توعد تنظيم «داعش» بعد تنفيذه هجومه الأول في الولاياتالمتحدة، مستهدفاً معرضاً لرسوم كاريكاتورية مسيئة للإسلام في مدينة غارلاند بولاية تكساس، بمزيد من الهجمات. وأفاد التنظيم في نشرته اليومية: «نقول للولايات المتحدة إن القادم أدهى وأمرّ. سترون ما يسوؤكم من جنودنا»، مقراً بقتل الشرطة الأميركية منفذي الهجوم ألتون سيمبسون البالغ 31 من العمر ونادر صوفي (34 سنة) بالرصاص. في المقابل، لم يُظهر مسلمون يؤدون الصلاة في مسجد مكة الصغير قرب موقع الهجوم في تكساس أي تعاطف مع المسلحَين القتيلين. وقال محمد غوتبري، وهو متقاعد يقيم في شمال ولاية تكساس: «الأمر محبط، لأن حرية التعبير شيء جيد جداً، ولكن لا يجب أن تستخدم للسخرية من الناس، أو كإشارة إلى عدم الاحترام». وعلِمَ المسلمون في غارلاند بتنظيم مجموعة «المبادرة الأميركية للدفاع عن الحرية» المعرض، والتي توصف بأنها «جماعة تحض على الكراهية، وتديرها باميلا غيلر المعروفة بمواقفها الاستفزازية. لكنهم نأوا بنفسهم عن الحدث في انتظار أن ينتهي. وقال صديق مون، وهو صاحب شركة في شمال تكساس: «لم يكن يستحق الأمر حتى الاحتجاج». وتابع: «لا أشعر بالحزن على المسلحين القتيلين، بل أشفق على آبائهما». وأفاد فرع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، أكبر منظمة في الولاياتالمتحدة للدفاع عن الحقوق المدنية والدفاع عن المسلمين في دالاس: «نؤكد مجدداً أن الجالية المسلمة الأميركية تؤيد حرية التعبير وحتى الخطاب المتعصب، وترفض الإرهاب في كل صوره». لكن لا يخفى أن المشاعر المعادية للإسلام تزداد في أنحاء الولاياتالمتحدة وبينها تكساس، حيث ينظر ناس كثيرون إلى الإسلام كعدو. وفي متجر «سامز كلوب» المجاور لمركز المعارض في غارلاند، قال جيمي هانكس (42 سنة)، وهو محارب معوّق خدم في البوسنة، إن «الإسلام يهدد الولاياتالمتحدة، لذا سنرى مزيداً من الهجمات التي يشنها متشددون على أراضينا». إلى ذلك، كشفت وثائق قضائية عن أن مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) راقب سيمبسون ثلاث سنوات في 2011، بعدما رفع عناصر من المكتب إلى القضاء تسجيلات محادثات بينه وبين مخبر ناقشا فيها السفر إلى الصومال للالتحاق بجهاديين. لكن الادعاء عجز عن إثبات ارتكاب سيمبسون جرماً على علاقة بالإرهاب، على رغم أنه أقرّ بأنه كذب على المحققين حين نفى مناقشته فكرة الذهاب إلى الصومال. وقال والد إلتون سيمبسون: «كان خيار إلتون سيئاً بعدما عمل في عيادة لطب الأسنان، مضيفاً: «نحن أميركيون ونؤمن بأميركا. ما نفذه ابني يعكس صورة سيئة جداً عن عائلتي». وصرح حاكم تكساس، غريغ أبوت، بأن المحققين يدرسون علاقات المهاجمين بنشاطات إرهابية منظمة، فيما قارن معلقون هذا الحدث بالهجوم الذي استهدف مقر صحيفة «شارلي إيبدو» الفرنسية الساخرة في باريس في كانون الثاني (يناير) الماضي، حين قتل 12 شخصاً وجرح 11. وفي مقابلة مع قناة «بي بي أس» الأميركية، اعتبر الناقد السينمائي جان باتيست توريه الذي نجا من هجوم باريس لوصوله متأخراً إلى العمل أن لا مجال للمقارنة بين العمليتين. وقال: «هناك حركة مناهضة للإسلام نوعاً ما في تكساس. أما مشكلة شارلي إيبدو فليست مماثلة إطلاقاً». بدوره، قال رئيس تحرير «شارلي إيبدو» جيرار بيار: «نحن لا ننظم مسابقات، بل نكتفي بأداء عملنا، ونعلق على الأخبار». وكرر الأمين العام للأمم المتحدة بأن «أعمالاً إجرامية كهذه لا علاقة لها بالدين أو المعتقدات، ويجب الدفاع عن الأفكار بالحوار الديموقراطي والنقاش، إذ لا تبرير للعنف». واعتبر الرسام بوش فوستين، الذي فازت لوحته بمسابقة تكساس، أن إقدام الشرطة على قتل مسلحين خارج مكان العرض كان عدلاً. أميركا أقل خطراً وفيما يجسد الهجوم الفاشل في تكساس الخطر القائم الذي يشكله المتطرفون داخل الولاياتالمتحدة والصعوبات التي تواجه السلطات في محاولة وقفهم، رأى ماكس أبراهامز، الأستاذ المساعد في العلوم السياسية بجامعة «نورث إيسترن»، أنه «على رغم توسع الخطر المحلي، ما زال أقل منه في أوروبا، وأحد أسباب ذلك، وربما أهمها، هو أن مسلمي أميركا سعداء نسبياً، وأفضل اندماجاً ويسراً من نظرائهم في أوروبا». لكنه استدرك أن «نشاطات مثل معرض الرسوم الكاركاتورية في تكساس تهدد باستعداء بعض المسلمين وإثارة رد فعل عنيف، وبالتالي جهودنا لمكافحة الإرهاب». وللتعامل مع الخطر المحلي، تعتمد السلطات الأميركية طريقتين، أولهما عمليات سرية عبر عملاء متخفين من «أف بي آي» أو اعتقال مشبوهين بتهم لا علاقة لها بالإرهاب على غرار قانون الهجرة أو الضرائب. وأدت العمليات السرية إلى عدد من التوقيفات والإدانات، لكنها أثارت الانتقادات أيضاً، حيث تساءلت مجموعات الحريات المدنية إذا كانت الشرطة الفيديرالية تعمدت «الإيقاع» بأشخاص لم تكن لديهم خطط ملموسة أو وسائل لتنفيذ هجوم.