بعثتين ديبلوماسيتين. وكانت كوبا مدرجة على اللائحة الاميركية السوداء إلى جانب سورية والسودان وإيران، إذ أدرجتها إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان لدعمها الانفصاليين الباسك في منظمة "ايتا" والمتمردين في حركة القوات المسلحة الثورية "فارك" في كولومبيا. وفي شطبت منها فقد تتمكن من جديد أن تطالب بتمويلات من هيئات دولية وفتح سفارة في الولاياتالمتحدة أو الوصول أيضاً إلى النظام المصرفي الأميركي، وهو ما من شأنه أن يمهد الطريق لرفع محتمل للحظر الاقتصادي المضروب على كوبا منذ عام 1962. وكانت عملية التطبيع التاريخية بين كوباوالولاياتالمتحدة بدأت في سرية تامة قبل نحو عامين ضمن مفاوضات سرية جرت من ربيع 2013 إلى خريف 2014 برعاية الفاتيكان وكندا.